استعمال ألفاظ غير مأثورة لتسوية الصفوف
الذي يظهر لي أن الألفاظ التي استعملها النبي عليه الصلاة والسلام حين كان يأمر أصحابه بتسوية الصفوف ليست تعبدية بل يمكن التعبير عن المعنى بما يفهمه الحاضرون وإن كان الأولى استعمال الألفاظ النبوية وتعويد الناس عليها
ومن تتبع ما جاء عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب وجد منهم من يتقيد بصيغة مرفوعة ومنهم من لا يتقيدون حرفيا بالصيغ المرفوعة وإن كانوا يعبرون بالمعنى فكان علي رضي الله عنه يقول : (استووا تستو قلوبكم وتراصوا تراحموا ) ونحوه ما جاء عن ابن عباس وغيره .
وموضوع التعبدية وعدمه يجرنا إلى ست مسائل بدت لي بالتأمل ،والظاهر جواز كل ذلك كما أسلفت :
1) يجوز التلفيق بين الصيغ فيأخذ جملة من صيغة وجملة من صيغة ، وظاهر المروي عن عثمان رضي الله عنه جواز ذلك فقد كان يقول : (استووا وحاذوا بين المناكب فإن من تمام الصلاة إقامة الصف ) والصيغة هكذا كاملة لم ترد مرفوعة وإنما هي تلفيق بين صيغتين.
2) يجوز اختصار الصيغ بأن يقتصر مثلا على قول ( استووا ) مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتصر عليها ، وظاهر المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه جواز ذلك فقد كان يقول : ( سووا صفوفكم )، ولم ترد مرفوعة مقتصرا عليها
مع مراعاة أن بعض الصيغ لا بد من اختصارها لاشتمالها على ما هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أعني صيغة { أقيموا صفوفكم وتراصوا ، فإني أراكم من وراء ظهري }
3) يجوز الزيادة على الصيغة الواردة بأن يذكرها ويضيف إليها في أثنائها أو بعدها كلمة أو جملة
4) يجوز تكرار الصيغ الواردة كأن يقول (أتموا الصفوف) مرتين أو ثلاثا
5) حيث إن الغرض تسوية الصف فإذا كان الصف مستويا وكان الإمام متأكدا من استواء الصف لكونه يصلي بشخصين أو ثلاثة ونحوهم ويراهم مستوين ، فهل الأفضل هنا أن يقول استووا ونحوها اتباعا للسنة أو يتركها لحصول المقصود بدونها ؟ أنا أميل إلى قولها ولو كانوا مستوين
6) يجوز ترجمة معاني الصيغ المأثورة إلى العامية أو إلى لغة أخرى إذا كان يصلي بقوم أعاجم فالغرض تفهيمهم ، بل أظن أن ترجمة المعنى وتفهيمهم حتى يقيموا الصف أولى من التعبير بالعربية التي لا يفهمونها فيبقى الصف معوجا لأن مراعاة المقاصد أولى من مراعاة الوسائل
|