أسانيد القراءات العشر المتواترة ترجع إلى ثمانية من الصحابة رضي الله عنهم.
قال الحافظ الذهبي : الذين عرضوا القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عثمان بن عفان
وعلي بن أبي طالب
وأبي بن كعب
وعبد الله بن مسعود
وزيد بن ثابت
وأبو موسى الأشعري
وأبو الدرداء رضي الله عنهم
فهؤلاء الذين بلغنا أنهم حفظوا القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذ عنهم عرضا وعليهم دارت أسانيد قراءة الأئمة العشرة.
وقد جمع غيرهم من الصحابة
كمعاذ بن جبل
وأبي زيد
وسالم مولى أبي حذيفة
وعبد الله بن عمرو
وعقبة بن عامر رضي الله عنهم
ولكن لم تتصل بنا قراءتهم (1).
قلت : لم يذكر الذهبي رحمه الله عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، مع أن بعض أسانيد:
نافع
وابن كثير
وأبي عمرو
وحمزة
والكسائي ترجع إليه.
كقراءة ابن كثير على ابن السائب وهو قرأ على عمر
وكقراءة أبي عمرو على أبي العالية وهو قرأ على عمر
ولعله ترك ذكره سهوا
وكذلك فإن هشام بن عمار(2) وعبد الله بن ذكوان قرءا على أيوب بن تميم الذي قرأ على يحيى الذماري الذي قرأ على ابن عامر وعلى واثلة بن الأسقع (3)رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (4) .
ويستفاد من كلام الذهبي أن الذين قرؤوا القرآن كله على النبي صلى الله عليه وسلم لاينحصرون في أربعة
وكذلك قال الخطابي (5): إن أصحاب القراءات من أهل الحجاز والشام والعراق كل منهم عزا قراءته التي اختارها إلى رجل من الصحابة قرأها على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستثن من جملة القرآن شيئا:
فأسند عاصم قراءته إلى أبي ،
وكذلك أبو عمرو بن العلاء أسند قراءته إلى أبي ،
وأما عبد الله بن عامر فإنه أسند قراءته إلى عثمان ،
وهؤلاء كلهم يقولون قرأنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأسانيد هذه القراءات متصلة ورجالها ثقات (6) .
وأما قول أنس رضي الله عنه : جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار : أبي ومعاذ ابن جبل وأبو زيد وزيد بن ثابت (7)،
وفي لفظ : مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد (8)،
فلا يفيد انحصار حفاظ القرآن في أربعة أو خمسة بل بالغ الإمام المازري فجعله قول الملاحدة وقال ادعى الملاحدة أنه لم يحفظ القرآن من الصحابة إلا أربعة أو خمسة
وقد أجاب الأئمة عن حديث أنس بأجوبة:
منها: عدم إرادة الحصر بدليل أنه ذكر أبي بن كعب مكان أبي الدرداء،
وبدليل أن إحدى الروايتين لا حصر فيها،
والرواية التي فيها الحصر ليس فيها أبي بن كعب وهو أقرأ الأمة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك أيضا مما يدل على أنه لا يريد الحصر:
أن هناك امرأة من الصحابيات جمعت القرآن وليست معدودة من هؤلاء، فقد روى أبو سعد في الطبقات بسنده عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، ويسميها الشهيدة وكانت قد جمعت القرآن وهي التي أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤم أهل دارها، ومنها أن أنسا أراد أنه لا يعلم سواهم ، ولا يلزم من عدم علمه عدم علم غيره.
ومنها أن هؤلاء الأربعة جمعوا جميع وجوه القراءات وغيرهم حفظه كله ببعض وجوه القراءات لا كلها.
ومنها أن المراد بالجمع حفظ كل القرآن بما فيه آخر آية نزلت ، والباقون حفظوه كله إلا آخر الآيات نزولا توفي النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحفظوها أو قبل أن يقرؤوها عليه ، ثم حفظوها بعد وفاته وقرؤوها على أصحابه ، لأنه قتل في خلافة أبي بكر رضي الله عنه يوم اليمامة سبعون من القراء ، وقتل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يوم بئر معونة مثلهم مما يدل على كثرة قراء الصحابة . (9)
___________________________ (1) معرفة القراء الكبار 1/24 (2) هشام بن عمار بن نصير(153-245) مقرئ الشام ومحدثها وخطيبها في زمانه . التقريب 2/320 (3) واثلة بن الأسقع بن كعب الليثي صحابي نزل الشام توفي سنة 85 وله مائة وخمس سنين . الإصابة 3/643 (4) غاية النهاية 2/358 (5) حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي علامة محدث رحال روي عنه الحاكم أقام بنيسابور و توفي ببست سنة 388 . تذكرة الحفاظ 3/1019 (6) نقله عنه القرطبي في تفسيره 1/59 (7) صحيح البخاري برقم (3810) عن أنس رضي الله عنه (8) صحيح البخاري برقم (5004) عن أنس رضي الله عنه أيضا (9) انظر الإتقان 1/70- 72
|