هل قرأ النبي صلى الله عليه وسلم ختمة كاملة بكل وجه من وجوه القراءات المروية في القراءات والروايات والطرق ؟
6428 زائر
20-11-2015
فضيلة الشيخ د. وليد بن إدريس المنيسي
هل قرأ النبي صلى الله عليه وسلم ختمة كاملة بكل وجه من وجوه القراءات المروية في القراءات والروايات والطرق ؟
الجواب عن هذا السؤال: هو أن الاختلاف بين القراءات أو الروايات أو الطرق نوعان :
1) النوع الأول : الاختلاف في فرش الحروف وهو اختلاف النقط والتشكيل وزيادة حرف أو نقصانه وتقديم حرف أو تأخيره ونحو ذلك وفي هذا نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ كل لفظة مختلف في فرش حروفها مثل (ملك يوم الدين ) و (مالك يوم الدين ) ومثل (تعملون ) و (يعملون ) ونحوه بجميع ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من الأوجه ، ومما يفيد أن النبي عليه الصلاة والسلام قرأ وأقرأ أصحابه بقراءات مختلفة هذه الأحاديث : عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه : قال أَقرَأَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتاءِ يعني الفَوقِيَّةَ [في قولِه تَعالى { فَلْيَفْرَحُوا } ] . ( 1) عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه : أقرأَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ . (2 ) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أقرأني رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم { إني أنا الرزاق ذو القوة المتين }. ( 3)
2) النوع الثاني : الاختلاف في الأصول وهو الاختلاف في المدود والغنن والإمالات والإدغامات ونحو ذلك وهذه الأصول مردها إلى اختلاف لهجات القبائل العربية ، وفي هذا نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بكل وجه من هذه الوجوه بعض القرآن على الأقل أو قرئ عليه به فأقره وأذن فيه ، وهذه الأصول تكون قواعد مطردة فيلحق فيها النظير بنظيره ، فهذه الأصول متلقاة عن النبي صلى الله عليه وسلم إجمالا ، ولكن ليس بالضرورة أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأ كل مد منفصل في القرآن مثلا مرة بحركتين ومرة بثلاث حركات ومرة بأربع حركات ومرة بخمس حركات ومرة بست حركات بلا سكت ومرة بست حركات مع السكت. ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما كيفيات الأداء مثل تليين الهمزة ، ومثل الإمالة ، والإدغام = فهذه مما يسوغ للصحابة أن يقرأوا فيها بلغاتهم لا يجب أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بهذه الوجوه المتنوعة كلها ، بل القطع بانتفاء هذا أولى من القطع بثبوته . (4) مع العلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ على جبريل عليه السلام ختمة في كل رمضان ، أما ما يتعلق بكيفية قراءة النبي عليه الصلاة والسلام على جبريل عليه السلام وهل كانت إفرادا لوجه من وجوه القراءة أو جمعا بين وجوه القراءة فقال الإمام أبو عمرو الداني .( 5) : وجه الاختلاف في القراءات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل عليه السلام في كل عام عرضة فلما كان العام الذي توفي فيه عرضه عليه عرضتين فكان جبريل عليه السلام يأخذ عليه في كل عرضة بوجه وقراءة من هذه الأوجه و القراءات المختلفة و لذلك قال صلى الله عليه وسلم إن القرآن أنزل عليها و إنها كلها كاف شاف و أباح لأمته القراءة بما شاءت منه مع الإيمان بجميعها و الإقرار بكلها إذ كانت كلها من عند الله تعالى منزلة ومنه مأخوذة ، و لم يلزم أمته حفظها كلها و لا القراءة بأجمعها بل هي مخيرة في القراءة بأي حرف شاءت كتخييرها إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة أن تكفر بأي الكفارت شاءت .(6 ) ، قلت : و ما ذكره الإمام الداني من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ على جبريل عليه السلام في كل عام بوجه واحد أو بقراءة واحدة خالفه فيه الحافظ ابن حجر ورجح أنه صلى الله عليه كان يقرأ على جبريل في كل عام بجميع الأوجه المنزلة .( 7) وما ذكره الحافظ ابن حجر يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع القراءات في عرضته على جبريل عليه السلام كل سنة بكيفية ما من كيفيات جمع القراءات ، والله تعالى أعلم .
( 1) الشوكاني فتح القدير 2- 635
( 2) عمدة التفسير 1-807 وصححه المؤلف الشيخ أحمد شاكر
(3 )سنن أبي داود - الرقم: 3993 ، وسنن الترمذي – الرقم 2940
(4) جامع المسائل ـ للإمام ابن تيمية رحمه الله ـ المجموعة الأولى ص112
( 5)* عثمان بن سعيد أبوعمرو الداني الحافظ شيخ الإسلام الأموي مولاهم القرطبي المقرئ صاحب التصانيف المشهورة كالتسير و المكتفي ولد سنة 371 و توفي سنة 444 تذكرة الحفاظ 3/1120
( 6)جامع البيان صفحة ٢٩ تحقيق الشيخ محمد صدوق طبعة دار الكتب العلمية
(7)انظر فتح الباري كتاب الصيام في شرح الحديث رقم (1902 )