ذهب الجمهور إلى أن المصائب تكفر السيئات ويثاب عليها الإنسان أيضا.
وذهب الإمام العز بن عبد السلام وشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٣-٣٦٣) إلى أن المصائب مكفرات فقط ، وأما الثواب فيكون على الصبر عليها.
وذهب الإمام ابن القيم في كتابه عدة الصابرين إلى التفصيل بين ما يكون من فعل العبد كالخروج للجهاد وما يصاحبه من تعب وجروح وأسر فهي مثيبات ومكفرات، وأما إن كانت من غير فعله كما لو مرض أو افتقر أو توفي له ابن فهي مكفرات فقط، ولا يثاب عليه إلا إذا صبر.
وقد تكلم أهل العلم في مسألة متعلقة بذلك وهي : هل الشكوى من الألم تمنع تكفير البلاء للذنب ؟
والصواب: أنه إذا لم يصاحبها تسخط على القدر أو اعتراض على الله تبارك وتعالى فإنها لا تمنع تكفير البلاء لذنوبه ومن النافع أن أنقل هنا قول الإمام القرطبي قال رحمه الله : اختلف الناس في هذا الباب، والتحقيق أن الألم لا يقدر أحد على رفعه، والنفوس مجبولة على وجدان ذلك فلا يستطاع تغييرها عما جبلت عليه، وإنما كلف العبد أن لا يقع منه في حال المصيبة ما له سبيل إلى تركه كالمبالغة في التأوه والجزع الزائد، كأن من فعل ذلك خرج عن معاني أهل الصبر، وأما مجرد التشكي فليس مذموما حتى يحصل التسخط للمقدور، وقد اتفقوا على كراهة شكوى العبد ربه، وشكواه إنما هو ذكره للناس على سبيل التضجر. اهـ.
وأما حكم التسخط على القدر فمنه ما هو كفر ومنه ما ليس بكفر؛ فما كان منه كفرا أحبط عمله وإذا حبط عمله حبط ما ناله من تكفير ذنوب وإثابة بسبب البلاء.
ومن المفيد هنا نقل كلام شيخنا العلامة ابن عثيمين قال رحمه الله :
التسخط على أنواع: النوع الأول: أن يكون بالقلب، كأن يتسخط على ربه، يغتاظ مما قدَّره الله عليه، فهذا حرام، وقد يؤدي إلى الكفر، قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ. {الحج: 11}. النوع الثاني: أن يكون باللسان، كالدعاء بالويل والثبور، وما أشبه ذلك، وهذا حرام. النوع الثالث: أن يكون بالجوارح، كلطم الخدود وشق الجيوب ونتف الشعور، وما أشبه ذلك، وكل هذا حرام مناف للصبر الواجب. اهـ.
|