فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ تواتر الأسانيد القرآنية => ركــــن الـمـقـالات ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب الدرس الثاني تفسير آية ٥٦{إِن اللَّهَ وملائكته يصلون على النبيِ} => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب الدرس الثالث تفسير آية ٥٦{إِن اللَّهَ وملائكته يصلون على النبيِ} => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب الدرس الرابع تفسير آية ٥٦{إِن اللَّهَ وملائكته يصلون على النبيِ} => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب الدرس الخامس تفسير آية ٥٦{إِن اللَّهَ وملائكته يصلون على النبيِ} => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٥٧ إلى ٦٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٦٣ إلى ٧١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الآيتين الأخيرتين من سورة الأحزاب ٧٢ و٧٣ من تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله الآيات من ١- ١١ من سورة سبأ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله الآيات من ١٢-١٤ من سورة سبأ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله الآيات من ١٥-١٩ من سورة سبأ => تفسير ابن كثير ۞ مَثَلُ المُؤمن خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ بيوت الجنة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ شعب الإيمان وفضائل شعبان خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ أيامًا معدودات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ دعوة الصائم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ رضيت بالله ربا خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ فهو على نور من ربه خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ كفى بالموت واعظًا خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ وعودٌ ربانيَّة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ أثر أركان الإيمان في تزكية النفس خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الرحمة المنيفة => كتب الشيخ ۞ الذين هم فى صلاتهم خاشعون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله الآيات من ٢٠-٢٧ من سورة سبأ => تفسير ابن كثير ۞ فضائل يوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٥هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي بمسجد دار الفاروق ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 1 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 2 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 3 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 4 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 5 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 6 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

السادس عشر: من قوله: (فصل: وأما في طرق الإثبات) إلى قوله: (ولا إثباته والله أعلم

السادس عشر: من قوله: (فصل: وأما في طرق الإثبات) إلى قوله: (ولا إثباته والله أعلم
453 زائر
23-11-2015
HTML Editor - Full Version

فَصْلٌ

وَأَمَّا فِي طُرُقِ الْإِثْبَاتِ:

فَمَعْلُومٌ أَيْضًا أَنَّ الْمُثْبَتَ لَا يَكْفِي فِي إثْبَاتِهِ مُجَرَّدُ نَفْيِ التَّشْبِيهِ؛ إذْ لَوْ كَفَى فِي إثْبَاتِهِ مُجَرَّدُ نَفْيِ التَّشْبِيهِ لَجَازَ أَنْ يُوصَفَ سُبْحَانَهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ وَالْأَفْعَالِ بِمَا لَا يَكَادُ يُحْصَى مِمَّا هُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ - مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ، وَأَنْ يُوصَفَ بِالنَّقَائِصِ الَّتِي لَا تَجُوزُ عَلَيْهِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ.

كَمَا لَوْ وَصَفَهُ مُفْتَرٍ عَلَيْهِ بِالْبُكَاءِ وَالْحُزْنِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ.

وَكَمَا لَوْ قَالَ الْمُفْتَرِي: يَأْكُلُ لَا كَأَكْلِ الْعِبَادِ، وَيَشْرَبُ لَا كَشُرْبِهِمْ، وَيَبْكِي وَيَحْزَنُ لَا كَبُكَائِهِمْ وَلَا حُزْنِهِمْ.

كَمَا يُقَالُ: يَضْحَكُ لَا كَضَحِكِهِمْ، وَيَفْرَحُ لَا كَفَرَحِهِمْ، وَيَتَكَلَّمُ لَا كَكَلَامِهِمْ.

وَلَجَازَ أَنْ يُقَالَ: لَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ لَا كَأَعْضَائِهِمْ؟

كَمَا قِيلَ: لَهُ وَجْهٌ لَا كَوُجُوهِهِمْ وَيَدَانِ لَا كَأَيْدِيهِمْ.

حَتَّى يَذْكُرَ الْمَعِدَةَ وَالْأَمْعَاءَ وَالذَّكَرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَالَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

فَإِنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ نَفَى ذَلِكَ مَعَ إثْبَاتِ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الصِّفَاتِ:

مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا أَثْبَتَّهُ إذَا نَفَيْت التَّشْبِيهَ وَجَعَلْت مُجَرَّدَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ كَافِيًا فِي الْإِثْبَاتِ فَلَا بُدُّ مِنْ إثْبَاتِ فَرْقٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؟

فَإِنْ قَالَ: الْعُمْدَةُ فِي الْفَرْقِ هُوَ السَّمْعُ فَمَا جَاءَ بِهِ السَّمْعُ أَثْبَتَهُ دُونَ مَا لَمْ يَجِئْ بِهِ السَّمْعُ.

قِيلَ لَهُ:

أَوَّلًا: السَّمْعُ هُوَ خَبَرُ الصَّادِقِ عَمَّا هُوَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ، فَمَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ فَهُوَ حَقٌّ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ.

وَالْخَبَرُ دَلِيلٌ عَلَى الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَالدَّلِيلُ لَا يَنْعَكِسُ؛ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ فَمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ السَّمْعُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ بِهِ السَّمْعُ؛ إذَا لَمْ يَكُنْ نَفَاهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّمْعَ لَمْ يَنْفِ هَذِهِ الْأُمُورَ بِأَسْمَائِهَا الْخَاصَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَا يَنْفِيهَا مِنْ السَّمْعِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ حِينَئِذٍ نَفْيُهَا كَمَا لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا.

وَأَيْضًا: فَلَا بُدَّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَ مَا يُثْبَتُ لَهُ وَيُنْفَى فَإِنَّ الْأُمُورَ الْمُتَمَاثِلَةَ فِي الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ وَالِامْتِنَاعِ: يَمْتَنِعُ اخْتِصَاصُ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ فِي الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ وَالِامْتِنَاعِ، فَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِصَاصِ الْمَنْفِيِّ عَنْ الْمُثْبِتِ بِمَا يَخُصُّهُ بِالنَّفْيِ، وَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِصَاصِ الثَّابِتِ عَنْ الْمَنْفِيِّ بِمَا يَخُصُّهُ بِالثُّبُوتِ..

وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ:

- لَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ يُوجِبُ نَفْيَ مَا يَجِبُ نَفْيُهُ عَنْ اللَّهِ.

- كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ يُثْبِتُ لَهُ مَا هُوَ ثَابِتٌ.

وَإِنْ كَانَ السَّمْعُ كَافِيًا كَانَ مُخْبِرًا عَمَّا هُوَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ فَمَا الْفَرْقُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا؟

فَيُقَالُ: كُلَّمَا نُفِيَ صِفَاتُ الْكَمَالِ الثَّابِتَةِ لِلَّهِ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ، فَإِنَّ ثُبُوتَ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْآخَرِ.

فَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ بِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ قَدِيمٌ وَاجِبُ الْقِدَمِ: عُلِمَ امْتِنَاعُ الْعَدَمِ وَالْحُدُوثِ عَلَيْهِ وَعُلِمَ أَنَّهُ غَنِيٌّ عَمَّا سِوَاهُ فَالْمُفْتَقِرُ إلَى مَا سِوَاهُ فِي بَعْضِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَفْسِهِ: لَيْسَ هُوَ مَوْجُودًا بِنَفْسِهِ بَلْ بِنَفَسِهِ وَبِذَلِكَ الْآخَرِ الَّذِي أَعْطَاهُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ نَفْسُهُ فَلَا يُوجَدُ إلَّا بِهِ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ فَكُلُّ مَا نَافَى غِنَاهُ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدِيرٌ قَوِيٌّ فَكُلُّ مَا نَافَى قُدْرَتَهُ وَقُوَّتَهُ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ حَيٌّ قَيُّومٌ فَكُلُّ مَا نَافَى حَيَاتَهُ وقيوميته فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ.
وبِالْجُمْلَةِ فَالسَّمْعُ قَدْ أَثْبَتَ لَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِ الْكَمَالِ مَا قَدْ وَرَدَ، فَكُلُّ مَا ضَادَّ ذَلِكَ فَالسَّمْعُ يَنْفِيه كَمَا يَنْفِي عَنْهُ الْمِثْلَ وَالْكُفُؤَ، فَإِنَّ إثْبَاتَ الشَّيْءِ نَفْيٌ لِضِدِّهِ وَلِمَا يَسْتَلْزِمُ ضِدَّهُ، وَالْعَقْلُ يَعْرِفُ نَفْيَ ذَلِكَ كَمَا يَعْرِفُ إثْبَاتَ ضِدِّهِ، فَإِثْبَاتُ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ نَفْيٌ لِلْآخَرِ وَلِمَا يَسْتَلْزِمُهُ.

فَطُرُقُ الْعِلْمِ بِنَفْيِ مَا يُنَزَّهُ عَنْهُ الرَّبُّ مُتَّسِعَةٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى مُجَرَّدِ نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ كَمَا فَعَلَهُ أَهْلُ الْقُصُورِ وَالتَّقْصِيرِ: الَّذِينَ تَنَاقَضُوا فِي ذَلِكَ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ.

حَتَّى أَنَّ كُلَّ مَنْ أَثْبَتَ شَيْئًا احْتَجَّ عَلَيْهِ مَنْ نَفَاهُ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ التَّشْبِيهَ، وَكَذَلِكَ احْتَجَّ الْقَرَامِطَةُ عَلَى نَفْيِ جَمِيعِ الْأُمُورِ حَتَّى نَفَوْا النَّفْيَ فَقَالُوا: لَا يُقَالُ لَا مَوْجُودَ وَلَا لَيْسَ بِمَوْجُودِ وَلَا حَيَّ وَلَا لَيْسَ بِحَيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَشْبِيهٌ بِالْمَوْجُودِ أَوْ الْمَعْدُومِ فَلَزِمَ نَفْيُ النَّقِيضَيْنِ: وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَشْيَاءِ امْتِنَاعًا ثُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ يَلْزَمُهُمْ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْمَعْدُومَاتِ وَالْمُمْتَنِعَاتِ وَالْجَمَادَاتِ: أَعْظَمُ مِمَّا فَرُّوا مِنْهُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْأَحْيَاءِ الْكَامِلِينَ فَطُرُقُ تَنْزِيهِهِ وَتَقْدِيسِهِ عَمَّا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ مُتَّسِعَةٌ لَا تَحْتَاجُ إلَى هَذَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا يُنْفَى عَنْهُ - سُبْحَانَهُ - النَّفْيُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْإِثْبَاتِ إذْ مُجَرَّدُ النَّفْيِ لَا مَدْحَ فِيهِ وَلَا كَمَالَ فَإِنَّ الْمَعْدُومَ يُوصَفُ بِالنَّفْيِ وَالْمَعْدُومَ لَا يُشْبِهُ الْمَوْجُودَاتِ، وَلَيْسَ هَذَا مَدْحًا لَهُ لِأَنَّ مُشَابَهَةَ النَّاقِصِ فِي صِفَاتِ النَّقْصِ نَقْصٌ مُطْلَقًا، كَمَا أَنَّ مُمَاثَلَةَ الْمَخْلُوقِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ تَمْثِيلٌ وَتَشْبِيهٌ يُنَزَّهُ عَنْهُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَالنَّقْصُ ضِدُّ الْكَمَالِ؛ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ حَيٌّ وَالْمَوْتُ ضِدُّ ذَلِكَ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ؛ وَكَذَلِكَ النَّوْمُ وَالسِّنَةُ ضِدَّ كَمَالِ الْحَيَاةِ فَإِنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ اللُّغُوبُ نَقْصٌ فِي الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ فِيهِ افْتِقَارٌ إلَى مَوْجُودٍ غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِالْغَيْرِ وَالِاعْتِضَادَ بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ تَتَضَمَّنُ الِافْتِقَارَ إلَيْهِ وَالِاحْتِيَاجَ إلَيْهِ.

وَكُلُّ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَحْمِلُهُ أَوْ يُعِينُهُ عَلَى قِيَامِ ذَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ فَهُوَ مُفْتَقِرٌ إلَيْهِ لَيْسَ مُسْتَغْنِيًا عَنْهُ بِنَفْسِهِ فَكَيْفَ مَنْ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ؟؟

وَالْآكِلُ وَالشَّارِبُ أَجْوَفُ وَالْمُصْمَتُ الصَّمَدُ أَكْمَلُ مِنْ الْآكِلِ وَالشَّارِبِ، وَلِهَذَا كَانَتْ الْمَلَائِكَةُ صمدا لَا تَأْكُلُ وَلَا تَشْرَبُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ ثَبَتَ لِمَخْلُوقِ فَالْخَالِقُ أَوْلَى بِهِ وَكُلُّ نَقْصٍ تَنَزَّهَ عَنْهُ الْمَخْلُوقُ فَالْخَالِقُ أَوْلَى بِتَنْزِيهِهِ عَنْ ذَلِكَ، وَالسَّمْعُ قَدْ نَفَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ وَالصَّمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ وَلَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَهَذِهِ السُّورَةُ هِيَ نَسَبُ الرَّحْمَنِ أَوْ هِيَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ.

وَقَالَ فِي حَقِّ الْمَسِيحِ وَأُمِّهِ: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ﴾ فَجَعَلَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى نَفْيِ الْأُلُوهِيَّةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَنْزِيهِهِ عَنْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى.

وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَنَحْوُ ذَلِكَ: هِيَ أَعْضَاءُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَالْغَنِيُّ الْمُنَزَّهُ عَنْ ذَلِكَ: مُنَزَّهٌ عَنْ آلَاتِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْيَدِ فَإِنَّهَا لِلْعَمَلِ وَالْفِعْلِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفٌ بِالْعَمَلِ وَالْفِعْلِ؛ إذْ ذَاكَ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ؛ فَمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَ أَكْمَلُ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْفِعْلِ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَعَنْ آلَاتِ ذَلِكَ وَأَسْبَابِهِ وَكَذَلِكَ الْبُكَاءُ وَالْحُزْنُ: هُوَ مُسْتَلْزِمٌ الضَّعْفَ وَالْعَجْزَ الَّذِي يُنَزَّهُ عَنْهُ سُبْحَانَهُ؛ بِخِلَافِ الْفَرَحِ وَالْغَضَبِ: فَإِنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَكَمَا يُوصَفُ بِالْقُدْرَةِ دُونَ الْعَجْزِ وَبِالْعِلْمِ دُونَ الْجَهْلِ وَبِالْحَيَاةِ دُونَ الْمَوْتِ وَبِالسَّمْعِ دُونَ الصَّمَمِ وَبِالْبَصَرِ دُونَ الْعَمَى وَبِالْكَلَامِ دُونَ الْبُكْمِ: فَكَذَلِكَ يُوصَفُ بِالْفَرَحِ دُونَ الْحُزْنِ وَبِالضَّحِكِ دُونَ الْبُكَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ بِالْعَقْلِ مَا أَثْبَتَهُ السَّمْعُ مِنْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا كُفُؤَ لَهُ وَلَا سَمِيَّ لَهُ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَقِيقَتُهُ كَحَقِيقَةِ شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَا حَقِيقَةِ شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ كَحَقِيقَةِ شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ.

فَيُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَخْلُوقَاتِ لَا الْمَلَائِكَةِ وَلَا السَّمَوَاتِ وَلَا الْكَوَاكِبِ وَلَا الْهَوَاءِ وَلَا الْمَاءِ وَلَا الْأَرْضِ وَلَا الْآدَمِيِّينَ وَلَا أَبْدَانِهِمْ وَلَا أَنْفُسِهِمْ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ بَلْ يَعْلَمُ أَنَّ حَقِيقَتَهُ عَنْ مُمَاثَلَاتِ شَيْءٍ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ أَبْعَدُ مِنْ سَائِرِ الْحَقَائِقِ وَأَنَّ مُمَاثَلَتَهُ لِشَيْءِ مِنْهَا أَبْعَدُ مِنْ مُمَاثَلَةِ حَقِيقَةِ شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ لِحَقِيقَةِ مَخْلُوقٍ آخَرَ فَإِنَّ الْحَقِيقَتَيْنِ إذَا تَمَاثَلَتَا: جَازَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا يَجُوزُ عَلَى الْأُخْرَى وَوَجَبَ لَهَا مَا وَجَبَ لَهَا.

فَيَلْزَمُ أَنْ يَجُوزَ عَلَى الْخَالِقِ الْقَدِيمِ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ مَا يَجُوزُ عَلَى الْمُحْدَثِ الْمَخْلُوقِ مِنْ الْعَدَمِ وَالْحَاجَةِ، وَأَنْ يُثْبَتَ لِهَذَا مَا يُثْبَتُ لِذَلِكَ مِنْ الْوُجُوبِ وَالْفَنَاءِ فَيَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ وَاجِبًا بِنَفْسِهِ غَيْرَ وَاجِبٍ بِنَفْسِهِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا وَذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنُ النَّقِيضَيْنِ، وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ بُطْلَانُ قَوْلِ الْمُشَبِّهَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: بَصَرٌ كَبَصَرِي أَوْ يَدٌ كَيَدِي وَنَحْوِ ذَلِكَ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا.

وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ هُنَا اسْتِيفَاءَ مَا يَثْبُتُ لَهُ وَلَا مَا يُنَزَّهُ عَنْهُ وَاسْتِيفَاءَ طُرُقِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى جَوَامِعِ ذَلِكَ وَطُرُقِهِ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ السَّمْعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْلِ مَا يُثْبِتُهُ وَلَا يَنْفِيه سَكَتْنَا عَنْهُ فَلَا نُثْبِتُهُ وَلَا نَنْفِيه.

فَنُثْبِتُ مَا عَلِمْنَا ثُبُوتَهُ، وَنَنْفِي مَا عَلِمْنَا نَفْيَهُ، وَنَسْكُتُ عَمَّا لَا نَعْلَمُ نَفْيَهُ وَلَا إثْبَاتَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

| حفظ | Download |
| حفظ | Download |
 
من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية