الترحم على الكفار ادعى بعض المعاصرين – هداهم الله – أن الترحم غير الاستغفار، وزعموا أننا نهينا عن الاستغفار للمشركين ولم ننه عن الترحم عليهم، ومن شبهاتهم ما جاء في تفسير اسمه تعالى (الرحمن) حيث إنه فُسِّر بذي الرحمة العامة الشاملة لجميع الخلائق وللمؤمن والكافر، تفريقا بينه وبين اسمه تعالى (الرحيم) فقد فُسِّر بذي الرحمة الخاصة بالمؤمنين، فقالوا ما دامت رحمة الله تعالى منها نوع عام يشمل المؤمن والكافر فما المانع من أن نقول عن الكافر الميت (رحمه الله).
ويجاب عن هذه الشبهة بأجوبة، منها:
1- الترحم على الميت يراد به رحمة مخصوصة وهي مغفرة الذنوب والنجاة من النار، فهو بمعنى الاستغفار، أما الحي فتحتمل الاستغفار وتحتمل الدعاء له بالهداية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم اغفر لقومي ) والمراد اهدهم للإسلام الذي هو سبب المغفرة، والظاهر أن الترحم على الكافر الحي مثل الاستغفار له يجوز بنية الدعاء له بالهداية إلى الإسلام الذي هو سبب الرحمة.
2- قال تعالى عن الكافرين (والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي) العنكبوت 23 وهذا يفيد أن الترحم عليهم من التعدي في الدعاء.
3- لعن الله تعالى الكافرين في غير موضع من كتابه، منها قوله تعالى: (فلعنة الله على الكافرين) البقرة 89، واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمته.
4- بعد أن بيّن سبحانه أن رحمته وسعت كل شيء، بيّن سبحانه أنه سيكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة إلى قوله سبحانه: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي .. الآية ) الأعراف 156 ، 157 والآيات أفادت اختصاص الرحمة بمن معه مطلق التقوى، وهم المسلمون، فسؤال الله تعالى أن يرحم الكافر الميت تعد في الدعاء وسؤال ما أخبر الله أنه لا يكون.
5- ما رواه البخاري وغيره أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم (يرحمكم الله ) فكان يُشَمّتهم بقوله ( يهديكم الله ويصلح بالكم ) ولم يكن يترحم عليهم .
|