( أثقل شيء في الميزان )
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أثنى الله عز وجل في كتابه الكريم على نبيه فقال: وإنك لعلى خلق عظيم وفي هذا أعظم الدلالة على منزلة حسن الخلق. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ((كان خلقه القرآن)) أي كان يعمل بكل ما أمر الله تعالى به في كتابه من مكارم الأخلاق ويجتنب كل ما نهى الله تعالى عنه في كتابه من مساوئ الأخلاق. ومما جاء في سنة النبي في الحض على حسن الخلق وبيان فضله وعظيم ثوابه هذه الأحاديث الصحيحة: في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم قال: ((البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس)). وروى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: ((تقوى الله وحسن الخلق)) وعن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: ((الفم والفرج)) [وقال: حديث حسن صحيح]. وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خيركم لنسائهم)) [رواه الترمذي وقال: حسن صحيح]. وفي لفظ: ((أكمل المؤمنين إيماناً أحاسنهم أخلاقاً الموطؤون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف)). وفي الترمذي أيضاً عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسانكم أخلاقاً وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون)) قال: يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين فما المتفيهقون؟ قال: ((المتكبرون)) [قال الترمذي: حديث حسن]. والثرثار هو الكثير الكلام بتكلف والمتشدق المتطاول على الناس بكلامه الذي يتكلم بملء فيه تفاخماً وتعظيماً لكلامه والمتفيهق أصله من الفهق وهو الامتلاء وهو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه تكثيراً وارتفاعاً وإظهاراً لفضله على غيره. روى البخاري في الأدب المفرد عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق)). روى البزار بسند حسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق)). روى الترمذي عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن صاحب حسن الخلق ليبلغ درجة صاحب الصوم والصلاة)) [ورواه أيضاً أبو داود وابن حبان والحاكم عن عائشة رضي الله عنها]. ومن هذا الباب: ((دخل رجل الجنة في كلب سقاه ودخلت امرأة النار في هرة حبستها)). وذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم امرأة تصلي وتصوم وتتصدق وتفعل وتؤذي جيرانها قال: ((هي في النار)). أما تعريف حسن الخلق فروى الترمذي عن عبد الله بن المبارك أنه قال: حسن الخلق طلاقة الوجه وبذل المعروف وكف الأذى.
وكتب : وليد بن إدريس المنيسي
|