صفحة جديدة 7
مَا زالَ بِصِفَاتِهِ قَديماً قَبْلَ خَلْقِهِ، لم يَزدَدْ بِكَوْنِهِم
شَيْئاً، لم يكنْ قَبلَهُم مِنْ صِفَتِهِ، وكما كانَ بصفاته أزَليًّا، كذلك لا
يزالُ عَلَيْها أبديًّا.
ليسَ منذُ خَلَقَ الخلْق اسْتَفَادَ اسمَ ”الخَالِق“، ولا بِإحْدَاثِ
البريَّةَ استفادَ اسمَ ”الباري“.
له معنى الرُّبُوبيَّةِ ولا مَرْبُوبَ، ومعنى الخالق ولا مخلُوقَ.
وكما أنَّه مُحيِي الموْتَى بَعْدَما أَحْيَا، استحقَّ هَذَا الاسْمَ
قَبْلَ إِحْيَائِهم، كذلِكَ استحقَّ اسْمَ الخَالِق قبْلَ إنْشَائِهم.
ذلك بأنَّهُ على كلِّ شَيْءٍ قديرٌ، وكلُّ شَيْءٍ إليهِ فَقِيرٌ، وكلُّ
أمْرٍ عَلَيْهِ يَسيرٌ. لا يحتاجُ إلى شَيْءٍ،
﴿لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11].
خَلَقَ الخَلْقَ بعِلْمِهِ.
وَقَدَّرَ لهمْ أَقْدَارًا.
وَضَرَبَ لهم آجَالاً.
ولم يَخْف عَليهِ شَيْءٌ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُم. وَعَلِمَ ما هُمْ
عَامِلُونَ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَهُم.
وأَمَرَهُم بِطَاعَتِهِ، ونَهَاهُم عَنْ مَعْصِيتِهِ.
وَكُلُّ شَيْءٍ يَجْرِي بِتقْديرِهِ ومَشيئتِهِ, ومَشيئتُهُ تَنْفُذُ،
لا مَشيئَةَ للعبادِ إلا ما شاءَ لهم، فما شاءَ لهم كان، وما لم يَشأ لم يَكُن.
يَهْدي مَنْ يشاءُ، وَيَعْصِمُ ويُعَافِي فَضْلاً، ويُضِلُّ مَنْ
يَشاءُ ويَخْذلُ ويَبْتلي عَدْلاً.
وكُلُّهُم يتقلَّبُون في مَشيئتِهِ بَيْنَ فَضْلِهِ وَعَدْلِهِ.