صفحة جديدة 35
القسم الثالث: العصبة مع الغير
وهم صنفان:
الأول: الأخت الشقيقة فأكثر مع البنت فأكثر أو بنت الابن فأكثر.
الثاني: الأخت لأب فأكثر مع البنت فأكثر أو بنت الابن فأكثر، وهذا قول
جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أن الأخوات لأبوين أو لأب عصبة مع
البنات أو بنات الابن،ودليلهم ما رواه الجماعة إلا مسلما والنسائي: «أن أبا موسى رضي الله عنه سئل عن بنت وبنت ابن وأخت؛ فقال: للبنت
النصف، وللأخت النصف. وقال للسائل: ائت ابن مسعود. فلما أتى ابن مسعود، وأخبره بقول
أبى موسى؛ قال: قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي: للبنت
النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت»
* هذا، والعصبة بالنفس من انفرد
منهم حاز جميع المال لقوله تعالى:
﴿وَهُوَ
يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ﴾
فورث في هذه الآية الأخ جميع مال أخته، وينفرد العصبة بالنفس بهذا الحكم، ويشاركون
بقية العصبة في أنهم إذا كانوا مع أصحاب الفروض يأخذون ما بقي؛ لقوله صلى الله عليه
وسلم: «ألحقوا
الفرائض بأهلها؛ فما بقي فلأولى رجل ذكر»
وإن لم يبق شيء بعد الفروض؛ سقطوا.
هذا وللعصبة جهات ست هي: جهة البنوة، ثم جهة الأبوة، ثم جهة الأخوة، ثم جهة بني
الأخوة، ثم جهة الولاء، والولاء كما سبق هو عصوبة سببها نعمة العتق على رقيقه
بالعتق، ودليلها قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما
الولاء لمن أعتق»
وإذا اجتمع عاصبان فأكثر، فلهم
حالات أربع
الأولى: أن يتحدا في الجهة والدرجة والقوة، وحينئذ يشتركان في الميراث؛
كالأبناء والإخوة الأشقاء والأعمام.
الثانية: أن يختلفا في الجهة، فيقدم في الميراث الأقوى جهة؛ كالابن والأب،
فيقدم الابن في التعصيب على الأب.
الثالثة: أن يتحدا في الجهة ويختلفا في الدرجة، كما لو اجتمع ابن وابن ابن،
فيقدم الابن على ابن الابن؛ لأنه أقرب درجة.
الرابعة: أن يتحدا في الجهة والدرجة ويختلفا في القوة؛ بحيث يكون أحدهما
أقوى من الآخر، فيقدم الأقوى؛ كما لو اجتمع أخ شقيق وأخ لأب فيقدم الأخ الشقيق؛
لأنه أقوى، لإدلائه بأبوين، والأخ لأب يدلي بالأب فقط.
باب الحجب
هذا الباب له أهمية خاصة بين
أبواب المواريث؛ لأن معرفة تفاصيله يترتب عليها إيصال الحقوق إلى مستحقيها، وعدم
المعرفة بأحكام هذا الباب يترتب عليها خطورة عظيمة؛ لأنه قد يعطي الميراث لمن لا
يستحقه شرعا ويحرم المستحق، ومن هنا قال بعض العلماء: يحرم على من لا يعرف الحجب أن
يفتي في الفرائض.
والحجب لغة المنع، يقال: حجبه: إذا منعه من الدخول، والحاجب لغة الصانع، ومنه
حاجب السلطان، لأنه يمنع من الدخول عليه.
وأما الحجب في اصطلاح الفرضيين
فمعناه: منع من قام به - سبب الإرث من الإرث
بالكلية أو من أوفر حظيه.
* وينقسم الحجب في الفرائض إلى
قسمين:
القسم الأول: حجب الأوصاف ويكون فيمن اتصف بأحد موانع الإرث الثلاثة، وهي: الرق،
أو القتل، أو اختلاف الدين، فمن اتصف بواحد من هذه الأوصاف؛ لم يرث، ويكون وجوده
كعدمه.
القسم الثاني: حجب الأشخاص: وهو منع شخص معين من الإرث بالكلية، ويسمى حجب
الحرمان أو منعه من إرث أكثر إلى إرث أقل، ويسمى حجب النقصان وسبب هذا الحجب بنوعيه
وجود شخص أحق منه، ولذلك سمي حجب الأشخاص، وهو سبعة أنواع، أربعة منها تحصل بسبب
الازدحام، وثلاثة منها تحصل بسبب الانتقال من فرض إلى فرض،
وهذه السبعة هي:
أولا: انتقال من فرض إلى فرض أقل منه؛ كانتقال الزوج من النصف إلى الربع
مثلا.
ثانيا: انتقال من تعصيب إلى تعصيب أقل منه؛ كانتقال الأخت لغير أم من
كونها عصبة مع الغير إلى كونها عصبة بالغير
ثالثا: انتقال من فرض إلى تعصيب أقل منه؛ كانتقال ذوات النصف منه إلى
التعصيب بالغير.
رابعا: انتقال من تعصيب إلى فرض أقل منه؛ كانتقال الأب والجد من الإرث
بالتعصيب إلى الإرث بالفرض.
خامسا: ازدحام في فرض؛ كازدحام الزوجات في الربع والثمن مثلا
سادسا: ازدحام في تعصيب؛ كازدحام العصبات في المال أو فيما أبقت الفروض.
سابعا:
ازدحام بسبب العول؛ كازدحام أصحاب الفروض في الأصول التي يدخلها العول، فإن كل
واحد منهم يأخذ فرضه ناقصا بسبب العول.