صفحة جديدة 34
باب في التعصيب
التعصيب لغة مصدر عصب يعصب تعصيبا فهو معصب، مأخوذ من العصب؛ يعني: الشد
والإحاطة والتقوية، ومنه العصائب، وهي العمائم.
والعصبة في الفرائض (جمع عاصب)
لفظ يطلق على الواحد، فيقال: زيد عصبة، ويطلق على الجماعة، وعصبة الرجل قرابته من
جهة أبيه، سموا عصبة لأنهم عصبوا به؛ أي: أحاطوا به، وكل شيء استدار حول شيء، فقد
عصب به؛ فالأب طرف، والابن طرف، والأخ جانب، والعم جانب، وقيل: سموا بذلك لتقوي
بعضهم ببعض، من العصب، وهو الشد والمنع؛ فبعضهم يشد بعضا ويمنع من تطاول الغير
عليه.
والعاصب في اصطلاح الفرضيين هو من يرث بلا تقدير، لأنه إذا انفرد؛ حاز جميع المال، وإذا كان مع
صاحب فرض، أخذ ما بقي بعد الفرض؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا
الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر»
* وينقسم العصبة إلى ثلاثة
أقسام:
عصبة بالنفس، وعصبة بالغير
وعصبة مع الغير:
القسم الأول: العصبة بالنفس وهم المجمع على إرثهم من الرجال إلا الزوج والأخ من
الأم، وهم أربعة عشر: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد من قبل الأب وإن
علا، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابناهما وإن نزلا، والعم الشقيق والعم لأب وإن
علوا، وابناهما وإن نزلا، والمعتق والمعتقة.
القسم الثاني: العصبة بالغير
وهم أربعة أصناف:
الأول: البنت فأكثر مع الابن فأكثر.
الثاني: بنت الابن فأكثر مع ابن الابن فأكثر إذا كان في درجتها، سواء كان
أخاها أو ابن عمها، أو مع ابن الابن الذي هو أنزل منها إذا احتاجت إليه. ودليل هذين
الصنفين من العصبة بالغير قوله تعالى:
﴿يُوصِيكُمُ
اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾
فهذه الآية الكريمة تناولت الأولاد وأولاد الابن.
الثالث: الأخت الشقيقة فأكثر مع الأخ الشقيق فأكثر.
الرابع: الأخت لأب فأكثر مع الأخ لأب فأكثر.
ودليل هذين الصنفين قوله تعالى:
﴿وَإِنْ
كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾
مثل حظ الأنثيين، فتناولت الآية الكريمة ولد الأبوين وولد الأب فهؤلاء الأربعة من
الذكور: الابن، وابن الابن، والأخ الشقيق، والأخ لأب؛ ترث معهم أخواتهم عن طريق
التعصيب بهم، أما من عداهم من الذكور؛ فلا ترث أخواتهم معهم شيئا، وذلك كأبناء
الإخوة والأعمام وأبناء الأعمام.