صفحة جديدة 36
وللحجب قواعد يدور عليها:
القاعدة الأولى: أن من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة وذلك كابن الابن مع الابن،
والجدة مع الأم، والجد مع الأب، والأخوة مع الأب.
القاعدة الثانية: أنه إذا اجتمع عاصبان فأكثر؛ قدم الأقدم جهة وذلك كالابن مع الأب
أو مع الجد؛ فالتعصيب يكون للابن؛ لأنه أقدم جهة، وإن اتحد الموجودان في الجهة، قدم
منهما الأقرب إلى الميت، كما لو اجتمع ابن وابن ابن آخر، أو اجتمع أخ شقيق وابن أخ
شقيق آخر... وكذا، فإن تساوى الموجودون في الجهة والقرب؛ قدم الأقوى منهم، كما لو
اجتمع أخ شقيق وأخ لأب؛ فإنه يقدم الشقيق لقوته، لكونه يدلي بالأبوين، والأخ يدلى
بالأب فقط.
القاعدة الثالثة: وهي في حجب الحرمان: أن الأصول لا يحجبهم إلا أصول؛ فالجد لا يحجبه
إلا الأب أو الجد الذي هو أقرب منه، والجدة لا يحجبها إلا الأم أو الجدة التي هي
أقرب منها، والفروع لا تحجبهم إلا فروع؛ فابن الابن لا يحجبه إلا الابن أو ابن
الابن الذي و أعلى منه، والحواشي وهم الأخوة وبنوهم والأعمام وبنوهم يحجبهم أصول
وفروع وحواش؛ فمثلا الأخوة لأب: يسقطون بالابن وابن الابن دان نزل، وبالأب، وبالجد
على الصحيح، وبالأخ الشقيق، والأخت الشقيقة إذا كانت عصبة مع الغير، وهكذا نجد أن
الأخ لأب حجب بأصول وفروع وحواش.
نعود فنقول: إن باب الحجب باب مهم جدا، فيجب على من يفتي في الفرائض أن يتقن
قواعده ويتأمل في دقائقه ويطبقها على وقائع الأحوال؛ لئلا يخطئ في فتواه، فيغير
المواريث عن مجراها الشرعي، ويحرم من يستحق، وبعطي من لا يستحق، والله ولي التوفيق.
باب توريث الإخوة مع الجد
قد أخذ أحمد والشافعي ومالك في
هذه المسألة بمذهب زيد بن ثابت رضي الله عنه كما أخذ به أبو يوسف ومحمد بن الحسن من
الحنفية وجمع من أهل العلم.
وحاصله أن الأخوة إذا اجتمعوا
مع الجد: فإما أن يكونوا من الأبوين فقط، أو من الأب فقط، أو من مجموع الصنفين.
فإذا كان معه أحد الصنفين فقط،
فله معهم حالتان:
الحالة الأولى: أن لا يكون معهم صاحب فرض:
فله حينئذ معهم ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن تكون المقاسمة أحظ له من ثلث المال، وضابطها أن يكون الأخوة أقل
من مثليه؛ بأن يكونوا مثلا ونصفا فما دون ذلك، وذلك منحصر في خمس صور: الأولى: جد
وأخت؛ فله في هذه الصورة الثلثان.
الثانية:
جد وأخ؛ فله في هذه الصورة نصف المال.
الثالثة: جد وأختان، فله في هذه الصورة النصف كالتي قبلها، وهو أكثر من
الثلث.
الرابعة: جد وثلاث أخوات؛ فله في هذه الصورة الخمسان، و ما أكثرهن الثلث،
لأن العدد في الجامع للكسرين خمسة عشر؛ فثلثه خمسة وخمساه ستة، وهي أكثر من الخمسة
بواحد.
الخامسة: جد وأخ وأخت؛ فله في هذه الصورة مثل ما له في التي قبلها.
الحالة الثانية: أن تستوي له المقاسمة وثلث المال، وضابطها أن يكون الإخوة مثليه،
وينحصر ذلك في ثلاث صور:
الأولى:
جد وأخوان الثانية: جد وأخ وأختان. الثالثة: جد وأربع أخوات. فيستوي له المقاسمة
والثلث في تلك الصور، فإن قاسم؛ أخذ ثلثا، وإن لم يقاسم؛ فكذلك.
واختلف: هل يعبر حينئذ
بالمقاسمة فيكون إرثه بالتعصيب، أو يعبر بالثلث فيكون إرثه بالفرض، أو يخير بين أن
يعبر بالمقاسمة أو بالثلث؛ ورجح بعضهم التعبير بالثلث دون المقاسمة، لأن الأخذ
بالفرض إن أمكن أولى، لقوة الفرض وتقديم ذوي الفروض على العصبة، والله أعلم.
الحالة الثالثة: أن يكون ثلث المال أحظ من المقاسمة، فيأخذه فرضا، وضابطها أن
يكونوا أكثر من مثليه، ولا تنحصر صور هذه الحالة كما انحصرت صور الحالتين اللتين
قبلا؛ فأقلا جد وأخوان وأخت، أو جد وخمس أخوات. أو جد وأخ وثلاث أخوات... إلى ما
فوق.