من مظاهر الغرور والعجب بالنفس ما يلي :
– بعض الدكاترة في الجامعات الإسلامية ممن قدر الله تعالى أن بعض العلماء أو طلاب العلم المتقدمين ممن هم في مقام أقران ذلك الدكتور أو شيوخه احتاجوا إلى شهادة فدرسوا في جامعتهم وأخذوا عندهم بعض المقررات فتراهم إذا ذكر اسم الدارس يقول المدرس متباهيا بدون حاجة تدعوه إلى ذلك : هذا من تلاميذي أنا درسته مادة كذا وأشرفت عليه في بحث كذا بما يوهم أن هذا الدكتور هو صاحب الفضل في إتقان العالم لما يتقنه من العلوم، مع أن الدكتور يعلم أن ذلك العالم لم يستفد منه سوى الشهادة الدراسية .
– نفس الشيء يحصل من بعض المجيزين للإجازات الحديثية ممن حصل لهم فرصة الالتقاء ببعض المسندين أو مراسلتهم والحصول منهم على إجازات أنه ربما استجازهم من هو من أقرانهم أو شيوخهم إما لحاجته إلى سندهم وإما تواضعا ورغبة في أن يكون ممن يأخذ عمن هو مثله وعمن هو دونه ، فيقول المجيز متباهيا بدون حاجة تدعوه إلى ذلك : العالم الفلاني من تلاميذي أنا أجزته بكذا وكذا ، ولذا أوصي الراغبين في الحصول على إجازات حديثية ألا يحملهم حب الاستكثار منها إلى الرواية عن المنّانين الذين يتبعون إجازتهم المن والأذى ، بل أعجب من ذلك رأيت من يتبرع بإجازة بعض المشاهير الذين لم يستجيزوه أصلا ، فربما قبلوها إحراجا وهضما لأنفسهم ، فيتباهى المجيز بأن هؤلاء المشاهير هم من تلاميذه .
– كذلك من مظاهره أن يخاطب المغرور شيوخه أو من هم في مقام شيوخه ومن هم أسبق منه طلبا للعلم ، فيقول أخونا فلان ، وزميلنا فلان والأخ فلان ، ويأنف أن يقول شيخي فلان أو الشيخ فلان لمن هو يستحق أن يقال له ذلك .
– كذلك من مظاهره أن ترى شخصا متعالما لا يفتأ يثني على نفسه أنا حضر خطبتي العالم الفلاني وأنا مدحني العالم العلاني وأنا ألفت وأنا حاضرت وأنا فعلت وفعلت ، بدون حاجة حقيقية تدعو إلى ذلك
– كذلك من مظاهره أن يكتب المرء موضوعا في ملتقى ثم يرى أنه لم يُكتب مثله ، فتجده كلما انخفض يرفعه بعبارة (للرفع ) بدون إضافة جديدة ولا حاجة داعية إلى رفعه ، أو يظل ينسخه ويلصقه بطريقة فجة في كل ملتقى وفي ثنايا موضوعات لا يربطها به رابط ولا يزيدها لصقه إلا تشويشا وتشتيتا .
– كذلك من مظاهره أن يأنف الكاتب من المشاركة بفائدته في موضوعات غيره رغم اطلاعه عليها وعلمه بوجودها فتراه إذا كانت عنده فائدة متممة لموضوع غيره يفتح لها موضوعا جديدا بدون حاجة أو داع .
– وكذلك رأيت أكثر من واحد من المؤلفين يكون ألف كتابا في موضوع مطروق كأحكام الحج أو الميراث مثلا ، فكلما ذكَر أو ذُكِر عنده شيء مما اشتمل عليه كتابه يقول : أنا ذكرت هذا في كتابي الفلاني ، حتى لو قال قائل الوقوف بعرفة يكون تاسع ذي الحجة فيقول : أنا ذكرت هذا في كتابي ارجع إلى كتابي الفلاني فستجد فيه تقرير هذه المسألة ، وكأن كتابه هو المصدر الحصري الوحيد الذي تلقى الخلق أجمعون هذه المعلومة منه .
تنبيه : الغرض من هذا الموضوع هو أن يراجع كل منا نفسه ليخليها من هذه المظاهر وليحليها بضدها ، وليس الغرض إساءة الظن بالغير ممن ربما صدر عنه شيء من ذلك بقصد حسن أو نية صالحة أو حاجة دعته إلى ذلك قد لا نعلمها
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، نسأل الله تعالى أن يبصرنا وإخواننا أجمعين بعيوب أنفسنا ، وأن يجعلنا ممن زكى نفسه ، ونهاها عن الهوى
|