فوائد في صيغة الاستعاذة نقلتها لكم من كتابي ( أثر اختلاف القراء الأربعة عشر) الذي صدر حديثا
صيغة الاستعاذة :
أما عند القراء فاختار أكثرهم أن يقول ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ).
و كان الحسن يتعوذ فيقول ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، إن الله هو السميع العليم ).
وأما الأعمش فكان يقول: ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، إن الله هو السميع العليم )
وروي سهل السجستاني عن حمزة أنه كان يقول ( أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ) (1)
وربما قال ( أستعين بالله من الشيطان الرجيم ) – بالنون –.
وأما الفقهاء فقد رأوا أن الأمر في ذلك واسع ، و قد اعتمد الفقهاء على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من صيغ الاستعاذة و كذلك على ما ثبت عن أئمة القراء من صيغها .
قال السرخسي : و بين القراء اختلاف في صيغة التعوذ.
فاختيار أبي عمرو و عاصم و ابن كثير رحمهم الله ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )،
زاد حفص من طريق هبيرة ( أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان ) ،
و اختيار نافع و ابن عامر و الكسائي (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم)،
و اختيار حمزة الزيات (أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ) ، و هو قول محمد بن سيرين ،
و بكل ذلك ورد الأثر . (2)
وقال القفال : قال سفيان الثوري يقول : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم )
و قال الحسن بن صالح بن حي * يقول : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم )
و قال أحمد يقول ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم ) (3 ) .
وقال النووي : يستحب بعد دعاء الاستفتاح أن يتعوذ فيقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
و قال بعض أصحابنا يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
و يحصل التعوذ بكل ما اشتمل على الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم (4) ،
و قال ابن قدامة : و صفة الاستعاذة أن يقول ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )، و هذا قول أبي حنيفة و الشافعي ، لقول الله تعالى : ( فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) ( 5 ).
و عن أحمد أنه يقول: ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ) ، لخبر أبي سعيد ولقول الله تعالى: (فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) (6 ) ، و هذا متضمن للزيادة ،
و نقل حنبل عنه أنه يزيد بعد ذلك: (إن الله هو السميع العليم).
و هذا كله واسع و كيفما استعاذ فهو حسن .(7)،
قلت: والأولى في الاستعاذة أن يتعوذ بإحدى الصيغ الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم،
و قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه و نفخه و نفثه) (8)
أو يقول (اللهم أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه و نفخه و نفثه ) (9)
و هاتان الصيغتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بهما في الصلاة كما تدل عليه الأحاديث التي وردت فيها الصيغتان.
هذا و قد ذكر الألباني – رحمه الله – أنه لا يعلم أصلا لحديث ( أعوذ بالله من الشطان الرجيم ) بدون إحدى الزيادتين المشار إليهما (10)،
ولكن تواتر هذه الصيغة عن القراء كاف في العمل به لأنهم قرؤوا بذلك على مشايخهم من الصحابة والتابعين.
والله أعلم _____________________ (1) انظر الإتحاف 20 (2) المبسوط 1 /13 (3) حلية العلماء 2/83 (4) روضة الطالبين 1 / 240 (5) النحل : 98 (6) فصلت : 36 (7) المغني 1 / 283 (8) جاء ذلك في حديث أبي سعيد وقد مر تخريجه ص: 154 (9) جاء ذلك في حديث جبير بن مطعم عند أحمد 4/85 وأبي داود برقم (764) وابن ماجه برقم (807) ، وصححه الألباني في الإرواء برقم 342 (10) إرواء الغليل 2/53 * الحسن بن صالح بن حيّ الإمام القدوة أبو عبد الله الهمداني الكوفي الفقيه العابد(100-167) الزاهد كان وكيع يشبهه بسعيد بن جبير، قال أبو نعيم كتبت عن ثمانمائة محدث فما رأيت أفضل من الحسن بن صالح، وقال وكيع جزأ هو وأمه وأخوه الليل مثالثة للعبادة فماتت فقسما الليل بينهما فمات علي فقام الحسن بالليل كله . تذكرة الحفاظ 1 / 216
|