صفحة جديدة 5
وَقَوْلُهُ:
«يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ اَلشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ».
وَقَوْلُه:ُ
«يَضْحَكُ اَللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا اَلْآخَرَ
ثُمَّ يَدْخُلَانِ اَلْجَنَّةَ».
فَهَذَا وَمَا أَشْبَهُهُ مِمَّا صَحَّ سَنْدُهُ، وَعُدِّلَتْ
رُوَاتُهُ، نُؤْمِنُ بِهِ، وَلَا نَرُدُّهُ، وَلَا نَجْحَدُهُ، وَلَا نَتَأَوَّلُهُ
بِتَأْوِيلٍ يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ، وَلَا نُشَبِّهُهُ بِصِفَاتِ اَلْمَخْلُوقِينَ،
وَلَا بِسِمَاتِ اَلْمُحْدَثِينَ، وَنَعْلَمُ أَنَّ اَللَّهَ -سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى- لَا شَبِيهَ لَهُ، وَلَا نَظِيرَ
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11]
وَكُلُّ مَا تُخُيِّلَ فِي اَلذِّهْنِ، أَوْ خَطَرَ بِالْبَالِ،
فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى بِخِلَافِه.ِ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه:5].
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
﴿أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾[الملك:16].
وَقَوْلُ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
«رَبُّنَا اَللَّهُ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ تَقَدَّسَ اِسْمُكَ»
وَقَالَ لِلْجَارِيَةِ:
«أَيْنَ اَللَّهُ؟»
قَالَتْ: فِي اَلسَّمَاءِ.
قَالَ:
«اِعْتِقْهَا فَإِنَّهَا
مُؤْمِنَةٌ» رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمُسْلِمٌ
وَغَيْرُهُمَا مِنْ اَلْأَئِمَّةِ.
وَقَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحُصَيْنٍ:
«كَمْ إِلَهاً تَعْبُدُ؟».
قَالَ: سَبْعَةً، سِتَّةً فِي اَلْأَرْضِ، وَوَاحِداً فِي اَلسَّمَاءِ.
قَالَ:
«مَنْ لِرَغْبَتِكَ
وَرَهْبَتِكَ؟».
قَالَ: اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ.
قَالَ:
«فَاتْرُكْ اَلسِّتَّةَ،
وَاعْبُدْ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ، وَأَنَا أُعَلِّمُكَ دَعْوَتَيْنِ» فَأَسْلَمَ، وَعَلَّمَهُ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ
يَقُولَ:
«اَللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَقِنِي
شَرَّ نَفْسِي».
وفيما نُقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الكتب
المتقدمة أنهم يسجدون بالأرض، ويزعمون أن إلههم في السماء.
وروى أبو داود في سُننه أن النبي
r
قال:
«إِنَّ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةَ كَذَا وَكَذَا».
وَذَكَرَ اَلْخَبَرَ إِلَى قَوْلِهِ وَفَوْقَ ذَلِكَ اَلْعَرْشُ،
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ ذَلِكَ.
فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا أَجْمَعَ اَلسَّلَفُ -رَحِمَهُمْ
اَللَّهُ- عَلَى نَقْلِهِ وَقَبُولِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِرَدِّه، وَلَا
تَأْوِيلِهُ، وَلَا تَشْبِيهِهِ، وَلَا تَمْثِيلِهِ.
سُئِلَ اَلْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- فَقِيلَ
يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ
﴿الرَّحْمَنُ
عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه:5].
كَيْفَ اِسْتَوَى؟
فَقَالَ: اَلِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ،
وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَ
بِالرَّجُلِ فَأُخْرِجَ.