صفحة جديدة 6
فَصْلٌ
مِنْ صِفَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى اَلْكَلَامُ
وَمِنْ صِفَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى، أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ
قَدِيمٍ، يَسْمَعْهُ مِنْهُ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، سَمِعَهُ مُوسَى -عَلَيْهِ
اَلسَّلَامُ- مِنْهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ..
وَسَمِعَهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ-، وَمَنْ أَذِنَ لَهُ مِنْ
مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ، وَأَنَّهُ - سُبْحَانَهُ- يُكَلِّمُ اَلْمُؤْمِنِينَ فِي
اَلْآخِرَةِ، وَيُكَلِّمُونَهُ، وَيَأْذَنُ لَهُمْ فَيَزُورُونَهُ..
قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى:
﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾[النساء:164].
وَقَالَ سُبْحَانَهُ:
﴿يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي
وَبِكَلامِي﴾[الأعراف:144].
وَقَالَ سُبْحَانَهُ:
﴿مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ﴾[البقرة:253].
وَقَالَ سُبْحَانَهُ:
﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ
مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾[الشورى:51].
وَقَالَ سُبْحَانَهُ:
﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى﴾[طه:11]
﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ
الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾[طه:12].
وَقَالَ سُبْحَانَهُ:
﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾[طه:14]
وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا أَحَدٌ غَيْرُ
اَللَّهِ.
وَقَالَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه إِذَا تَكَلَّمَ
اَللَّهُ بِالْوَحْيِ، سَمِعَ صَوْتَهُ أَهْلُ اَلسَّمَاءِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
اَلنَّبِيِّ -صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَرَوَى عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ عَنْ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم أَنَّهُ قَالَ:
«يَحْشُرُ اَللَّهُ اَلْخَلَائِقَ
يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ عُرَاةً حُفَاةً غُرْلاً بُهْماً فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ
يَسْمَعْهُ مَنْ بَعُدَ، كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ أَنَا اَلْمُلْكُ، أَنَا
اَلدَّيَّانُ»
رَوَاهُ اَلْأَئِمَّةُ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ اَلْبُخَارِيُّ.
وَفِي بَعْضِ اَلْآثَارِ أَنَّ مُوسَى -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ- لَيْلَةً
رَأَى اَلنَّارَ، فَهَالَتْهُ فَفَزِعَ مِنْهَا، فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا مُوسَى،
فَأَجَابَ سَرِيعاً اِسْتِئْنَاساً بِالصَّوْتِ فَقَالَ: لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ،
أَسْمَعُ صَوْتَكَ، وَلَا أَرَى مَكَانَكَ، فَأَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا
فَوْقَكَ، وَأَمَامَكَ، وَعَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ، فَعَلِمَ أَنَّ هَذِهِ
الصِّفَةَ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى، قَالَ: كَذَلِكَ أَنْتَ يَا
إِلَهِي، أَفَكَلَامَكَ أَسْمَعُ، أَمْ كَلَامَ رَسُولِكَ؟ قَالَ بَلْ كَلَامِي يَا
مُوسَى.