صفحة جديدة 1
الصلاةُ على المنبر
وصلى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرةً على المنبر (وفي رواية: أنه ذو ثلاث
درجات)، فـقام عليه، فَكَبَّر، وَكَبَّر الناس وراءه وهو على المنبر، ثم ركع وهو
عليه، ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد، فصنع فيها كما صنع في
الركعة الأولى، حتى فرَغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس، فقال: «يا أيها الناس!
إني صنعت هذا لتأتموا بي، ولِتَعلَّموا صلاتي».
السُّتْرَةُ ووجُوبها
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقف قريباً من السُّترة؛ فكان بينه وبين
الجدار ثلاثة أذرع، وبين موضع سجوده والجدار ممرُّ شاة.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تُصلِّ إلا إلى سُترة، ولا تدع أحداً يمر بين
يديك، فإن أَبَى فلتقاتله فإن معه القرين».
وكان يقول صلى الله عليه وسلم: وكان يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا صَلّى أحدكم إلى
سترة فَلْيَدْنُ منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته».
وكان أحياناً يتحرى الصلاة عند الأُسْطُوَانَةِ التي في مسجده.
وكان إذا صلى في فضاء ليس فيه شيء يستتر به غرز بين يديه حَرْبةً فصلى إليها والناس
وراءه.
وأحياناً كان يُعَرِّضُ راحلته فيصلي إليها؛ وهذا خلاف الصلاة في أعطان الإبل؛ فإنه
نهى عنها.
وأحياناً كان يأخذ الرَّحْلَ فيعدله فيصلي إلى آخرته، وكان يقول: «إذا وَضَع أحدكم
بين يديه مثل مُؤْخِرَة الرحل فليصلِّ، ولا يبالي مَن مَرَّ وراء ذلك».
وصَلّى مرةً إلى شجرة.
وكان أحياناً يُصلي إلى السرير، وعائشة رضي الله عنها مضطجعة عليه تحت قطيفتها.
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يدعَ شيئاً يمر بينه وبين السترة؛ فقد
كان مرة يصلي إذ جاءت شاة تسعى بين يديه، فَسَاعَاهَا حتى ألزق بطنه بالحائط، ومرت
من ورائه.
وصلى صلاة مكتوبة فضم يده، فلمّا صلى قالوا: يا رسول الله! أَحَدَثَ في الصلاة شيء؟
قال: «لا؛ إلا أن الشيطان أراد أن يمر بين يدي فَخَنَقْتُه حتى وجدت بَرْدَ لسانه
على يدي، وايم الله! لولا ما سبقني إليه أخي سليمان لارْتُبِطَ إلى سارية من سواري
المسجد حتى يَطِيْفَ به وِلْدَانُ أهل المدينة، فمن استطاع أن لا يحول بينه وبين
القبلة أحد فليفعل».
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من
الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره، وليدرأ ما استطاع (وفي رواية:
فليمنعه مرتين)، فإن أَبَى فليقاتله، فإنما هو شيطان».
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «لو يعلم المارُّ بين يدي المصلي
ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه».
ما يَقْطَعُ الصَّلاةَ
وكان يقول: «يقطع صلاةَ الرجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرَّحْل: المرأةُ الحائض،
والحمار، والكلب الأسود»، قال أبو ذر: «قلت: يا رسول الله! ما بالُ الأسود من
الأحمر؟ فقال: «الكلب الأسود شيطان».
الصلاةُ تجاه القبر
وكان ينهى عن الصلاة تجاه القبر؛ فيقول: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها»
وهو رواية لمسلم، وأحمد.
النِّيَّةُ
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل
امرئ ما نوى».
التكبير
ثم كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستفتح الصلاة بقوله: «الله أكبر»، وأمر
بذلك (المسيء صلاته)- كما تقدم- وقال له: «إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ
فيضع الوضوء مواضعه، ثم يقول: الله أكبر».
وكان يقول: «مِفتاح الصلاة: الطُّهور، وتحريمها: التكبير، وتحليلها: التسليم».
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع صوته بالتكبير حتى يُسْمع مَنْ
خلْفَه.
وكان إذا مَرِض رَفَع أبو بكر رضي الله عنه صوته يُبَلِّغ الناس تكبيره صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكان يقول: «إذا قال الإمام: (الله أكبر)؛ فقولوا: (الله أكبر)».
رَفْعُ اليدَيْنِ
وكان يرفع يديه تارةً مع التكبير، وتارةً بعد التكبير، وتارةً قبله، وكان يرفعهما
ممدودة الأصابع، لا يُفَرِّج بينها، ولا يضمها، وكان يجعلهما حذو منكبيه، وربما كان
يرفعهما حتى يحاذي بهما فروع أذنيه.
وَضْعُ اليمنى على اليُسرى، والأمرُ به
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع يده اليُمنى على اليسرى.
وكان يقول: «إنَّا- معشرَ الأنبياء- أُمِرْنا بتعجيل فِطْرنا، وتأخير سُحورنا، وأن
نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة».
ومَرّ بِرَجُل وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى؛ فانتزعها، ووضع اليمنى على
اليسرى.
وضعهُمَا على الصَّدْرِ
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع اليُمنى على ظهر كفه اليسرى
والرسغ والساعد، وأَمَرَ بذلك أصحابه، وكان أحياناً يقبض باليمنى على اليسرى، وكان
يضعهما على الصدر.
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن الاختصار في الصلاة- وهو الصَّلْبُ
الذي كان ينهى عنه-.
النَّظَرُ إلى مَوْضع السُّجُودِ، والخُشُوعُ
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى طأطأ رأسه، ورَمَى ببصره نحو
الأرض.
ولَمّا دخل الكعبة ما خَلَفَ بَصَره موضع سجوده حتى خرج منها.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يَشغل
المصلي».
وكان يَنَهى عن رَفْع البصر إلى السماء، ويُؤكد
في النَّهْي حتى قال: «لينتهِيَنَّ أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة؛ أو
لا ترجع إليهم» (وفي رواية: «أو لتخطفن أبصارهم»).
وفي حديث آخر: «فإذا صليتم فلا تلتفتوا؛ فإن الله يَنْصُبُ وجهه لوجه عبده في صلاته
ما لم يلتفت».
وقال أيضاً عن التلفُّت: «اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد».
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يزال الله مُقبلاً على العبد
في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه».
ونهى عن ثلاث: عن نُقرةٍ كنُقرة الديك، وإقعاءٍ كإقعاء الكلب، والتفاتٍ كالتفات
الثعلب.
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «صَلِّ صلاة مُوَدِّعٍ كأنك تراه،
فإن كنت لا تراه فإنه يراك».
ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيُحسن وضوءها،
وخشوعها، وركوعها؛ إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يُؤْتَ كبيرة، وذلك
الدهرَ كلَّه».
وقد صلى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خَمِيصة لها أعلام، فَنَظَر إلى
أعلامها نَظْرة، فلمّا انصرف قال: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وائتوني
بأَنْبِجانِيَّة أبي جهم؛ فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي» (وفي رواية: فإني نظرت إلى
عَلَمِها في الصلاة فكاد يفتِنُني).
وكان لعائشةَ رضي الله عنها ثوبٌ فيه تصاوير ممدود إلى سَهْوة، فكان النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي إليه، فقال: «أخِّريه عني؛ فإنه لا تزال تصاويره
تعرِض لي في صلاتي».
وكان يقول: «لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يُدَافِعه الأخبثان».