صفحة جديدة 1
أعمال علي
أول إمارته بعث عُمّالاً على الأمصار غير جميع عُمّال عثمان؛ فبعث على البصرة عثمان
بن حنيف الأنصاري بدل عبد الله بن عامر، وعلى الكوفة عمارة ابن شهاب بدل أبي موسي
الأشعري، وعلى اليمن عبيد الله بن عباس بدل يعلى بن مُنية، وعلى مصر قيس بن سعد بن
عبادة بدل عبد الله بن سعد، وعلى الشام سهل بن حنيف بدل معاوية بن أبي سفيان..
وأمر كُلاً بالتوجه إلى عمله:
فأمّا عثمان بن حنيف فتوجه إلى البصرة، ولم يَرُدّه عنها أحد ولم يعارضه ابن عامر..
وأّما عمارة بن شهاب فقابله- وهو قريب من الكوفة- طليحة بن خويلد الأسدي فقال له:
ارجع فإن القوم لا يريدون بأميرهم بدلاً فرجع إلى علي..
وأمّا عبيد الله بن عباس فلمّا قارب اليمن خرج منها يعلى بن مُنية وأخذ كثيراً من
الأموال وذهب إلى مكة فدخل عبيد الله اليمن غير مُعَارَضٍ..
وأمّا قيس بن سعد فلمّا وصل مصر افترق أهلها عليه؛ ففرقة دخلت في الجماعة، وفرقة
اعتزلت بخرنبا، وقالوا: لا نكون مع علي إلا إن قتل قَتَلة عثمان، وفِرْقة قالوا:
نحن مع علي إلا إن قاد من إخواننا، فكتب قيس إلى علي بذلك..
وأمّا سهل بن حنيف؛ فلمّا وصل تبوك قابلته خيل عليها رجال من أهل الشام فردوه..
خلاف معاوية
وامتنع معاوية من بيعة علي واحتج على خلافته لأنه ظن فيه الهوادة في نُصرة عثمان
على قاتليه ومعاوية يرى لنفسه حقاً عظيما في القصاص من قتلة عثمان لأنه وَلِيّه..
والله تعالى يقول:
﴿وَمَنْ
قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي
الْقَتْلِ﴾[الإسراء:33]..
ولم ير في الامتناع عن البيعة خروجاً على الإمام؛ لأنه رأى أن بيعة علي لم تنعقد
حيث لم تكن بإجماع ذوي الحل والعقد كما قدّمنا، فأرسل إليه رجلاً بطومار ليس فيه
شيء من الكتابة وعنوانه من معاوية إلى علي بن أبي طالب، وأَمَره إذا قدِم المدينة
أن يرفعه ليعلم الناس أنه مُخالف، ففعل الرجل ما أُمِرَ به..
فلما علم أهل المدينة بذلك أحبوا أن يعلموا رأي علي في هذه المشكلة؛ أيقاتل معاوية
أم يحذر ذلك؟؟
فدسوا إليه زياد بن حنظلة، وكان منقطعاً إليه،
فقال له على يا زياد! تسير؟
قال: لأي شيء؟
قال: لغزو الشام..
فقال زياد: الأناة والرفق أمثل وأنشد:
ومَنْ لم يصانع في أمور كثيرة يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
وقال علي:
متى نجمع القلب الذكي وصارماً وأنفاً حميا تجتنبك المظالم
فخرج زياد..
فقالوا له: ما وراءك؟
قال: السيف..
وقد عَدّ علي خلاف معاوية بغياً وخروجاً عن طاعته، لأنه رأى أن بيعته انعقدت بمَنْ
بايع فلزمت مَنْ لم يبايع، وأرسل إلى أهل الأمصار يستنفرهم لقتال معاوية، وكان
الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله قد خرجا يريدان العمرة..