صفحة جديدة 1
ليلة الهرير وقتْل رستم
ولذلك سُميت هذه الليلة ليلة الهرير رأى فيها العرب والفرس ما لم يروا مثله قبلها؛
فالمسلمون يُحامون عن دينهم، والفرس يُحامون عن دولتهم.. ولكن أين مَنْ يحارب عن
الدنيا ممَّنْ يحارب لتكون كلمة الله هي العليا؟
واستمر القتال إلى الصباح..
فقال القعقاع: إن الدائرة تكون لم صبر ساعة فاصبروا ساعة فإن النصر مع الصبر..
فانضم إليه جماعة من الرؤساء واستمروا يقاتلون حتى قام قائم الظهيرة، فابتدأ الفرس
بالتقهقر وكان أوَّل مَنْ زال الفيروزان والهرمزان، فتأخَّرا عن مواقفهما، ثم حمل
هلال بن عُلَّفَة أحد فرسان المسلمين فقتل رستم، فلما رأى ذلك الفرس ابتدءوا
بالانهزام، فقام الجالينوس على الردم وأمر الجيش بالعبور، فعبر مَنْ نجا منهم،
فتبِعهم زهرة بن الحوية وأدرك الجالينوس وهو يجمع المنهزمين فقتله..
وأخذ ضرار بن الخطاب الفهرى الراية العظمى لفارس وهى (درفش كابيان)..
ويُسمى هذا اليوم يوم القادسية..
وبعد إتمام الهزيمة أمر سعد بجمْع الأسلاب والغنائم، وكانت شيئاً كثيراً فقسمها كما
أمر الله سبحانه وتعالى..
وهنّأ جنوده بهذا النصر المبين، وبعث بالخُمُس والبشارة إلى أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب، وكان رضي الله عنه يخرج كل يوم من المدينة يتنسم الأخبار حتى يَرُدَّه حر
الظهيرة..
فلما جاء البشير لاقاه عمر وهو يسير سيراً حثيثاً، فسأله عمر: من أين؟
فأخبره الرجل: أنه آت من قِبَل سعد.
فقال: يا عبد الله! حدثني..
قال: هزم الله المشركين، وعمر يخُبُّ وراءه، والرجل لا يعرفه حتى دخل المدينة فإذا
الناس يُسلمون عليه بإمرة المؤمنين..
فقال البشير: هلا أخبرتني رحمك الله..
فقال عمر: لا بأس عليك يا أخي.
وهذه الموقعة كانت أعظم وقعات المسلمين مع فارس؛ قُتِل فيها مشاهير الفرس وكبار
قوادهم، وقُتِل من الجيش كثير غرقاً وقتْلاً، وقاتل فيها أغلب رؤساء العرب لأن عمر
لم يترك أحداً من ذوي النجدات يتأخر عنها..
وكان المسلمون لا يذكرون ما بعدها من الوقائع..
وأقام سعد بالقادسية شهرين ينتظر أمر عمر حتى جاءه بالتوجّه لفتح المدائن..