20- الفصل الثالث: موقف الأمة الإسلامية من المبتدعة ومنهج أهل السنة والجماعة في الّرّدّ عليهم إلى آخر الكتاب
598 زائر
09-12-2015
HTML Editor - Full Version
شرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ صالح الفوزان - شرح فضيلة الشيخ د.وليد بن إدريس المنيسي من الفصل الثالث: موقف الأمة الإسلامية من المبتدعة ومنهج أهل السنة والجماعة في الّرّدّ عليهم إلى آخر الكتاب
2 ـ التبرك بالأماكن والآثار والأشخاص أحياء وأمواتًا
من البدع المحدثة: التبرك بالمخلوقين، وهو لونٌ من ألوان الوثنية، وشبكة يصطاد بها المرتزقة أموال السذج من الناس، والتبرك: طلب البركة وهي: ثبوت الخير في الشيء وزيادته، وطلبُ ثبوت الخير وزيادته إنما يكونُ ممن يَملك ذلك ويقدر عليه، وهو الله سبحانه، فهو الذي ينزل البركة ويثبتها، أما المخلوق فإنه لا يقدر على منح البركة وإيجادها، ولا على إبقائها وتثبيتها، فالتبرك بالأماكن والآثار والأشخاص - أحياء وأمواتًا - لا يجوز؛ لأنه إما شرك، إن اعتقد أنَّ ذلك الشيء يمنحُ البركة، أو وسيلة إلى الشرك إن اعتقد أن زيارته وملامسته والتمسح به، سبب لحصولها من الله.
وأما ما كان الصحابة يفعلونه من التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وريقه وما انفصل من جسمه صلى الله عليه وسلم، خاصة كما تقدَّم ؛ فذلك خاص به صلى الله عليه وسلم ولم يكن الصحابة يتبركون بحجرته وقبره بعد موته، ولا كانوا يقصدون الأماكن التي صلَّى فيها و جلس فيها؛ ليتبركوا بها، وكذلك مقامات الأولياء من باب أولى، ولم يكونوا يتبركون بالأشخاص الصالحين، كأبي بكر وعمر وغيرهما من أفاضل الصحابة، لا في الحياة ولا بعد الموت، ولم يكونوا يذهبون إلى غار حراء ليصلوا فيه أو يدعوا، ولم يكونوا يذهبون إلى الطور الذي كَلَّم الله عليه موسى ليصلوا فيه ويدعوا، أو إلى غير هذه الأمكنة من الجبال التي يُقالُ إنَّ فيها مقامات الأنبياء أو غيرهم، ولا إلى مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء.
وأيضًا فإن المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه بالمدينة النبوية دائمًا لم يكن أحد من السلف يستلمه ولا يُقبّلُه، ولا الموضع الذي صلى فيه بمكة وغيرها، فإذا كان الموضوع الذي كان يطؤه صلى الله عليه وسلم بقدميه الكريمتين، ويُصلي عليه، لم يشرع لأمته التمسح به ولا تقبيله، فكيف بما يقال إن غيره صلى فيه أو نام عليه؟ فتقبيل شيء من ذلك والتمسّح به قد علم العلماء بالاضطرار من دين الإسلام: أن هذا ليس من شريعته صلى الله عليه وسلم .
3 ـ البدع في مجال العبادات والتقرب إلى الله
البدع التي أحدثت في مجال العبادات في هذا الزمان كثيرة، والأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرعُ شيء منها إلا بدليل، وما لم يدل عليه دليلٌ فهو بدعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) [رواه مسلم].
والعبادات التي تمارس الآن ولا دليل عليها كثيرة جدًّا، منها:
الجهر بالنية للصلاة: بأن يقول: نويت أن أصلي لله كذا وكذا، وهذه بدعة؛ لأنه ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الله تعالى يقول: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحجرات/16].
والنية محلها القلب، فهي عمل قلبي لا عمل لساني.
ومنها: الذكر الجماعي بعد الصلاة؛ لأن المشروع أن كل شخص يقول الذكر الوارد منفردًا.
ومنها: طلب قراءة الفاتحة في المناسبات، وبعد الدعاء، وللأموات.
ومنها: إقامة المآتم على الأموات، وصناعة الأطعمة واستئجار المقرئين، يزعمون أن ذلك من باب العزاء، أو أن ذلك ينفع الميت، وكل ذلك بدع لا أصل لها، وآصار وأغلال ما أنزل الله بها من سلطان.
ومنها: الاحتفال بالمناسبات الدينية، كمناسبة الإسراء والمعراج، ومناسبة الهجرة النبوية، وهذا الاحتفال بتلك المناسبات لا أصل له في الشرع.
ومن ذلك: ما يفعل في شهر رجب، وما يفعل فيه من العبادات الخاصة به، كالتطوع بالصلاة والصيام فيه خاصة، فإنه لا ميزة له على غيره من الشهور، لا في الصيام والصلاة والذبح للنسك فيه، ولا غير ذلك.
ومن ذلك: الأذكار الصُّوفية بأنواعها، كلها بدع ومحدثات؛ لأنها مخالفة للأذكار المشروعة في صيغها وهيئاتها وأوقاتها.
ومن ذلك: تخصيصُ ليلة النصف من شعبان بقيام، ويوم النصف من شعبان بصيام، فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء خاص به.
ومن ذلك: البناء على القبور، واتخاذها مساجد، وزيارتها لأجل التبرك بها، والتوسل بالموتى، وغير ذلك من الأغراض الشركية، وزيارة النساء لها؛ مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج.
وختامًا نقول: إنَّ البدعَ بريد الكفر، وهي زيادة دين لم يشرعه الله ولا رسوله، والبدعة شر من المعصية الكبيرة، والشيطانُ يفرحُ بها أكثر مما يفرح بالمعاصي الكبيرة؛ لأنَّ العاصي يفعل المعصية وهو يعلم أنها معصية فيتوب منها، والمبتدع يفعل البدعة يعتقدها دينًا يتقرب به إلى الله، فلا يتوب منها، والبدع تقضي على السُّنن، وتُكَرِّه إلى أصحابها فعل السنن وأهلَ السنة.
والبدعة تباعد عن الله، وتُوجبُ غضبه وعقابه، وتسبب زيغ القلوب وفسادها.
ما يعامل به المبتدعة
تحرُمُ زيارة المبتدع ومجالسته إلا على وجه النصيحة له والإنكار عليه؛ لأن مخالطته تؤثر على مخالطه شرًا، وتنشر عداوته إلى غيره، ويجب التحذير منهم، ومن شرهم، إذا لم يكن الأخذ على أيديهم، ومنعهم من مزاولة البدع، وإلا فإنه يجب على علماء المسلمين وولاة أمورهم منع البدع، والأخذ على أيدي المبتدعة، وردعهم عن شرهم؛ لأن خطرهم على الإسلام شديد، ثم إنَّهُ يجب أن يُعلمَ أن دول الكفر تشجع المبتدعة على نشر بدعتهم، وتساعدهم على ذلك بشتى الطرق؛ لأن في ذلك القضاء على الإسلام، وتشويه صورته.
نسأل الله عز وجل أن ينصر دينه، ويُعلي كلمته، ويخذل أعداءه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.