صفحة جديدة 11
ونُؤْمِنُ باللَّوحِ والقَلَمِ وبِجَميعِ مَا فيه قَدْ رُقِم. فلَو
اجتمعَ الخَلْقُ كلُّهم على شَيْءٍ كتَبَهُ الله تَعالى فِيه أنَّه كَائِنٌ،
لِيجْعَلوهُ غيْرَ كَائِن -لمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. ولو اجْتَمَعُوا كُلُّهم عَلى
شَيْءٍ لمْ يكْتُبه الله تعالى فيه، أنَّهُ غَيْرُ كَائِنٍ ليجعلُوهُ كائِناً- لم
يقدروا عليه، جَفَّ القَلَمُ بما هُوَ كَائنٌ إلى يَوْمِ القِيامَة، ومَا أَخْطأَ
العَبْدُ لمْ يَكُنْ ليُصِيبَهُ، وما أصَابَهُ لمْ يَكُن ليُخْطِئهُ.
وعَلى العَبْد أن يَعلَمَ أَنَّ الله قَدْ سَبَقَ عِلْمُهُ في كُل
كَائنٍ مِنْ خَلْقِه، فقدر ذلك تقديراً محكماً مبرماً، ليسَ فيه نَاقِضٌ، وَلاَ
مُعَقِّبٌ، وَلاَ مُزِيلٌ، ولا مُغيّرٌ، ولا مُحَولٌ، ولا نَاقِصٌ، ولا زَائِدٌ
مِنْ خَلْقِهِ في سَماوَاتهِ وأرْضِه.
وذلكَ مِنْ عَقْدِ الإيمَانِ، وأُصُولِ المعْرِفَةِ، والاعْترافِ
بتوْحيدِ الله تعالى ورُبُوبِيَّتِهِ،
كما قالَ تعالى في كتابهِ
﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾[الفرقان:2]،
وقال تعالى
﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ
قَدَرًا مَقْدُورًا﴾[الأحزاب:38].
فَوَيْلٌ لمنْ صَارَ لله تَعالى في القَدَرِ خَصِيمًا، وأحْضَرَ
للنَّظَرِ فيهِ قَلْباً سقيماً، لَقد الْتَمَسَ بوهْمِهِ في فَحْصِ الغَيْبِ سِرًّا
كَتِيماً، وَعادَ بما قالَ فيهِ أَفَّاكاً أَثِيماً.
والعرشُ والكرسيُّ حَقٌّ.
وهُوَ مُسْتَغْنٍ عَن العرشِ ومَا دُونَه.
مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وفَوْقَهُ، وقَدْ أعْجَزَ عَنِ الإحَاطَةِ
خَلْقهُ.
ونَقُولُ: إنَّ اللهَ اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وكَلَّمَ الله
مُوسى تكْلِيماً، إِيمَاناً وتَصْدِيقاً وتَسْلِيماً.