صفحة جديدة 32
باب في ميراث البنات
*
البنت الواحدة تأخذ النصف
بشرطين:
الشرط الأول: انفرادها عمن يشاركها من أخواتها
والشرط الثاني: انفرادها عمن يعصبها من إخوتها.وذلك لقوله تعالى:
﴿يُوصِيكُمُ
اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ
نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً
فَلَهَا النِّصْفُ﴾..
فقوله:
﴿وَإِنْ
كَانَتْ وَاحِدَةً﴾ يؤخذ منه اشتراط
انفرادها عمن يشاركها من أخواتها، وقوله تعالى: ﴿لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ يؤخذ منه
اشتراط عدم المعصب
* وبنت الابن تأخذ النصف بثلاثة
شروط:
الشرط الأول: عدم المعصب لها، وهو أخوها أو ابن عمها الذي في درجتها.
والشرط الثاني: عدم المشارك لها؛ وهو أختها أو بنت عمها التي في درجتها.
والشرط الثالث: عدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منها،
* والبنات اثنتان فأكثر تأخذان
الثلثين، وذلك بشرطين:
الشرط الأول: أن يكن اثنتين فأكثر.
والشرط الثاني: عدم المعصب، وهو ابن الميت لصلبه وذلك لقوله تعالى:
﴿يُوصِيكُمُ
اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ
نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾
فاستفيد من قوله: ﴿لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ اشتراط
عدم المعصب في ميراث البنات الثلثين، واستفيد من قوله تعالى:﴿فَإِنْ
كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾
اشتراط كونهن اثنتين فأكثر.
* لكن قد أشكل لفظ:
﴿فَوْقَ
اثْنَتَيْنِ﴾ في الآية الكريمة؛ إذ
ظاهره أن البنتين لا يأخذن الثلثين، وإنما تأخذه الثلاث فأكثر؛ كما هو مروي عن ابن
عباس رضي الله عنهما، والجمهور من أهل العلم على خلافه، وأن البنتين تأخذان الثلثين
بدليل حديث جابر رضي الله عنه؛ قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم بابنتيها من سعد، فقالت: يا رسول الله! هاتان ابنتا سعد بن الربيع،
قتل أبوهما معك في أحد شهيدا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا، ولا تنكحان
إلا بمال. فقال:«يقضي
الله في ذلك» فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول الله إلى عمهما، فقال:
«أعط
ابنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك»
رواه الخمسة إلا النسائي، وحسنه الترمذي، وهو يدل على أن للبنتين الثلثين، وهو نص
في محل النزاع، وتفسير من النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ
كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾
وبيان لمعناها، لا سيما وأن سبب نزولها قصة ابنتي سعد بن الربيع، وسؤال أمهما عن
شأنهما، وحين نزلت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمهما. ويجاب عن لفظة
﴿فَوْقَ
اثْنَتَيْنِ﴾ التي استدل بها من رأى عدم
توريث البنتين الثلثين حتى يكن ثلاثا فأكثر بأجوبة:
منها: أن هذا من باب مطابقة
الكلام بعضه لبعض؛ لأنه سبحانه وتعالى قال:﴿يُوصِيكُمُ
اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ
نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾
فالضمير في (كن) مجموع يطابق الأولاد إن كان الأولاد نساء؛
فاجتمع في الآية الكريمة ثلاثة أمور:
لفظ (الأولاد) وهو جمع، وضمير
(كن) وهو ضمير جمع، و (نساء) وهو اسم جمع؛ فناسب التعبير بفرق اثنتين.
ومن الأجوبة عن هذا الإشكال: أن
الله تعالى جعل للذكر مثل حظ الأنثيين، فإذا أخذ الذكر الثلثين والأنثى الثلث؛ علم
قطعا أن حظ الأنثيين الثلثان؛ لأنه إذا كان للواحدة مع الذكر الثلث؛ فلأن يكون لها
مع الأنثى الثلث أولى وأحرى، وهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى، فإذا كان سبحانه
قد ذكر ميراث الواحدة نصا وميراث الثنتين تنبيها؛ فإن كلمة﴿فَوْقَ
اثْنَتَيْنِ﴾ تفيد أن الفرض لا يزيد
بزيادة العدد، حتى ولو كن فوق اثنتين، والله أعلم.
* وبنتي الابن مثل بنات الصلب
في استحقاقهن الثلثين، سواء كانتا أختين أو بنتي عم متحاذيتين؛ فتأخذان الثلثين
قياسا على بنتي الصلب؛ لأن بنت الابن كالبنت،
لكن لا بد لهما من توفر ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكن اثنتين فأكثر.
والشرط الثاني: عدم المعصب، وهو ابن الابن، سواء كان أخا لهما أو كان ابن عم لهما
في درجتهما.
الشرط الثالث: عدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منهما من ابن صلب أو ابن ابن أو
بنات صلب أو بنات ابن واحدة فأكثر، والله أعلم.