صفحة جديدة 30
باب في ميراث الآباء والأجداد
ولكل من الأب والجد: السدس فرضا
مع ذكور الولد وولد الابن؛ لقوله تعالى:
﴿وَلِأَبَوَيْهِ
لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾.
ويرث الأب والجد بالتعصيب مع
عدم الولد وولد الابن، لقوله تعالى:
﴿فَإِنْ
لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾..
فأضاف الميراث إلى الأبوين
الأب والأم، وقدر نصيب الأم، ولم يقدر نصيب الأب، فكان له الباقي تعصيبا.
ويرث الأب والجد بالفرض
والتعصيب معا مع إناث الأولاد وأولاد البنين، لقوله صلى الله عليه وسلم:
﴿ألحقوا
الفرائض بأهلها؛ فما بقي؛ فلأولى رجل ذكر﴾
أي: فلأقرب رجل من الميت، والأب هو أقرب ذكر بعد الابن وابنه.
فتلخص أن للأب ثلاث حالات:
الحالة الأولى: يرث فيها بالفرض فقط، وذلك مع وجود ابن الميت لصلبه أو ابن ابنه
وإن نزل.
والحالة الثانية: يرث فيها بالتعصيب فقط مع عدم الولد وولد الابن.
والحالة الثالثة: يرث فيها بالفرض والتعصيب معا مع وجود الإناث من ولد الميت أو من
ولد ابنه.
والجد مثل الأب في مثل هذه
الحالات؛ لتناول النصوص له إذا عدم الأب.
ويزيد الجد على الأب حالة
رابعة، وهي ما إذا وجد معه إخوة أشقاء أو لأب، فقد اختلف في هذه الحالة: هل يكون
فيها مثل الأب يحجب الإخوة أو لا يحجبهم ويشاركونه في الميراث ويكون كواحد منهم
يتقاسمون المال أو ما أبقت الفروض على كيفيات معروفة في هذا الباب؛ لأن الجد
والإخوة تساووا في الإدلاء بالأب؛ فالجد أبوه، والإخوة أبناؤه، فيتساوون في
الميراث؛ كما ذهب إلى ذلك جماعة من الصحابة؛ كعلي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وهو
قول الإمام مالك والشافعي وصاحبي أبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه، واستدلوا بأدلة
وتوجيهات وأقيسة كثيرة مذكورة في الكتب المطولة.
والقول الثاني أن الجد يسقط
الإخوة كما يسقطهم الأب، وذهب إلى ذلك أبو بكر الصديق وابن عباس وابن الزبير، وروي
عن عثمان وعائشة وأبي كعب وجابر وغيرهم، وهو قول الإمام أبي حنيفة، ورواية عن
الإمام أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب
رحم الله الجميع، ولهم أدلة كثيرة، وهذا القول أقرب إلى الصواب من القول الأول،
والله أعلم.