صفحة جديدة 6
باب النهي عن سب الريح
عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لا
تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير
ما فيها، وخير ما أُمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أُمرت
به» صححه الترمذي.
فيه مسائل:
الأولى: النهي عن سب الريح.
الثانية: الإرشاد إلى الكلام النافع إذا رأى الإنسان ما يكره.
الثالثة: الإرشاد إلى أنها مأمورة.
الرابعة: أنها قد تُؤمر بخير وقد تُؤمر بشر.
﴿يَظُنُّونَ
بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ
الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ...﴾[آل
عمران:154] الآية.
وقوله:
﴿الظَّانِّينَ
بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ..﴾[الفتح:6]
الآية.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى
في الآية الأولى: فُسّر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل.
وفُسِّر: بأن ما أصابهم لم يكن
بقدر الله وحكمته.
ففُسر بإنكار الحكمة، وإنكار
القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله، وأن يظهره الله على الدين كله.
وهذا هو ظن السوء الذي ظن
المنافقون والمشركون في سورة الفتح.
وإنما كان هذا ظن السوء؛ لأنه
ظن غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق، فمَن ظن أنه يديل
الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه
وقدره، أو أنكر أن يكون قدَّره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك
لمشيئة مجردة، فذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.
وأكثر الناس يظنون بالله ظن
السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه
وصفاته وموجب حكمته وحمده.
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه
بهذا، وليتب إلى الله ويستغفره من ظنه بربه ظن السوء، ولو فتشت مَن فتشت لرأيت عنده
تعنتاً على القدر وملامةً له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر،
وفتش نفسك: هل أنت سالم؟
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة |
|
وإلا فإني لا إخالك ناجياً |
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية آل عمران.
الثانية: تفسير آية الفتح.
الثالثة: الإخبار بأن ذلك أنواع لا تُحصر.
الرابعة: أنه لا يسلم من ذلك إلا مَنْ عرف الأسماء والصفات وعرف نفسه.