صفحة جديدة 2
باب قول الله تعالى: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾[القصص:56]
في (الصحيح) عن ابن المسيب عن
أبيه قال:
«لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه
رسول الله
صلى الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو
جهل، فقال له:
«يا عم، قل: لا إله
إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله» فقالا
له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي
صلى الله عليه وسلم، فأعادا فكان آخر ما قاله على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله
إلا الله. فقال النبي
صلى الله عليه وسلم:
«لأستغفرن
لك ما لم أُنه عنك» فأنزل الله
عز وجل:
﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾[التوبة:113]،
وأنزل الله في أبي طالب: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي
مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾[القصص:56].
فيه مسائل:
الأولى: تفسير قوله تعالى:
﴿إِنَّكَ لا
تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾[القصص:56]
الآية.
الثانية:تفسير قوله تعالى:
﴿مَا
كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ
كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ
الْجَحِيمِ﴾[التوبة:113] الآية.
الثالثة: وهي المسألة الكبيرة – تفسير قوله
صلى الله عليه وسلم:
«قل: لا إله إلا
الله» بخلاف ما عليه مَن يدعي العلم.
الرابعة: أن أبا جهل ومَنْ معه يعرفون مراد النبي
صلى الله عليه وسلم إذ قال للرجل: (قل لا إله إلا الله). فقبّح الله مَنْ أبو جهل أعلم
منه بأصل الإسلام.
الخامسة: جدّه صلى الله عليه وسلم ومبالغته في إسلام عمه.
السادسة: الرد على مَن زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه.
السابعة: كونه صلى الله عليه وسلم استغفر له فلم يُغفر له، بل نهُي عن ذلك.
الثامنة: مضرة أصحاب السوء على الإنسان.
التاسعة: مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر.
العاشرة: الشبهة للمبطلين في ذلك، لاستدلال أبي جهل بذلك.
الحادية عشرة: الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم، لأنه لو قالها لنفعته.
الثانية
عشرة: التأمل في كِبَر هذه الشبهة في قلوب الضالين، لأن في القصة أنهم
لم يجادلوه إلا بها، مع مبالغته صلى الله عليه وسلم وتكريره، فلأجل عظمتها ووضوحها
عندهم اقتصروا عليها.