صفحة جديدة 1
فَمَنْ نَظَرَ إلَى الْقَدَرِ فَقَطْ وَعَظَّمَ الْفَنَاءَ فِي
تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَوَقَفَ عِنْدَ الْحَقِيقَةِ الْكَوْنِيَّةِ: لَمْ
يُمَيِّزْ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ، وَالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَالْبِرِّ
وَالْفُجُورِ، وَالْعَدْلِ وَالظُّلْمِ، وَالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَالْهُدَى
وَالضَّلَالِ، وَالرَّشَادِ وَالْغَيِّ، وَأَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ،
وَأَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ، وَهَؤُلَاءِ مَعَ أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ
بِالضَّرُورَةِ لِكُتُبِ اللَّهِ وَدِينِهِ وَشَرَائِعِهِ فَهُمْ مُخَالِفُونَ
أَيْضًا لِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالذَّوْقِ وَضَرُورَةِ الْعَقْلِ وَالْقِيَاسِ..
فَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَلْتَذَّ بِشَيْءِ وَيَتَأَلَّمَ
بِشَيْءِ، فَيُمَيِّزَ بَيْنَ مَا يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَمَا لَا يَأْكُلُ وَلَا
يَشْرَبُ، وَبَيْنَ مَا يُؤْذِيه مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ
وَهَذَا التَّمْيِيزُ بَيْنَ مَا يَنْفَعُهُ وَيَضُرُّهُ هُوَ الْحَقِيقَةُ
الشَّرْعِيَّةُ الدِّينِيَّةُ.
وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْبَشَرَ يَنْتَهِي إلَى حَدٍّ يَسْتَوِي عِنْدَهُ
الْأَمْرَانِ دَائِمًا: فَقَدْ افْتَرَى وَخَالَفَ ضَرُورَةَ الْحِسِّ.
وَلَكِنْ قَدْ يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ عَارِضٌ
كَالسُّكْرِ وَالْإِغْمَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْغَلُ عَنْ الْإِحْسَاسِ
بِبَعْضِ الْأُمُورِ؛
فَأَمَّا أَنْ يَسْقُطَ إحْسَاسُهُ بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ وُجُودِ
الْحَيَاةِ فِيهِ؛ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ فَإِنَّ النَّائِمَ لَمْ يَفْقِدْ إحْسَاسَ
نَفْسِهِ بَلْ يَرَى فِي مَنَامِهِ مَا يَسُوءُهُ تَارَةً وَمَا يَسُرُّهُ
أُخْرَى..
فَالْأَحْوَالُ الَّتِي يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالِاصْطِلَامِ
وَالْفَنَاءِ وَالسُّكْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إنَّمَا تَتَضَمَّنُ عَدَمَ الْإِحْسَاسِ
بِبَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ بَعْضٍ، فَهِيَ مَعَ نَقْصِ صَاحِبِهَا - لِضَعْفِ
تَمْيِيزِهِ - لَا تَنْتَهِي إلَى حَدٍّ يَسْقُطُ فِيهِ التَّمْيِيزُ مُطْلَقًا،
وَمَنْ نَفَى التَّمْيِيزَ فِي هَذَا الْمَقَامِ مُطْلَقًا، وَعَظَّمَ هَذَا
الْمَقَامَ فَقَدْ غَلِطَ فِي الْحَقِيقَةِ الْكَوْنِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ:
قَدْرًا وَشَرْعًا، وَغَلِطَ فِي خَلْقِ اللَّهِ وَفِي أَمْرِهِ..
حَيْثُ ظَنَّ أَنَّ وُجُودَ هَذَا؛ لَا وُجُودَ لَهُ.
وَحَيْثُ ظَنَّ أَنَّهُ مَمْدُوحٌ وَلَا مَدْحَ فِي عَدَمِ
التَّمْيِيزِ: الْعَقْلُ وَالْمَعْرِفَةُ.
وَإِذَا سَمِعْت بَعْضَ الشُّيُوخِ يَقُولُ: أُرِيدُ أَنْ لَا أُرِيدَ، أَوْ
أَنَّ الْعَارِفَ لَا حَظَّ لَهُ وَأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمَيِّتِ بَيْنَ يَدَيْ
الْغَاسِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا إنَّمَا يُمْدَحُ مِنْهُ سُقُوطُ إرَادَتِهِ
الَّتِي يُؤْمَرُ بِهَا، وَعَدَمُ حَظِّهِ الَّذِي لَا يُؤْمَرُ بِطَلَبِهِ،
وَأَنَّهُ كَالْمَيِّتِ فِي طَلَبِ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِطَلَبِهِ، وَتَرْكِ دَفْعِ
مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِدَفْعِهِ..
وَمَنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ تَبْطُلُ إرَادَتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ
وَأَنَّهُ لَا يُحِسُّ بِاللَّذَّةِ وَالْأَلَمِ؛ وَالنَّافِعِ وَالضَّارِّ فَهَذَا
مُخَالِفٌ لِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالْعَقْلِ.
وَمَنْ مَدَحَ هَذَا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِضَرُورَةِ الدِّينِ
وَالْعَقْلِ.
وَالْفَنَاءُ يُرَادُ بِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: هُوَ الْفَنَاءُ الدِّينِيُّ
الشَّرْعِيُّ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَأُنْزِلَتْ بِهِ الْكُتُبُ:
** وَهُوَ أَنْ يَفْنَى عَمَّا لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِهِ بِفِعْلِ
مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ:
* فَيَفْنَى عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ بِعِبَادَتِهِ،
* وَعَنْ طَاعَةِ غَيْرِهِ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ،
* وَعَنْ التَّوَكُّلِ عَلَى غَيْرِهِ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ،
* وَعَنْ مَحَبَّةِ مَا سِوَاهُ بِمَحَبَّتِهِ وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ،
* وَعَنْ خَوْفِ غَيْرِهِ بِخَوْفِهِ..
بِحَيْثُ لَا يَتَّبِعُ الْعَبْدُ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ
اللَّهِ، وَبِحَيْثُ يَكُونُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا
سِوَاهُمَا..
كَمَا قَالَ تَعَالَى:
﴿قُلْ إنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ
تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ
بِأَمْرِهِ﴾؛
فَهَذَا كُلُّهُ هُوَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ.
وَأَمَّا الْفَنَاءُ الثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي يَذْكُرُهُ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ..
وَهُوَ أَنْ يَفْنَى عَنْ شُهُودِ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى؛
* فَيَفْنَى بِمَعْبُودِهِ عَنْ عِبَادَتِهِ وَبِمَذْكُورِهِ عَنْ
ذِكْرِهِ،
* وَبِمَعْرُوفِهِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ..
بِحَيْثُ قَدْ يَغِيبُ عَنْ شُهُودِ نَفْسِهِ لِمَا سِوَى اللَّهِ
تَعَالَى، فَهَذَا حَالٌ نَاقِصٌ قَدْ يَعْرِضُ لِبَعْضِ السَّالِكِينَ، وَلَيْسَ
هُوَ مِنْ لَوَازِمَ طَرِيقِ اللَّهِ..
وَلِهَذَا لَمْ يُعْرَفْ مِثْلُ هَذَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَمَنْ جَعَلَ هَذَا نِهَايَةَ
السَّالِكِينَ فَهُوَ ضَالٌّ ضَلَالًا مُبِينًا، وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ
لَوَازِمِ طَرِيقِ اللَّهِ فَهُوَ مُخْطِئٌ بَلْ هُوَ مِنْ عَوَارِضِ طَرِيقِ
اللَّهِ الَّتِي تَعْرِضُ لِبَعْضِ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ
اللَّوَازِمِ الَّتِي تَحْصُلُ لِكُلِّ سَالِكٍ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَهُوَ الْفَنَاءُ عَنْ وُجُودِ السَّوِيِّ؛ بِحَيْثُ يَرَى أَنَّ
وُجُودَ الْمَخْلُوقِ هُوَ عَيْنُ وُجُودِ الْخَالِقِ، وَأَنَّ الْوُجُودَ وَاحِدٌ
بِالْعَيْنِ فَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْإِلْحَادِ وَالِاتِّحَادِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ
أَضَلِّ الْعِبَادِ..
وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُمْ لِضَرُورَةِ الْعَقْلِ وَالْقِيَاسِ: فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَطْرُدَ
قَوْلَهُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مُشَاهِدًا لِلْقَدَرِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَ
الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ فَعُومِلَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يُضْرَبَ
وَيُجَاعَ حَتَّى يُبْتَلَى بِعَظِيمِ الْأَوْصَابِ وَالْأَوْجَاعِ، فَإِنْ لَامَ
مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَعَابَهُ فَقَدْ نَقَضَ قَوْلُهُ وَخَرَجَ عَنْ أَصْلِ
مَذْهَبِهِ
وَقِيلَ لَهُ: هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ مَقْضِيٌّ مَقْدُورٌ فَخَلْقُ اللَّهِ
وَقَدَرُهُ وَمَشِيئَتُهُ: مُتَنَاوَلٌ لَك وَلَهُ وَهُوَ يَعُمُّكُمَا فَإِنْ
كَانَ الْقَدَرُ حُجَّةً لَك فَهُوَ حُجَّةٌ لِهَذَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِحُجَّةِ
لَا لَك وَلَا لَهُ..
فَقَدْ تَبَيَّنَ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ يَنْظُرُ
إلَى الْقَدَرِ وَيُعْرِضُ عَنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْمُؤْمِنُ مَأْمُورٌ
بِأَنْ يَفْعَلَ الْمَأْمُورَ وَيَتْرُكَ الْمَحْظُورَ وَيَصْبِرَ عَلَى
الْمَقْدُورِ..
كَمَا قَالَ تَعَالَى:
﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا
لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾.
وَقَالَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ:
﴿إنَّهُ
مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾؛ فَالتَّقْوَى فِعْلُ مَا أَمَرَ
اللَّهُ بِهِ وَتَرْكُ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ..
وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿فَاصْبِرْ
إنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾؛ فَأَمَرَهُ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ بِالصَّبْرِ؛ فَإِنَّ الْعِبَادَ
لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ..
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ
الصَّحِيحِ:
«يَا أَيُّهَا
النَّاسُ تُوبُوا إلَى رَبِّكُمْ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي
لَأَسْتَغْفِر اللَّهَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ
مَرَّةٍ».
وَقَالَ:
«إنَّهُ ليغان
عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِر اللَّهَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ
مِائَةَ مَرَّةٍ».
وَكَانَ يَقُولُ:
«اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ
بِهِ مِنِّي؛ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَئِي وَعَمْدِي وَهَزْلِي وَجِدِّي وَكُلَّ
ذَلِكَ عِنْدِي؛ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت وَمَا
أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ
وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ».
وَقَدْ ذَكَرَ عَنْ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ أَنَّهُ اسْتَغْفَرَ
رَبَّهُ وَتَابَ إلَيْهِ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَاهُ؛ وَعَنْ
إبْلِيسَ أَبِي الْجِنِّ - لَعَنَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ أَصَرَّ مُتَعَلِّقًا
بِالْقَدَرِ فَلَعَنَهُ وَأَقْصَاهُ فَمَنْ أَذْنَبَ وَتَابَ وَنَدِمَ فَقَدْ
أَشْبَهَ أَبَاهُ وَمَنْ أَشْبَهَ أَبَاهُ فَمَا ظَلَمَ..
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ
إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾
﴿لِيُعَذِّبَ اللَّهُ
الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ
اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
وَلِهَذَا قَرَنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَيْنَ التَّوْحِيدِ
وَالِاسْتِغْفَارِ فِي غَيْرِ آيَةٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
﴿فَاعْلَمْ
أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى:
﴿فَاسْتَقِيمُوا إلَيْهِ
وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى:
﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ
آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾
﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا
اللَّهَ إنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾
﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ
ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾
وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ وَغَيْرُهُ:
«يَقُولُ
الشَّيْطَانُ أَهْلَكْت النَّاسَ بِالذُّنُوبِ وَأَهْلَكُونِي بِلَا إلَهَ إلَّا
اللَّهُ وَالِاسْتِغْفَارِ؛ فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ بَثَثْت فِيهِمْ الْأَهْوَاءَ
فَهُمْ يُذْنِبُونَ وَلَا يَتُوبُونَ لِأَنَّهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
يُحْسِنُونَ صُنْعًا»..
وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ ذِي النُّونِ أَنَّهُ نَادَى فِي
الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَك إنِّي كُنْت مِنْ
الظَّالِمِينَ قَالَ تَعَالَى:
﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ
وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«دَعْوَةُ
أَخِي ذِي النُّونِ مَا دَعَا بِهَا مَكْرُوبٌ إلَّا فَرَّجَ اللَّهُ كَرْبَهُ».