صفحة جديدة 1
النَّوعُ الحَادي والأرْبعُون: رِوَاية الأكَابر عن الأصَاغر
مِنْ فَائدتهِ: أنْ لا يُتَوَهَّم أنَّ المَرْوي عنهُ أكبرُ وأفضَلُ، لكَونهِ
الأغْلبَ.
والأصل فيه رِوَاية النَّبي صلى الله عليه وسلم عن تميم الدَّاري حديث الجَسَّاسة،
وهي عند مسلم.
وروايته عن مالك بن مُزَرِّد وقيلَ: ابن مرارة ، وقيلَ: ابن مُرَّة الرهاوي فيما
أخرجه ابن منده في «الصَّحَابة» بسنده عن زُرْعَة بن سيف بن ذي يزن أنَّ النَّبي
صلى الله عليه وسلم كتبَ إليه كِتابًا: «وأنَّ مالك بن مزرد الرهاوي قد حدَّثني
أنَّك أسلمت وقاتلت المُشْركين، فأبشر بخير ...» الحديث
ثمَّ هو أقْسَامٌ:
أحدهَا: أن يَكُون الرَّاوي أكبر سِنًّا وأقْدمَ طبقةً، كالزُّهْري عن مالكٍ،
وكالأزْهَريِّ عن الخَطِيب.
والثَّاني: أكبر قدرًا، كحَافظٍ عَالمٍ عن شيخٍ، كمَالكٍ عن عبد الله بن دينار.
وأحمد ابن حنبل، وإسْحَاق بن رَاهُويه في روايتهما، عن عُبيد الله بن مُوسى العبسي.
والثَّالث: أكبرُ من الوَجْهينِ، كعبد الغَنيِّ، عن الصُّوريِّ، وكالبَرْقَانيِّ عن
الخَطِيب.
[والثَّالث]: أن يَكُون الرَّاوي [أكبر] من المروي عنه [من الوجهين] معًا [كعبد
الغني] بن سعيد الحافظ، في روايته [عن] محمَّد بن علي [الصُّوري] تلميذه.
[وكالبَرْقاني] في روايته [عن الخَطِيب].
ومنهُ رِوَاية الصَّحَابة عن التَّابعين، كالعَبَادلة وغيرهم، عن كعب الأحْبَار.
[ومنه] أي من القِسْم الثَّالث، من رواية الأكابر عن الأصَاغر: [رواية الصَّحَابة
عن التَّابعين، كالعبادلة وغيرهم] من الصَّحَابة، كأبي هُرَيرة، ومُعاوية، وأنس في
رِوَايتهم [عن كعب الأحْبَار].
ومنه رِوَاية التَّابعي عن تابعيه، كالزُّهْري والأنْصَاري عن مالكٍ، وكعَمْرو بن
شُعَيب ليسَ تَابعيًا ورَوَى عنه منهُم أكثر من عِشْرين، وقيلَ: أكثر من سَبْعين.
النَّوعُ الثَّاني والأرْبَعُون: المُدَبَّج وروايةُ القَرِين
القَرينَانِ هُمَا المُتقَاربَانِ في السِّنِّ والإسْنَاد، ورُبَّما اكتفَى
الحَاكمُ بالإسْنَاد، فإن رَوَى كلُّ واحدٍ منهما عن صَاحبهِ- كعَائشةَ، وأبي
هُرَيرة، ومالك، والأوْزَاعي- فهوَ المُدَبَّج.
النَّوعُ الثَّالث والأرْبعُون: مَعْرفةُ الإخْوةِ
هُو إحْدَى مَعَارفهم أفردهُ بالتَّصنيف ابن المَدِيني، ثمَّ النَّسَائي، ثمَّ
السرَّاج، وغيرهم.
مثالُ الأخَوَين في الصَّحَابة: عُمر وزَيْدٌ ابنا الخَطَّاب، وعبد الله وعُتبة
ابنا مَسْعُود.
ومِنَ التَّابعين: عَمرو وأرقم ابنا شُرَحبيل.
[ومن التَّابعين عَمرو وأرْقَم ابنا شرحبيل] كلاهما من أفاضل أصْحَاب ابن مسعُود
وفي الثَّلاثة: عليٌّ وجَعْفر، وعَقِيلٌ بَنُو أبي طالب، وسَهْلٌ وعبَّاد وعُثْمان
بَنُو حُنَيف.
وفي غَيْرِ الصَّحَابة: عَمرو وعُمر وشُعيبٌ بَنُو شُعَيبٍ.
[وفي غير الصَّحَابة] في التَّابعين: أبَان وسعيد وعَمرو أولاد عُثمان
وفي الأرْبَعةِ: سُهَيل، وعبد الله، ومُحمَّد وصَالح بَنُو أبي صَالح.
[و] مثاله [في الأربعة] من الصَّحَابة: عبد الرَّحمن، ومحمَّد وعَائشة وأسْمَاء
أولاد أبي بكر الصِّديق، ذكرهُ البَلْقِيني.
وفي الخَمْسة: سُفْيان، وآدم، وعِمْران، ومُحمَّد، وإبراهيم بَنُو عُيينة، حَدَّثوا
كُلهم.
وفي السِّتة: مُحمَّد، وأنَس، ويَحْيى، ومَعْبد، وحَفْصة، وكريمة، بنو سيرين، وذكر
بعضهم: خالدًا بدل كريمة
وفي «المَعَارف» لابن قتيبة: وُلِد لسيرين ثلاثة وعِشْرُون ولدًا من أُمِّهات
الأولاد
ورَوَى مُحمَّد عن يحيى عن أنَسٍ عن أنَسِ بن مالك حديثًا.
وهَذهِ لطيفةٌ غَريبةٌ، ثلاثةُ إخْوَة رَوَى بعضهُم عن بَعْض.
[وهذه لطيفةٌ غريبة، ثلاثة إخوة روى بعضهم عن بعض] في إسْنَاد واحد، وذكر ابن طاهر:
أنَّ هذا الحديث رواه محمَّد، عن أخيه يحيى، عن أخيه سعيد، عن أخيه أنس، وهو في جزء
أبي الغنَّائم النَّرسي، فعلى هذا اجتمعوا أربعة في إسْنَاد
وفي السَّبْعة: النُّعْمان ومَعْقل وعَقيلٌ وسُويد وسِنَان، وعبد الرَّحمن، وسَابعٌ
لم يُسمَّ، بَنُو مُقرِّن صَحَابة مُهاجرون لَمْ يُشَاركهم أحدٌ، وقيلَ: شَهِدُوا
الخَنْدق
[و] مثاله [في السَّبعة: النعمان، ومَعْقل، وعَقيل، وسُويد، وسِنان، وعبد الرَّحمن،
وسابع لم يُسم] كذا قال ابن الصَّلاح، وقد سمَّاه ابن فتحون في ذيل «الاستيعاب» عبد
الله [بنو مقرن] وكلهم [صحابة مُهاجرون لم يُشَاركهم أحد] في هذه المَكْرمة من
كونهم سَبْعة هَاجَرُوا وصحبُوا [وقيلَ: شهدوا الخندق].
تنبيهات:
أحدها: ما ذكره ابن الصَّلاح من كون بني مُقرِّن سبعة اعْتُرض عليه بأنَّ ابن عبد
البر زاد فيهم: ضِرَارًا ونُعيمًا، وحكى غيره أنَّ أولاد مُقرِّن عشر.
فالمثال الصَّحيح أولاد عفراء: مُعاذ، ومُعوِّذ، وأنس، وخالد، وعاقل، وعامر، وعوف،
كلهم شَهدُوا بدرًا.
النَّوعُ الرَّابع والأرْبعُون: رِوَايةُ الآبَاء عن الأبْنَاء
للخَطيبِ فيه كِتَابٌ،
فيه عن العبَّاس، عن ابنه الفَضْل: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جمعَ بين
الصَّلاتين بالمُزْدلفة.
وعن وائل بن داود، عن ابْنهِ بَكْر، عن الزُّهْري حديثًا.
وعن مُعْتمر بن سُليمان، قال: حدَّثني أبي، قال حدَّثتني أنتَ عنِّي، عن أيُّوب، عن
الحسن قال: ويْحَ كلمَةُ رَحْمة.. وهذا طريفٌ يجمعُ أنواعًا بَيَّنتُها في
«الكبير»:
وقال فيه: منها رواية الأب عن ابنه، ورواية الأكبر عن الأصغر، ورواية التَّابعي عن
تابعيّه، ورواية ثلاثة تابعين بعضهم عن بعض، وأنَّه حدَّث غير واحد عن نفسه.
النَّوعُ الخَّامس والأرْبَعُون: رِوَايةُ الأبْنَاء عن آبَائهم
لأبي نَصْر الوَائليِّ فيهِ كِتَابٌ، وأهمُّهُ ما لَمْ يُسمَّ فيهِ الأبُ والجدُّ،
وهو نَوْعان:
أحدهُمَا: عن أبَيهِ فحَسْبُ، وهو كثيرٌ.
والثَّاني: عن أبَيهِ عن جَدِّه، كعَمرو بن شُعَيب بن مُحمَّد بن عبد الله بن
عَمْرو بن العَاص عن أبَيهِ عن جَدِّه، هكذا له نُسْخةٌ كبيرةٌ، أكْثَرُها
فِقْهياتٌ جِيَادٌ، واحتَجَّ به هَكَذا أكثرُ المُحَدِّثين
قال البُخَاري: رأيتُ أحمد ابن حنبل، وعلي بن المَدِيني، وإسحاق بن راهويه، وأبا
عُبيدة وعامةُ أصحابنا يحتجُّون بحديثه، ما تركهُ أحد من المُسْلمين. قال
البُخَاري: مَنْ النَّاس بعدهم. وزاد مرَّة: والحُميدي.
وقال مرة: اجتمع عليَّ، ويحيى بن مَعِين، وأحمد، وأبو خَيْثمة، وشُيوخ من أهل
العلم، فتذاكروا حديث عَمرو بن شُعيب، فثبَّتُوه وذكرُوا أنَّه حُجَّة
حملاً لجدِّهِ عَلَى عبد الله دُونَ مُحمَّد التَّابعيِّ.
[حملاً لجده على عبد الله] الصَّحابي [دون محمَّد التَّابعي] لما ظهر لهم في إطلاقه
ذلك، وسماع شعيب من عبد الله ثابت، وقد أبطل الدَّارقُطْني وغيره إنكار ابن حبَّان
ذلك.
وبَهْزِ بن حَكيم بن مُعَاوية بن حَيْدةَ عن أبيهِ عن جَدِّهِ، له هكذا نُسْخةٌ
حسنةٌ.
[و] من أمثلة ما أُريد فيه الجد الأدنى [بَهْز بن حَكيم بن مُعَاوية بن حَيْدة]
بفتح المهملة، وسكون التحتية، القُشَيري البصري [عن أبيه عن جدِّه، له هكذا نسخة
حسنة] صحَّحها ابن مَعِين، واستشهد بها البُخَاري في الصَّحيح.
وطَلْحةُ بن مُصرِّف بن عَمْرو بن كَعْب، وقيلَ: كَعْب ابن عَمرو
قال البَلْقِيني: في هذه الطَّريقة نظر من جهة أنَّ أبا داود قال في «سننه» في حديث
الوضوء: سمعتُ أحمد ابن حنبل يقول: إنَّ ابن عُيَينة زعَمُوا كان يُنكره ويقول: إيش
هذا طلحة عن أبيه عن جدِّه.
وقال عُثمان بن سعيد الدَّارمي: سَمعتُ ابن المَدِيني يقول: قلتُ لسُفيان: إنَّ
ليثًا يروي عن طلحة، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّه رأى النَّبي صلى الله عليه وسلم
يتوضَّأ، فأنكر سُفْيان ذلك، وعَجبَ أن يكون جد طلحة لقي النَّبي صلى الله عليه
وسلم.
ومِنْ أحْسَنهِ: رِوَايةُ الخَطِيب عن عبد الوهَّاب بن عبد العَزِيز بن الحَارث بن
أسَد بن اللَّيث بن سُليمان بن الأسود بن سفيان بن يَزِيد بن أُكَيْنة التَّميمي
قال: سمعتُ أبي، يقول: سمعتُ أبي، يقول: سمعتُ أبي، يقول: سمعتُ أبي، يقول: سمعتُ
أبي، يقول: سمعتُ أبي، يقول: سمعتُ أبي، يقول: سمعتُ أبي، يقول: سمعتُ أبي، يقول:
سمعتُ علي بن أبي طالب رضي الله عنه يَقُول: الحنَّانُ الَّذي يُقْبلُ على مَنْ
أعرضَ عنهُ، والمَنَّان الَّذي يَبْدأ بالنَّوالِ قَبْلَ السُّؤال
قال الخَطِيب: بين عبد الوهاب وبين علي رضي الله عنه في هذا الإسناد تسعة آباء،
آخرهم أُكينة بن عبد الله، وهو السَّامع عليًّا. أخرجه في كتاب «الأبناء»
قال العِرَاقي: وأكثر ما وقع لنا التَّسلسل بأرْبَعة عَشَرَ أبًا من رِوَاية أبي
مُحمَّد الحسن بن علي بن أبي طالب، والحسن بن عبد الله بن مُحمَّد بن عبد الله بن
علي بن الحسن بن الحسين بن جعفر بن عبد الله بن الحسن الأصغر بن علي زين العابدين
بن الحسين بن علي عن آبائه مرفوعًا بأربعين حديثًا منها: «المَجَالس بالأمَانة».
وفي الآباء مَنْ لا يُعرف حاله.
النَّوعُ السَّادس والأرْبَعُون:
[النَّوع السَّادس والأرْبَعُون]: السَّابق واللاحق
مَنْ اشْتَركَ في الرِّواية عنهُ اثْنَانِ تَبَاعدَ ما بينَ وَفَاتَيهمَا
للخَطِيبِ فيهِ كِتَابٌ حسنٌ، ومن فَوَائده: حَلاوة عُلوِّ الإسْنَاد، مِثَالهُ:
محمَّد بن إسْحَاق السَّراج، روى عنهُ البُخَاري والخَفَّاف، وبين وفَاتَيْهما مائة
وسَبْعٌ وثلاثُون سَنةً أو أكْثرَ،
[مثالهُ مُحمَّد بن إسْحَاق السَّراج، روى عنهُ البُخَاري] في «تاريخه» [و] أبو
الحسين أحمد بن مُحمَّد [الخفَّاف] النيسابوري [وبين وفاتيهما مئة وسبع وثلاثون
سَنَة أو أكثر].
لأنَّ البُخَاري مات سَنَة ست وخمسين ومائتين، والخفَّاف مات سَنَة ثلاث، وقيلَ:
أربع، وقيلَ: خمس وتسعين وثلاثمائة
والزُّهْري، وزَكَريا بن دُويدٍ، عن مالك وبَيْنهما كذلك
فإن الزُّهْري مات سَنَة أربع وعشرين ومائة، وزكريا حدَّث سَنَة نيف وستين ومائتين،
ولا نعرف وقت وفاته
قال العِرَاقي: والتَّمثيل بزكريا سبق إليه الخَطِيب، ولا ينبغي أن يُمثَّل به
لأنَّه أحد الكذَّابين الوضَّاعين، ولا نعرف سماعه من مالك، وإن حدَّث عنه فقد زاد
وادَّعَى أنَّه سمع من حُميد الطَّويل، وروى عنه نُسخة موضوعة.
فالصَّواب: أنَّ آخر أصحاب مالك أحمد بن إسماعيل السَّهمي، ومات سَنَة تسع وخمسين
ومائتين، فبينه وبين الزُّهْري مائة وخمس وثلاثون سَنَة.