صفحة جديدة 4
وَالمَقْصُودُ: أَنَّ مِثْلَ هَؤُلَاءِ اعْتَقَدُوا رَأْياً ثُمَّ حَمَلُوا
أَلْفَاظَ «القُرْآنِ» عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ سَلَفٌ مِنَ «الصَّحَابَةِ»
وَ«التَّابِعِينِ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ»، وَلَا مِنْ «أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ»، لَا
فِي رَأْيِهِمْ وَلَا فِي تَفْسِيرِهِمْ.
وَمَا مِنْ تَفْسِيرٍ مِنْ تَفَاسِيرِهِمْ البَاطِلَةِ إِلَّا وَبُطْلَانُهُ
يَظْهَرُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ؛ وَذَلِكَ مِنْ جِهَتَيْنِ: تَارَةً مِنَ العِلْمِ
بِفَسَادِ قَوْلِهِمْ، وَتَارَةً مِنَ العِلْمِ بِفَسَادِ مَا فَسَّرُوا بِهِ
«القُرْآنَ»؛ إِمَّا دَلِيلاً عَلَى قَوْلِهِمْ، أَوْ جَوَاباً عَنْ المُعَارِضِ
لَهُمْ.
وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَكُونُ حَسَنَ العِبَارَةِ، فَصِحياً، وَيَدُسُّ البِدَعَ
فِي كَلَامِهِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ؛ كَصَاحِبِ «الكَشَّافِ»
وَنَحْوِهِ، حَتَّى إِنَّهُ يَرُوجُ عَلَى خَلْقٍ كَثِيرٍ مِمَّنْ لَا يَعْتَقِدُ
البَاطِلَ مِنَ تَفَاسِيرِهِمْ البَاطِلَةِ مَا شَاءَ اللهُ.
وَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ العُلَمَاءِ المُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ مَنْ يَذْكُرُ فِي
كِتَابِهِ وَكَلَامِهِ مِنْ تَفْسِيرِهِمْ مَا يُوَافِقُ أُصُولَهُمْ الَّتِي
يَعْلَمُ، أَوْ يَعْتَقِدُ فَسَادَهَا، وَلَا يَهْتَدِي لِذَلِكَ.
ثُمَّ إِنَّهُ بسَبَبِ تَطَرُّفِ هَؤُلَاءِ وَضَلَالِهِمْ دَخَلَتْ الرَّافِضَةُ
الإِمَامِيَّةُ، ثُمَّ الفَلَاسِفَةُ، ثُمَّ القَرَامِطَةُ، وَغَيْرُهُمْ، فِيمَا
هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ.
وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ فِي «الفَلَاسِفَةِ»، وَ«القَرَامِطَةِ»؛ فَإِنَّهُمْ
فَسَّرُوا «القُرْآنَ» بِأَنْوَاعٍ لَا يَقْضِي مِنْهَا العَالِمُ عَجَبَاً؛
فَتَفْسِيرُ الرَّافِضَةِ كَقَوْلِهِمْ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾
[المسد: 1] هُمَا: «أَبُو بَكْرٍ» وَ«عُمَرُ».
و﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ
لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾
[الزمر: 65] أَي: بَيْنَ: «أَبِي بَكْرٍ» وَ«عُمَرَ»، وَ«عَلِيٍّ» فِي الخِلَافَةِ.
و﴿إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً﴾
[البقرة: 67] هِيَ: «عَائِشَةُ».
و﴿فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ
الْكُفْرِ﴾
[التوبة: 12]: «طَلْحَةَ»، وَ«الزُّبَيْرَ».
و﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ﴾
[الرحمن: 19]: «عَلِيٌّ» وَ«فَاطِمَةُ».
و﴿اللُّؤْلُؤُ
وَالْمَرْجَانُ﴾
[الرحمن: 22]: «الحَسَنُ»، وَ«الحُسَيْنُ».
﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ
فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾
[يس: 12] في: «عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ».
و﴿عَمَّ يَتَسَاءلُونَ (1) عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾
[النبأ: 1-2]: «عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ».
و﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾
[المائدة: 55]: هُوَ «عَلِيٌّ».
وَيَذْكُرُونَ الحَدِيثَ «المَوْضُوعَ» بِإِجْمَاعِ أَهْلِ العِلْمِ، وَهُوَ:
«تَصَدُّقُهُ بِخَاتَمِهِ فِي الصَّلَاةِ».
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أُوْلَئِكَ
عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾
[البقرة: 157] نَزَلَتْ في: «عَلِيٍّ» لَمَّا أُصِيبَ بِحَمْزَةَ.