صفحة جديدة 4
باب في شروط الصلاة
الشرط لغة: العلامة.
وشرعا: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
وشروط الصلاة ما تتوقف صحتها
عليها مع الإمكان.
وللصلاة شرائط لا تصح إلا بها،
إذا عدمت أو بعضها لم تصح الصلاة،
ومنها:
أولا: دخول وقتها: قال تعالى:
﴿إِنَّ
الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ أي: مفروضا في أوقات محددة..
فالتوقيت: هو التحديد.
وقد وقت الله الصلاة؛ بمعنى أنه
سبحانه حدد لها وقتا من الزمان، وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا
مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها.
قال أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب رضي الله عنه: (الصلاة لها وقت شرطه الله لها لا تصح إلا به).
فالصلاة تجب بدخول وقتها؛ لقوله
تعالى:
﴿أَقِمِ
الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾.
وقد أجمع العلماء على فضيلة
الإتيان بالصلاة في أول وقتها في الجملة؛ لهذه الآية.
ولقوله تعالى:
﴿فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْرَاتِ﴾.
وقوله تعالى:
﴿وَسَارِعُوا
إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾.
وقال تعالى:
﴿وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾.
وفي "الصحيحين" أنه صلى الله
عليه وسلم سئل: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة
على وقتها».
وقال تعالى:
﴿حَافِظُوا
عَلَى الصَّلَوَاتِ﴾..
ومن المحافظة عليها الإتيان
بها أول وقتها.
والصلوات المفروضات خمس في
اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله لها، يتناسب مع أحوال العباد،
بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم
عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها؛ فقد شبهها النبي صلى الله عليه وسلم
بالنهر الجاري، الذي يغتسل منه الإنسان خمس مرات، فلا يبقى من درنه شيء...
وهذه المواقيت كما يلي:
1 -
صلاة الظهر: ويبدأ وقتها بزوال
الشمس؛ أي: ميلها إلى المغرب عن خط المسامتة، وهو الدلوك المذكور في قوله تعالى:
﴿أَقِمِ
الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾
ويعرف الزوال بحدوث الظل في جانب المشرق بعد انعدامه من جانب المغرب، ويمتد وقت
الظهر إلى أن يصير ظل الشيء مثله في الطول، ثم ينتهي بذلك؛ لقوله صلى الله عليه
وسلم: «وقت
الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله» رواه مسلم. ويستحب تعجيلها في أول الوقت؛ إلا في شدة الحر؛ فيستحب
تأخيرها إلى أن ينكسر الحر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا
اشتد الحر، فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم».
2-
صلاة العصر: يبدأ وقتها من نهاية
وقت الظهر، أي: من مصير ظل كل شيء مثله، ويمتد إلى اصفرار الشمس على الصحيح من قولي
العلماء.
ويسن تعجيلها في أول الوقت،
وهي الصلاة الوسطى التي نص الله عليها لفضلها، قال تعالى:
﴿حَافِظُوا
عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ وقد ثبت في الأحاديث أنها صلاة
العصر.
3-
وصلاة المغرب: يبدأ وقتها بغروب الشمس؛ أي: غروب قرصها جميعه؛ بحيث لا يرى منه
شيء؛ لا من سهل ولا من جبل، ويعرف غروب الشمس أيضا بإقبال ظلمة الليل من المشرق؛
لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا
أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا؛ فقد أفطر الصائم»..
ثم يمتد وقت المغرب إلى مغيب الشفق الأحمر، والشفق: بياض تخالطه
حمرة، ثم تذهب الحمرة ويبقى بياض خالص ثم يغيب، فيستدل بغيبوبة البياض على مغيب
الحمرة.
ويسن تعجيل صلاة المغرب في أول
وقتها؛ لما روى الترمذي وصححه عن سلمة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان
يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب»
قال: وهو قول أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم.
4-
وصلاة العشاء: يبدأ وقتها بانتهاء وقت المغرب؛ أي: بمغيب الشفق الأحمر، ويمتد
إلى طلوع الفجر الثاني..
وينقسم إلى قسمين:
** وقت اختيار يمتد إلى ثلث الليل.
** ووقت اضطرار من ثلث الليل إلى طلوع الفجر الثاني.
وتأخير الصلاة إلى آخر الوقت
المختار (إلى ثلث الليل) أفضل إن سهل، فإن شق على المأمومين؛ فالمستحب تعجيلها في
أول وقتها؛ دفعا للمشقة.
ويكره النوم قبل صلاة العشاء؛
لئلا يستغرق النائم فتفوته، ويكره الحديث بعدها، وهو التحادث مع الناس؛ لأن ذلك
يمنعه من المبادرة بالنوم حتى يستيقظ مبكرا؛ فينبغي النوم بعد صلاة العشاء مباشرة،
ليقوم في آخر الليل، فيتهجد، ويصلي الفجر بنشاط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يكره النوم قبلها والحديث بعدها.
وهذا إذا كان سهره بعد العشاء
من غير فائدة، أما إذا كان لغرض صحيح وحاجة مفيدة؛ فلا بأس.
5-
وصلاة الفجر يبدأ وقتها بطلوع الفجر
الثاني، ويمتد إلى طلوع الشمس، ويستحب تعجيلها إذا تحقق طلوع الفجر.
هذه مواقيت الصلوات الخمسة التي
فرضها الله فيها؛ فعليك بالتقيد بها؛ بحيث لا تصليها قبل وقتها، ولا تؤخرها عنه؛
فقد قال الله تعالى:
﴿فَوَيْلٌ
لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ أي: الذين يؤخرون الصلاة عن
أوقاتها..
وقال تعالى:
﴿فَخَلَفَ
مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ
يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ﴾..
ومعنى أضاعوها: أخروها عن
وقتها؛ فالذي يؤخر الصلاة عن وقتها سماه الله ساهيا عنها ومضيعا لها، وتوعده بالويل
والغي، وهو واد في جهنم، ومن نسيها أو نام عنها؛ تجب عليه المبادرة إلى فضائها؛ قال
صلى الله عليه وسلم: «من
نسي صلاة أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك»..
فتجب المبادرة لقضاء الصلاة
الفائتة على الفور، ولا ينتظر إلى دخول وقت الصلاة التي تشابهها كما يظن بعض
العوام، ولا يؤخرها إلى خروج وقت النهي، بل يصليها في الحال...