HTML Editor - Full Version
شرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ صالح الفوزان - شرح فضيلة الشيخ د.وليد بن إدريس المنيسي من الفصل السادس في النهي عن سب الصحابة وأئمة الهدى إلى الباب الرابع: البدع
الفصل السادس: في النهي عن سب الصحابة وأئمة الهدى
1ـ النهي عن سب الصحابة
من أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وصفهم الله بذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر/10].
وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحُد ذهبًا ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه) [الحديث متفق عليه].
ويتبرءون من طريقة الرافضة والخوارج الذين يسبون الصحابة - رضي الله عنهم - ويبغضونَهم، ويجحدونَ فضائلهم، ويكفرون أكثرهم.
وأهل السنة يقبلون ما جاء في الكتاب والسنة من فضائلهم، ويعتقدون أنهم خير القرون، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم قرني...) الحديث [الحديث في الصحيحين].
ولما ذكر صلى الله عليه وسلم افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، وأنها في النار إلا واحدة، وسألوه عن تلك الواحدة، قال: (هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) [رواه الإمام أحمد وغيره].
قال أبو زرعة - وهو أجلّ شيوخ الإمام مسلم -: إذا رأيت الرجل يتنقص امرءًا من الصحابة؛ فاعلم أنه زنديق، وذلك أن القرآن حق، والرسول حق، وما جاء به حق، وما أدى غلينا ذلك كله إلا الصحابة؛ فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسُّنَّة؛ فيكون الجرح به أليق، والحكم عليه بالزندقة والضلال أقوم وأحق.
قال العلامة ابن حمدان في نهاية المبتدئين: من سَبَّ أحدًا من الصحابة مُستحلًا؛ كفر، وإن لم يستحلّ فسق، وعنه: يكفر مطلقًا، ومن فَسَّقهم، أو طعن في دينهم، أو كفَّرهم؛ كفر .
2 ـ النهي عن سب أئمة الهدى من علماء هذه الأمة
يلي الصحابة في الفضيلة والكرامة والمنزلة: أئمة الهدى من التابعين وأتباعهم من القرون المفضلة، ومن جاء من بعدهم ممن تبع الصحابة بإحسان، كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} [التوبة/100]. الآية.
فلا يجوزُ تنقّصهم وسبّهم؛ لأنهم أعلام هدى، فقد قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء/115].
قال شارح الطحاوية: (فيجبُ على كل مسلم بعد مُوالاة الله ورسوله: موالاة المؤمنين، كما أطلق القرآن، خصوصًا الذين هُم ورثة الأنبياء، الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم، يُهتدى بهم في ظلمات البر والبحر، وقد أجمعَ المسلمون على هدايتهم ودرايتهم.
فإنهم خُلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في أمته، والمحيون لما مات من سنته، فبهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا، وكلهم متفقون اتفاقًا يقينًا على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن: إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه، فلابد له في تركه من عذر).
وجماع الأعذار ثلاثة أصناف:
أحدها: عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.
الثاني: عدم اعتقاده أنه أراد تلك المسألة بذلك القول.
الثالث: اعتقاده أن الحكم منسوخ.
فلهم الفضل علينا والمنة؛ بالسبق وتبليغ ما أرسل به الرسول صلى الله عليه وسلم إلينا، وإيضاح ما كان منه يخفى علينا، فرضي الله عنهم وأرضاهم {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر/10].
والحطّ من قدر العلماء؛ بسبب وقوع الخطأ الاجتهادي من بعضهم، هو من طريقة المبتدعة، ومن مُخططات أعداء الأمة؛ للتشكيك في دين الإسلام، ولإيقاع العداوة بين المسلمين، ولأجل فصل خلف الأمة عن سلفها، وبثّ الفرقة بين الشباب والعلماء، كما هو الواقع الآن، فليتنبه لذلك بعض الطلبة المبتدئين؛ الذين يحطون من قدر الفقهاء؛ ومن قدر الفقه الإسلامي، ويزهدون في دراسته، والانتفاع بما فيه من حق وصواب، فليعتزوا بفقههم، وليحترموا علماءهم؛ ولا ينخدعوا بالدعايات المضللة والمغرضة. والله الموفق.
|