HTML Editor - Full Version
وأما العبد بمعنى المُعبَّدُ سواء أقرّ بذلك او أنكره فتلك يشترك فيها المؤمن والكافر وبالفرق بين هذين النوعين يعرف الفرق بين المقائق الدينية الداخلة فى عبادة الله ودينه وامره الشرعي التي يحبها ويرضاها ويوالي أهلها ويكرمهم بجنته وبين الحقائق الكونية التى يشترك فيها المؤمن والكافر والبرّ والفاجر التي من اكتفى بها ولم يتبع الحقائق الدّينية كان من أتباع ابليس اللعين والكافرين برب العالمين ومن اكتفى بها فى بعض الأمور دون بعض أو فى مقام او حال نقص من إيمانه وولايته لله بحسب ما نقص من الحقائق الدينية.
وهذا مقام عظيم فيه غلط الغالطون وكره فيه الاشتباه على السالكين حتى زلق فيه من أكابر الشيوخ المدّعين التّحقيق والتّوحيد والعرفان مالا يحصيهم إلا الله الذى يعلم السر والاعلان وإلى هذا اشار الشيخ عبد القادر رحمه الله فيما ذكر عنه فبين أنّ كثيرا من الرجال إذا وصلوا إلى القضاء والقدر أمسكوا إلا أنا فإنّي انفتحت لى فيه روزنة فنازعت أقدار الحقّ بالحقّ للحقّ والرجل من يكون منازعا للقدر لا من يكون موافقا للقدر.
والذى ذكره الشيخ رحمه الله هو الذى أمر الله به ورسوله لكن كثير من الرجال غلطوا فإنهم قد يشهدون ما يُقَدَّرُ على أحدهم من المعاصى والذنوب أو ما يُقَدّرُ على الناس من ذلك بل من الكفر ويشهدون ان هذا جار بمشيئة الله وقضائه وقدرةه داخل فى حكم ربوبيته ومقتضى مشيئته فيظنون الاستسلام لذلك وموافقته والرضا به ونحو ذلك دينا وطريقا وعبادة فيضاهون المشركين الذين قالوا {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} وقالوا {أنُطْعِمُ من لويشاءُ اللهُ أطعَمَهُ} وقالوا {لو شاء الرّحمن ما عبدناهم} ولو هُدوا لعَلِمُوا أنَّ القَدَرَ أمرنا ان نرضى به ونصبر على موجبه فى المصائب التى تصيبنا كالفقر والمرض والخوف قال تعالى "ما أصابَ من مصيبة إلاّ بإذن الله ومن يؤمنْ باللهِ يهدِ قلْبَهُ" قال بعض السلف هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم انها من عند الله فيرضى ويسلم وقال تعالى {ما أصاب من مصيبة فى الارض ولا فى أنفسكم إلاّ فى كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}.