فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ تواتر الأسانيد القرآنية => ركــــن الـمـقـالات ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب الدرس الثاني تفسير آية ٥٦{إِن اللَّهَ وملائكته يصلون على النبيِ} => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب الدرس الثالث تفسير آية ٥٦{إِن اللَّهَ وملائكته يصلون على النبيِ} => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب الدرس الرابع تفسير آية ٥٦{إِن اللَّهَ وملائكته يصلون على النبيِ} => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب الدرس الخامس تفسير آية ٥٦{إِن اللَّهَ وملائكته يصلون على النبيِ} => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٥٧ إلى ٦٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٦٣ إلى ٧١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الآيتين الأخيرتين من سورة الأحزاب ٧٢ و٧٣ من تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله الآيات من ١- ١١ من سورة سبأ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله الآيات من ١٢-١٤ من سورة سبأ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله الآيات من ١٥-١٩ من سورة سبأ => تفسير ابن كثير ۞ مَثَلُ المُؤمن خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ بيوت الجنة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ شعب الإيمان وفضائل شعبان خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ أيامًا معدودات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ دعوة الصائم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ رضيت بالله ربا خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ فهو على نور من ربه خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ كفى بالموت واعظًا خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ وعودٌ ربانيَّة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ أثر أركان الإيمان في تزكية النفس خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الرحمة المنيفة => كتب الشيخ ۞ الذين هم فى صلاتهم خاشعون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله الآيات من ٢٠-٢٧ من سورة سبأ => تفسير ابن كثير ۞ فضائل يوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٥هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي بمسجد دار الفاروق ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 1 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 2 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 3 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 4 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 5 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞ شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني (في السيرة النبوية) 6 => شرح منظومة التحفة اللطيفة للحافظ ابن الديبع الشيباني في السيرة النبوية ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

السادس: الفقرة من 95-139

السادس: الفقرة من 95-139
462 زائر
29-11-2015
صفحة جديدة 4

95 - وفي هذا القول من انواع الكفر مالا يخفى على من تدبره، ولا ريب أن الأوثان يحصل عندها من الشياطين وخطابهم وتصرفهم ماهو من أسباب الضلال بني آدم، وجعل القبور أوثانًا هو أول الشرك.

96 - ولهذا يحصل عند القبور لبعض الناس من خطاب يسمعه وشخص يراه وتصرف عجيب ما يظن أنه من الميت وقد يكون من الجن والشياطين؛ مثل أن يرى القبر قد انشق وخرج منه الميت وكلمه وعانقه، وهذا يرى عند قبور الأنبياء وغيرهم، وإنما هو شيطان؛ فإن الشيطان يتصور بصور الإنس ويدعي أحدهم أنه النبي فلان أو الشيخ فلان ويكون كاذبًا في ذلك.

97 - وفي هذا الباب من الوقائع ما يضيق هذا الموضع عن ذكره، وهي كثيرة جدًا، والجاهل يظن أن ذلك - الذي رآه قد خرج من القبر وعانقه أو كلمه - هو المقبور أو النبي أو الصالح وغيرهما، والمؤمن العظيم يعلم أنه شيطان ويتبين ذلك بأمور:

98 - أحدها؛ أن يقرأ آية الكرسي بصدق، فإذا قرأها تغيب ذلك الشخص أو ساخ في الأرض أو احتجب، ولو كان رجلاً صالحاً أو ملكاً أو جنيًّا مؤمنًا لم تضره آية الكرسي، وإنما تضر الشياطين، كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة لما قال له الجني: اقرأ آية الكرسي إذا أويت إلى فراشك فإنه لايزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدقك وهو كذوب».

99 - ومنها؛ أن يستعيذ بالله من الشياطين.

100 - ومنها؛ أن يستعيذ بالمعوذة الشرعية، فإن الشياطين كانت تعرض للأنبياء في حياتهم وتريد أن تؤذيهم وتفسد عبادتهم.

101 - كما جاءت الجن إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشعلة من النار تريد أن تحرقه فأتاه جبريل بالمعوّذة المعروفة التي تضمنها الحديث المروي عن أبي التياح أنه قال: سأل رجل عبد الرحمن بن خنبش وكان شيخًا كبيرًا قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم: كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كادته الشياطين؟ قال: تحدرت عليه من الشعاب والأودية، وفيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فرعب رسول الله صلى الله عليه وسلم / فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يامحمد! قل، قال: «ما أقول؟» قال: قل: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما يخرج من الأرض ومن شر ما ينزل فيها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق يطرق، إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن. قال: فطفئت نارهم وهزمهم الله عز وجل.

102 - وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن عفريتًا من الجن جاء يفتك بي البارحة ليقطع عليَّ صلاتي، فأمكنني الله عز وجل منه فذعتُّه أردت أن آخذه فأربطه إلى سارية من المسجد حتى تصبحوا فتنظروا إليه، ثم ذكرت قول سليمان عليه السلام (38: 35): ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ فرده الله تعالى خاسئاً».

103 - وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه صلى الله عليه وسلم فصرعه فخنقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حتى وجدت برد لسانه على يدي، ولولا دعوة سليمان لأصبح ذلك موثقاً حتى يراه الناس».

104 - أخرجه النسائي وإسناده على شرط البخاري كما ذكر ذلك أبوعبد الله المقدسي في مختاره الذي هو خير من صحيح الحاكم.

105 - وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاة الصبح وهو خلفه، فالتبست عليه القراءة فلما فرغ من صلاته قال: «لو رأيتموني وأبليس، فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين إصبعي هاتين - الإبهام والتي تليها - ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطًا بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة، فمن استطاع أن لا يحول بينه وبين القبلة أحد فليفعل» رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبوداود في سننه.

106 - وفي صحيح مسلم عن أبي الدرداء أنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فسمعناه يقول «أعوذ بالله منك» ثم قال «ألعنك بلعنة الله ثلاثاً» وبسط يده كأنه يتناول شيئاً، فلما فرغ من صلاته قلنا: يارسول الله سمعناك تقول شيئاً في الصلاة لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك. قال: «إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات، ثم قلت، ألعنك بلعنة الله التامة، فلم يستأخر. ثم أردت أن آخذه، ولولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به وِلدان المدينة».

107 - فإذا كانت الشياطين تأتي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لتؤذيهم وتفسد عبادتهم، فيدفعهم الله تعالى بما يؤيد به الأنبياء من الدعاء والذكر والعبادة ومن الجهاد باليد، فكيف من هو دون الأنبياء؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم قمع شياطين الإنس والجن بما أيده الله تعالى من أنواع العلوم والأعمال ومن أعظمها الصلاة والجهاد. وأكثر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة والجهاد.

108 - فمن كان متبعًا للأنبياء نصره الله سبحانه بما نصر به الأنبياء. وأما من ابتدع دينًا لم يشرعوه، فترك ما أمروا به من عبادة الله وحده لا شريك له واتباع نبيه فيما شرعه لأمته، وابتدع الغلوَّ في الأنبياء والصالحين والشرك بهم فإن هذا يتلعب به الشياطين، قال تعالى (16: 99 - 100): ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ وقال تعالى (15: 42): ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ.

109 - ومنها؛ أن يدعو الرائي بذلك ربَّه تبارك وتعالى ليبين له الحال.

110 - ومنها؛ أن يقول لذلك الشخص: أأنت فلان؟ ويقسم عليه بالأقسام المعظمة، ويقرأ عليه قوارع القرآن إلى غير ذلك من الأسباب التي تضر الشياطين.

111 - وهذا كما كان كثيرًا من العباد يرى الكعبة تطوف به، ويرى عرشًا عظيماً وعليه صورة عظيمة، ويرى أشخاصاً تصعد وتنزل فيظنها الملائكة ويظن أن تلك الصورة هي الله تعالى وتقدس، ويكون ذلك شيطاناً.

112 - وقد جرت هذه القصة لغير واحد من الناس، فمنهم من عصمه الله وعرف أنه الشيطان كالشيخ عبد القادر في حكايته المشهورة حيث قال: كنت مرة في /العبادة فرأيت عرشاً عظيماً وعليه نور، فقال لي: يا عبد القادر! أنا ربك وقد حللت لك ما حرمت على غيرك. قال: فقلت له أنت الله الذي لا إله إلا هو؟ اخسأ ياعدو الله. قال: فتمزق ذلك النور وصار ظلمة، وقال: يا عبد القادر، نجوتَ مني بفقهك في دينك وعلمك وبمنازلاتك في أحوالك. لقد فتنتُ بهذه القصة سبعين رجلاً. فقيل له: كيف علمت أنه الشيطان؟ قال: بقوله لي: «حلَّلت لك ما حرمت على غيرك»، وقد علمت أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لا تنسخ ولا تبدل، ولأنه قال أنا ربك، ولم يقدر أن يقول أنا الله الذي لا إله إلا أنا.

113 - ومن هؤلاء من اعتقد أن المرئي هو الله، وصار هو وأصحابه يعتقدون أنهم يرون الله تعالى في اليقظة، ومستندهم ما شاهدوه. وهم صادقون فيما يخبرون به ولكن لم يعلموا أن ذلك هو الشيطان.

114 - وهذا قد وقع كثيراً لطوائف من جهال العباد، يظن أحدهم أنه يرى الله تعالى بعينه في الدنيا لأن كثيراً منهم أُرِيَ ما ظن أنه الله وإنما هو شيطان.

115 - وكثير منهم رأى من ظن أنه نبي أو رجل صالح أو الخضر وكان شيطاناً.

116 - وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رآني في المنام فقد رآني حقاً فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي».

117 - فهذا في رؤية المنام؛ لأن الرؤية في المنام تكون حقًّا وتكون من الشيطان فمنعه الله أن يتمثل به في المنام، وأما في اليقظة فلا يراه أحد بعينه في الدنيا فمن ظن أن المرئي هو الميت فإنما أُتِيَ من جهله، ولهذا لم يقع مثل هذا لأحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

118 - وبعض من رأى - هذا أو صدق من قال: إنه رآه - اعتقد أن الشخص الواحد يكون بمكانين في حالة واحدة فخالف صريح المعقول.

119 - ومنهم من يقول هذه رقيقة ذلك المرئي أو هذه روحانيته أو هذه معناه لشكل ولا يعرفون أنه جنّي تصور بصورته.

120 - ومنهم من يظن أنه مَلَك، والملك يتميز عن الجني بأمور كثيرة، والجن فيهم الكفار والفساق والجهال، وفيهم المؤمنون المتبعون لمحمد صلى الله عليه وسلم تسليماً، فكثير ممن لم يعرف أن هؤلاء جن وشياطين يعتقدهم ملائكة.

121 - وكذلك الذين يدعون الكواكب وغيرها من الأوثان تتنزل على أحدهم روح يقول هي روحانية الكواكب، ويظن بعضهم أنه من الملائكة وإنما هو من الجن والشياطين يغوون المشركين.

122 - والشياطين يوالون من يفعل ما يحبونه من الشرك والفسوق والعصيان؛ فتارة يخبرونه ببعض الأمور الغائبة ليكاشف بها، وتارة يؤذون من يريد أذاه بقتل وتمريض ونحو ذلك، وتارة يجلبون له من يريد من الإنس، وتارة يسرقون له ما يسرقونه من أموال الناس من نقد وطعام وثياب وغير ذلك، فيعتقد أنه من كرامات الأولياء وإنما يكون مسروقًا، وتارة يحملونه في الهواء فيذهبون به إلى مكان بعيد.

123 - فمنهم من يذهبون به إلى مكة عشية عرفة ويعودون به فيعتقد هذا كرامة، مع أنه لم يحج حج المسلمين؛ لا أحرم ولا لبى ولا طاف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، ومعلوم أن هذا من أعظم الضلال.

124 - ومنهم من يذهب إلى مكة ليطوف بالبيت من غير عمرة شرعية. فلا يُحرم إذا حاذى الميقات.

125 - ومعلوم أن من أراد نسكا بمكة لم يكن له أن يُجاوز الميقات إلا محرماً، ولو قصدها لتجارة أو لزيارة قريب له أو طلب علم كان مأمورًا أيضاً بالإحرام من الميقات، وهل ذلك واجب أو مستحب؟ فيه قولان مشهوران للعلماء.

126 - وهذا باب واسع، ومنه السحر والكهانة، وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.

127 - وعند المشركين عبَّاد الأوثان ومن ضاهاهم من النصارى ومبتدعة هذه الأمة في ذلك من / الحكايات ما يطول وصفه، فإنه ما من أحد يعتاد دعاء الميت والاستغاثة به نبيًّا كان أو غير نبي إلا وقد بلغه من ذلك ما كان من أسباب ضلاله، كما أن الذين يدعونهم في مغيبهم ويستغيثون بهم فيرون من يكون في صورتهم أو يظنون أنه في صورتهم ويقول أنا فلان ويكلمهم ويقضي بعض حوائجهم، فإنهم يظنون أن الميت المستغاث به هو الذي كلمهم وقضى مطلوبهم وإنما هو من الجن والشياطين.

128 - ومنهم من يقول هو ملك من الملائكة، والملائكة لا تعين المشركين وإنما هم شياطين أضلوهم عن سبيل الله.

129 - وفي مواضع الشرك من الوقائع والحكايات التي يعرفها من هنالك ومن وقعت له ما يطول وصفه.

130 - وأهل الجاهلية فيها نوعان: نوع يكذّب بذلك كله، ونوع يعتقد ذلك كرامات لأولياء الله.

131 - فالأول يقول: إنما هذا خيال في أنفسهم لا حقيقة له في الخارج، فإذا قالوا ذلك لجماعة بعد جماعة فمن رأى ذلك وعاينه موجوداً أو تواتر عنده ذلك عمن رآه موجوداً في الخارج وأخبره به من لا يرتاب في صدقه كان هذا من أعظم أسباب ثبات هؤلاء المشركين المبتدعين المشاهدين لذلك والعارفين به بالأخبار الصادقة.

132 - ثم هؤلاء المكذبون لذلك متى عاينوا بعض ذلك خضعوا لمن حصل له ذلك وانقادوا له واعتقدوا أنه من أولياء الله، مع كونهم يعلمون أنه لا يؤدّي فرائض الله حتى ولا الصلوات الخمس، ولا يجتنب محارم الله لا الفواحش ولا الظلم، بل يكون من أبعد الناس عن الإيمان والتقوى التي وصف الله بها أولياءه في قوله تعالى (10: 62 - 63): ﴿أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، فيرون من هو مِن أبعد الناس عن الإيمان والتقوى له من المكاشفات والتصرفات الخارقات ما يعتقدون أنه من كرامات أولياء الله المتقين.

133 - فمنهم من يرتد عن الإسلام وينقلب على عقبيه، ويعتقد فيمن لا يصلي بل ولا يؤمن بالرسل، بل يسب الرسل ويتنقص بهم أنه من أعظم أولياء الله المتقين.

134 - ومنهم من يبقى حائرًا مترددًا شاكاً مرتاباً، يقدم إلى الكفر رِجلاً وإلى الإسلام أخرى، وربما كان إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان.

135 - وسبب ذلك؛ أنهم استدلوا على الولاية بما لا يدل عليها، فإن الكفار والمشركين والسحرة والكهان معهم من الشياطين من يفعل بهم أضعاف أضعاف ذلك قال تعالى (26: 221 - 222): ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ* تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ.

136 - وهؤلاء لابد أن يكون فيهم كذب وفيهم مخالفة للشرع، ففيهم من الإثم والإفك بحسب ما فارقوا أمر الله ونهيه الذي بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم. وتلك الأحوال الشيطانية نتيجة ضلالهم وشركهم وبدعتهم وجهلهم وكفرهم وهي دلالة وعلامة على ذلك، والجاهل الضالُّ يظن أنها نتيجة إيمانهم وولايتهم لله تعالى، وأنها علامة ودلالة على إيمانهم وولايتهم لله سبحانه.

137 - وذلك أنه لم يكن عنده فرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان كما قد تكلمنا على ذلك في مسألة (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان)، ولم يعلم أن هذه الأحوال التي جعلها دليلاً على الولاية تكون للكفار من المشركين وأهل الكتاب أعظم مما تكون للمنتسبين إلى الإسلام، والدليل مستلزم للمدلول مختص به لا يوجد بدون مدلوله، فإذا وجدت للكفار والمشركين وأهل الكتاب لم تكن مستلزمة للإيمان/ فضلاً عن الولاية ولا كانت مختصة بذلك، فامتنع أن تكون دليلاً عليه.

138 - وأولياء الله هم المؤمنون المتقون، وكراماتهم ثمرة إيمانهم وتقواهم لا ثمرة الشرك والبدعة والفسق، وأكابر الأولياء إنما يستعملون هذه الكرامات بحجة للدين أو لحاجة للمسلمين، والمقتصدون قد يستعملونها في المباحات، وأما من استعان بها في المعاصي فهو ظالم لنفسه، متعد حدَّ ربه، وإن كان سببها الإيمان والتقوى.

139 - فمن جاهد العدو فغنم غنيمة فأنفقها في طاعة الشيطان فهذا المال وإن ناله بسبب عمل صالح فإذا أنفقه في طاعة الشيطان كان وبالاً عليه، فكيف إذا كان سبب الخوارق الكفر والفسوق والعصيان وهي تدعو إلى كفر آخر وفسوق وعصيان، ولهذا كان أئمة هؤلاء معترفين بأن أكثرهم يموتون على غير الإسلام. ولبسط هذه الأمور موضع آخر.

| حفظ | Download |
| حفظ | Download |
 
من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية
المادة السابق
المواد المتشابهة المادة التالي