صفحة جديدة 2
وشبه العمد قد عرفه الفقهاء
رحمهم الله بقولهم: هو أن يقصد جناية لا تقتل غالبا، فيموت بها المجني عليه، سواء
كان ذلك بقصد العدوان عليه، أو لأجل تأديبه، فيسرف في ذلك، وسمي هذا النوع من
الجنايات شبه العمد؛ لأن الجاني قصد الفعل وأخطأ في القتل.
قال ابن رشد: من قصد ضرب رجل بعينه بآلة لا تقتل غالبا؛ كان حكمه مترددا بين
العمد والخطأ، فشبهه للعمد من جهة قصد ضربه، وشبهه للخطأ من جهة ضربه بما لا يقصد
به القتل انتهى.
ومن أمثلة شبه العمد ما لو ضربه
في غير مقتل بسوط أو عصا صغير أو لكزه بيده أو لكمه في غير مقتل فمات كان ذلك شبه
عمد، تجب به الكفارة في مال الجاني، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد؛ صام شهرين متتابعين
كما يجب في الخطأ، ووجبت الدية مغلظة في مال عاقلة الجاني؛ لحديث أبي هريرة:
«اقتتلت امرأتان من هذيل،
فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فقضى رسول الله صلى الله عليه
وسلم بدية المرأة على عاقلتها» متفق عليه.
فدل الحديث على عدم وجوب القصاص
في شبه العمد، وعلى أن ديته تكون على عاقلة الجاني، لأنه قتل لا يوجب قصاصا فكانت
ديته على العاقلة كالخطأ.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنها على العاقلة.
وقال الموفق وغيره:
لا نعلم خلافا أنها على العاقلة... انتهى.