صفحة جديدة 3
وتجب الزكاة في المعدن، لقوله
تعالى:
﴿أَنْفِقُوا
مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾
والمعدن هو المكان الذي عدن فيه شيء من جواهر الأرض، فهو مستفاد من الأرض، فوجبت
فيه الزكاة، كالحبوب والثمار، فإن كان المعدن ذهبا أو فضة، ففيه ربع العشر إذا بلغ
نصابا فأكثر، وإن كان غيرهما كالكحل والزرنيخ والكبريت والملح والنفط، فيجب فيه ربع
عشر قيمته إن بلغت قيمته نصابا فأكثر من الذهب والفضة.
وتجب الزكاة في الركاز، وهو ما
وجد مدفونا من أموال الكفار من أهل الجاهلية، سمي ركازا؛ لأنه غيب في الأرض، كما
تقول: ركزت الرمح، ويجب فيه الخمس في قليله وكثيره، لقوله صلى الله عليه وسلم:
«وفي
الركاز الخمس» متفق عليه.
-
ويعرف كونه من أموال الكفار بوجود علامة الكفار عليه أو على بعضه، بأن يوجد عليه
أسماء ملوكهم، أو عليه رسم صلبانهم، فإذا أخرج خمسه، فباقيه لواجده.
-
وإن وجد على المال المدفون أو على بعضه علامة المسلمين، أو لم يجد عليه علامة أصلا،
فحكمه حكم اللقطة.
-
وما أخذ من زكاة الركاز يصرف في مصالح المسلمين كمصرف الفيء.
مما سبق يتبين لنا أن الخارج من
الأرض أنواع هي:
1- الحبوب والثمار.
2- المعادن على اختلافها.
3- العسل.
4- الركاز.
وكل هذه الأنواع، داخلة في قوله
تعالى:
﴿أَنْفِقُوا
مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾..
وقوله تعالى:
﴿وَآتُوا
حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾.
إن الزكاة إنما تجب فيما يكال
ويدخر من الحبوب والثمار، فما لا يكال ولا يدخر منها، لا تجب فيه الزكاة، كالجوز،
والتفاح، والخوخ، والسفرجل، والرمان، ولا في سائر الخضروات والبقول، كالفجل،
والثوم، والبصل، والجزر، والبطيخ، والقثاء، والخيار، والباذنجان، ونحوها، لحديث علي
رضي الله عنه مرفوعا:
«ليس
في الخضروات صدقة» رواه الدارقطني..
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال:
«ليس
فيما دون خمسة أوسق صدقة» فاعتبر الكيل لما تجب فيه الزكاة، فدل على عدم وجوبها فيما لا يكال
ويدخر، وتركه صلى الله عليه وسلم هو وخلفاؤه لها وهي تزرع بجوارهم فلا تؤدى زكاتها
لهم دليل على عدم وجوب الزكاة فيها، فترك أخذ الزكاة منها هو السنة المتبعة.
- قال الإمام أحمد: "ما كان مثل الخيار والقثاء والبصل والرياحين، فليس فيه زكاة،
إلا أن يباع، ويحول على ثمنه الحول".
باب في زكاة النقدين
اعلم وفقنا الله وإياك أن
المراد بزكاة النقدين زكاة الذهب والفضة وما اشتق منهما من نقود وحلي وسبائك وغير
ذلك.
والدليل على وجوب الزكاة في
الذهب والفضة الكتاب والسنة والإجماع.
قال الله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ
يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ففي
الآية الكريمة الوعيد الشديد بالعذاب الأليم لمن لم يخرج زكاة الذهب والفضة.
وفي "الصحيحين":
«ما
من ذهب ولا فضة لا يؤدى حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار...» الحديث.
واتفق الأئمة على أن المراد
بالكنز المذكور في القرآن والحديث كل ما وجبت فيه الزكاة فلم تؤد زكاته، وأن ما
أخرجت زكاته، فليس بكنز، والكنز: كل شيء مجموع بعضه على بعض، سواء كنزه في بطن
الأرض أم على ظهرها.
فتجب الزكاة في الذهب إذا بلغ
عشرين مثقالا، وفي الفضة إذا بلغت مائتي درهم إسلامي، ربع العشر منهما، سواء كانا
مضروبين أو غير مضروبين، لحديث ابن عمرو عن عائشة رضي الله عنهما مرفوعا:
«أنه
كان يأخذ من كل عشرين مثقالا نصف مثقال»
رواه ابن ماجه..
وفي حديث أنس رضي الله عنه
مرفوعا:
«في
الرقة ربع العشر»
متفق عليه.
والرقة - بكسر الراء وتخفيف
القاف - هي الفضة الخالصة، مضروبة كانت أو غير مضروبة. والمثقال في الأصل مقدار من
الوزن. قال الفقهاء: "وزنه اثنتان وسبعون حبة شعير من الشعير الممتلئ معتدل
المقدار.
ونصاب الذهب بالجنيه السعودي
أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع جنيه، ونصاب الفضة بالريال العربي السعودي ستة وخمسون
ريالا أو ما يعادل صرفها من الورق النقدي المستعمل في هذا الزمان.
ويخرج من الذهب والفضة إذا بلغ
كل منهما النصاب المحدد له فأكثر ربع العشر.
ما يباح للرجل لبسه من الذهب
والفضة
-
يباح للذكر أن يتخذ خاتما من الفضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من
ورق، متفق عليه.
-
ويحرم عليه اتخاذ الخاتم من الذهب فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال عن
التحلي بالذهب، وشدد النكير على من فعله، وقال صلى الله عليه وسلم:
«يعمد
أحدكم إلى جمرة من نار جهنم، فيجعلها في يده».
-
ويباح للذكر أيضا من الذهب ما دعت إليه حاجة، كأنف، ورباط أسنان،
«لأن
عرفجة بن سعد قطع أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفا من فضة، فأنتن عليه، فأمره النبي صلى
الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب»
رواه أبو داود والحاكم وصححه.
ما يباح للنساء التحلي به من
الذهب والفضة
-
يباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه؛ لأن الشارع أباح لهن التحلي
مطلقا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحل
الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها» رواه أحمد وأبو داود والترمذي
والنسائي، فدل على إباحة التحلي بالذهب والفضة للنساء، وأجمع العلماء على ذلك.
-
ولا زكاة في حلي النساء من الذهب والفضة إذا كان معدا للاستعمال أو للإعارة، لقوله
صلى الله عليه وسلم:
«ليس
في الحلي زكاة»
رواه الطبراني عن جابر بسند ضعيف، لكن يعضده ما جرى العمل عليه، وقال به جماعة من
الصحابة، منهم أنس، وجابر، وابن عمر، وعائشة، وأسماء أختها...
قال أحمد: "فيه عن خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه عدل به عن
النماء إلى فعل مباح أشبه ثياب البذلة وعبيد الخدمة ودور السكنى.
-
وإن أعد الحلي للكري، أو أعد لأجل النفقة - أي: اتخذ رصيدا للحاجة -، أو أعد للقنية،
أو للادخار، أو لم يقصد به شيء مما سبق، فهو باق على أصله، تجب فيه الزكاة؛ لأن
الذهب والفضة تجب فيهما الزكاة، وإنما سقط وجوبها فيما أعد للاستعمال أو العارية،
فيبقى وجوبها فيما عداه على الأصل إذا بلغ نصابا بنفسه أو بضمه إلى مال آخر، فإن
كان دون النصاب، ولم يمكن ضمه إلى مال آخر، فلا زكاة فيه، إلا إذا كان معدا
للتجارة، فإنها تجب الزكاة في قيمته.