صفحة جديدة 12
باب ما جاء في ذمة الله
وذمة نبيه
صلى الله عليه وسلم
وقول الله تعالى:
﴿وَأَوْفُوا
بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ
تَوْكِيدِهَا..﴾[النحل:91] الآية.
وعن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من
المسلمين خيراً، فقال:
«اغزوا بسم الله في سبيل الله،
قاتلوا في سبيل الله مَن كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا
تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ـ أو قال: خلال ـ
فآيتهن أجابوك فاقبل منهم وكُف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم،
ثم ادعوهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم
ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم
يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حُكم الله تعالى، ولا يكون لهم في الغنيمة
والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك
فاقبل منهم وكُف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن
فأرادوك أن تجعل ذمة الله وذمة نبيه
صلى الله عليه وسلم،
فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا
ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه
صلى الله عليه وسلم.
«وإذا حاصرت أهل
حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على
حكمك، فإنك لا تدري، أتصيب حكم الله فيهم أم لا»
رواه مسلم.
فيه مسائل:
الأولى: الفرق بين ذمة الله وذمة نبيه
صلى الله عليه وسلم،
وذمة المسلمين.
الثانية: الإرشاد إلى أقل الأمرين خطراً.
الثالثة: قوله
صلى الله عليه وسلم: (اغزوا بسم الله في سبيل
الله).
الرابعة: قوله
صلى الله عليه وسلم: (قاتلوا من كفر بالله).
الخامسة: قوله
صلى الله عليه وسلم: (استعن بالله وقاتلهم).
السادسة: الفرق بين حُكم الله وحُكم العلماء.
السابعة: في كون الصحابي يحكم عند الحاجة بحُكم لا يدري أيوافق حكم الله أم
لا.
عن جندب بن عبد الله
رضي الله عنه
أنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
«قال
رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله
عز وجل: مَن ذا الذي يتألى عليّ
أن لا اغفر لفلان؟ إني قد غفرت له وأحبطت عملك»
رواه مسلم.
وفي حديث أبي هريرة أن القائل
رجل عابد، قال أبو هريرة
رضي الله عنه: تكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته.
فيه مسائل:
الأولى: التحذير من التألي على الله.
الثانية: كون النار أقرب إلى أحدنا من شراك نعله.
الثالثة: أن الجنة مثل ذلك.
الرابعة: فيه شاهد لقوله (إن الرجل ليتكلم بالكلمة) إلى آخره.
الخامسة: أن الرجل قد يُغفر له بسبب هو من أكره الأمور إليه.