تفسير الإمام ابن كثير سورة لقمان من آية ٢٠ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ الإستعداد للموت قبل نزوله خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٣ إلى ٣٣٥ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٦ => القواعد النورانية الفقهية ۞ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ ثلاث مهلكات وثلات منجيات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٦ إلى ٣٣٩ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٧ => القواعد النورانية الفقهية ۞ إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم للوزير ابن هبيرة باب المضاربة من المسألة ١٤١٢ إلى ١٤١٨ => اجماع الأئمة الأربعة واختلافهم ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١ إلى ١٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١٨ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي في ساحة مسجد دار الفاروق بمدينة بلومنتون ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ إذا كَنَزَ الناسُ الذهَبَ والفِضَّةَ، فاكْنِزوا هؤلاء الكَلِماتِ خطبة الجمعة للشيخ د وليد المنيسي => خطب الجمعة ۞ من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير سورة البقرة ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ شرح كتاب تفسير للإمام إبن كثير تفسير آية ١٠٠ من سورة الكهف => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١ إلى ٦ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٧ إلى ١٣ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١٤ إلى ٢٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٢٦ إلى ٢٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٠ إلى ٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع تفسير الآيات من ٣٣ إلى ٣٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٣٦ و ٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٨ إلى ٤٠ => تفسير ابن كثير ۞ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

17- من قوله: أول ما في الحديث سؤاله عن الإسلام إلى قوله: حتى أجروا هذه الأحكام على مَنْ كَفّروه بالتأويل من أهل البدع

17- من قوله: أول ما في الحديث سؤاله عن الإسلام إلى قوله: حتى أجروا هذه الأحكام على مَنْ كَفّروه بالتأويل من أهل البدع
602 زائر
21-11-2015
صفحة جديدة 2

فصل

أول ما في الحديث سؤاله عن الإسلام: فأجابه بأن «الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتُقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت» وهذه الخمس هي المذكورة في حديث ابن عمر المتفق عليه «بُنِي الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً»، وهذا قاله النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فَرَض الله الحج؛ فلهذا ذكر الخمس، وأكثر الأحاديث لا يوجد فيها ذِكْر الحج في حديث وفد عبد القيس «آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخُمُس».. وحديث وفد عبد القيس من أشهر الأحاديث وأصحها.، وفي بعض طرق البخاري لم يذكر الصيام لكن هو مذكور في كثير من طرقه، وفي مسلم، وهو أيضا مذكور في حديث أبي سعيد الذي ذُكِرَ فيه قصة وفد عبد القيس رواه مسلم في صحيحه عنه، واتفقا على حديث ابن عباس؛ وفيه أنه أمرهم بإيتاء الخمس من المغنم؛ والخمس إنما فُرِضَ في غزوة بدر، وشهر رمضان فرض قبل ذلك، ووفد عبد القيس من خيار الوفد الذين وَفِدوا على النبي صلى الله عليه وسلم، وقدومهم على النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل فَرْض الحج، وقد قيل قَدِموا سنة الوفود، سنة تسع، والصواب: أنهم قَدِموا قبل ذلك، فإنهم قالوا: (إن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر- يعنون أهل نجد- وإنّا لا نصل إليك إلا في شهر حرام)، وسنة تسع كانت العرب قد ذلت وتركت الحرب وكانوا بين مسلم أو معاهد خائف لما فتح الله مكة، ثم هزموا هوازن يوم حنين، وإنما كانوا ينتظرون بإسلامهم فَتْح مكة، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه أميراً على الحج سنة تسع، وأردفه بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لتنفيذ العهود التي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين العرب، إلا أنه أجلهم أربعة أشهر من حين حجة أبي بكر وكانت في ذي القعدة، وقد قال تعالى: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ[التوبة:5] الآية وهذه الأربعة التي أجلوها الأربعة الحرم، ولهذا غزا النبي صلى الله عليه وسلم النصارى بأرض الروم عام تبوك سنة تسع قبل إرسال أبي بكر أميراً على الموسم، وإنما أمكنه غزو النصارى لما اطمأن من جهة مشركي العرب، وعلم أنه لا خوف على الإسلام منهم؛ ولهذا لم يأذن لأحد ممَّنْ يصلح للقتال في التخلف فلم يتخلف إلا منافق، أو الثلاثة الذين تيب عليهم، أو معذور، ولهذا لما استخلف علياً على المدينة عام تبوك طعن المنافقون فيه لضَعْف هذا الاستخلاف، وقالوا: إنما خلفه لأنه يبغضه، فاتبعه علي وهو يبكي فقال: (أتخلفني مع النساء والصبيان؟) فقال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»، وكان قبل ذلك يستخلف على المدينة مَنْ يستخلفه، وفيها رجال من أهل القتال، وذلك لأنه لم يكن حينئذ بأرض العرب لا بمكة ولا بنجد ونحوهما مَنْ يقاتل أهل دار الإسلام- مكة والمدينة وغيرهما- ولا يخيفهم، ثم لما رجع من تبوك أقر أبا بكر على الموسم يقيم الحج والصلاة ويأمر ألا يحج بعد العام مُشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، وأتبعه بعلي لأجل نَقْض العهود؛ إذ كانت عادة العرب أن لا يقبلوا إلا من المطاع الكبير أو من رجل من أهل بيته، والمقصود: أن هذا يُبَيّن أن قدوم وفد عبد القيس كان قبل ذلك، وأمّا حديث ضَمّام فرواه مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك: «نُهينا أن نسأل رسول الله عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل يسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد! أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك، قال: «صدق» قال: فَمَنْ خَلَق السماء؟ قال: «الله»، قال: فَمَنْ خَلَق الأرض؟ قال: «الله»، قال: فَمَنْ نَصَبَ هذه الجبال وجَعَل فيها ما جعل؟ قال: «الله»، قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب الجبال آلله أرسلك؟ قال: «نعم»، قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا قال: «صدق»، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم»، قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا قال: «صدق»، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم»، قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا؟ قال: «صدق»، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم»، قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت مَنْ استطاع إليه سبيلاً قال: «صدق» ثم وَلّى الرجل وقال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن صدق ليدخلن الجنة»، وعن أنس قال: بينما نحن جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ دخل رجل على جَمل فأناخه في المسجد ثم عَقَله؛ ثم قال لهم: أيكم محمد؟- والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم- فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ، فقال الرجل: ابن عبد المطلب! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قد أجبتك»، فقال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إني سائلك فمُشدد عليك في المسألة، فلا تجد علي في نفسك، فقال: «سل عما بدا لك» فقال: أسألك بربك ورب مَنْ قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال: «اللهم نعم»، وَذَكَر أنه سأله عن الصلاة والزكاة، ولم يذكر الصيام والحج، فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول مَنْ ورائي من قومي، وأنا ضَمّام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر»، هذان الطريقان في الصحيحين، لكن البخاري لم يُذْكَر في الأول الحج، بل ذُكِرَ الصيام، والسياق الأول أتم، والناس يجعلون الحديثين حديثاً واحداً، ويشبه- والله أعلم- أن يكون البخاري رأى أن ذِكْر الحج فيه وَهْماً؛ لأن سعد بن بكر هم من هوازن وهُم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهوازن كانت معهم وقعة حُنين بعد فَتْح مكة فأسلموا كلهم بعد الوقعة، ودفع إليهم النبي صلى الله عليه وسلم النساء والصبيان بعد أن قسمها على المعسكر، واستطاب أنفسهم في ذلك، فلا تكون هذه الزيارة إلا قبل فَتْح مكة، والحج لم يكن فُرِض إذ ذاك، وحديث طلحة بن عُبيد الله ليس فيه إلا الصلاة والزكاة والصيام، وقد قيل: إنه حديث ضمام وهو في الصحيحين عن طلحة بن عُبيد الله قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، يُسمَع دَوِي صوته ولا يُفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم والليلة»، قال: هل علي غيرهن؟ قال: «لا إلا أن تَطّوّع»، قال: «وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة»، قال: هل علي غيرها؟ قال: «لا إلا أن تَطّوّع»، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق»، وليس في شيء من طرقه ذِكْر الحج، بل فيه ذِكْر الصلاة والزكاة والصيام كما في حديث وفد عبد القيس، وفي الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة «أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، فقال: «تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان» قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئاً أبداً ولا أنقص منه، فلما وَلّى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا»، وهذا يُحتمل أن يكون ضَمّاماً، وقد جاء في بعض الأحاديث ذِكْر الصلاة والزكاة فقط، كما في الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري «أن أعرابياً عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سفر، فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها، ثم قال: يا رسول الله! أو يا محمد! أخبرني بما يقربني من الجنة وما يباعدني من النار، قال: فكف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نظر في أصحابه ثم قال: «لقد وُفِّق» أو «لقد هُدِي» ثم قال: «كيف قلت؟» قال: فأعاد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وَتَصِل الرحم» فلما أدبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن تَمَسّك بما أمرته به دخل الجنة» هذه الألفاظ في مسلم، وقد جاء ذِكْر الصلاة والصيام في حديث النعمان بن قوقل رواه مسلم، عن جابر بن عبد الله قال: «سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم قال: أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات، وصُمت رمضان، وأحللت الحلال، وحَرَّمْتُ الحرام، ولم أزد على ذلك شيئاً أأدخل الجنة؟ قال: «نعم» قال: والله لا أزيد على ذلك شيئاً». وفي لفظ «أتى النبي صلى الله عليه وسلم النعمان بن قوقل»، وحديث النعمان هذا قديم؛ فإن النعمان بن قوقل قُتِلَ قبل فَتْح مكة، قَتَلَه بعض بني سعد بن العاص كما ثبت ذلك في الصحيح، فهذه الأحاديث خرجت جواباً لسؤال السائلين إلا حديث ابن عمر فإنه مبتدأ، وأحاديث الدعوة والقتال فيها الصلاة والزكاة كما في الصحيحين عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله». وقد أخرجاه، في الصحيحين من حديث أبي هريرة رواه مسلم عن جابر قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها»، فقال أبو بكر: والله لأقاتلن مَنْ فَرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة من حق المال، فكان من فقه أبي بكر أنه فهم من ذلك الحديث المختصر أن القتال على الزكاة قتال على حق المال، وقد بَيّن النبي صلى الله عليه وسلم مراده بذلك في اللفظ المبسوط الذي رواه ابن عمر، والقرآن صريح في موافقة حديث ابن عمر كما قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ[التوبة:5]، وحديث معاذ لَمّا بعثه إلى اليمن لم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا الصلاة والزكاة، فلما كان في بعض الأحاديث ذِكْر بعض الأركان دون بعض أشكل ذلك على بعض الناس، فأجاب بعض الناس: بأن سبب هذا أن الرواة اختصر بعضهم الحديث الذي رواه، وليس الأمر كذلك؛ فإن هذا طَعْن في الرواة، ونِسبة لهم إلى الكذب؛ إذ هذا الذي ذَكَره إنما يقع في الحديث الواحد مثل حديث وفد عبد القيس حيث ذكر بعضهم الصيام وبعضهم لم يذكره، وحديث ضمام حيث ذكر بعضهم الخمس وبعضهم لم يذكره، وحديث النعمان بن قوقل حيث ذكر بعضهم فيه الصيام وبعضهم لم يذكره؛ فبهذا يُعْلَم أن أحد الراويين اختصر البعض أو غلط في الزيادة، فأما الحديثان المنفصلان فليس الأمر فيهما كذلك لا سيما والأحاديث قد تواترت بكون الأجوبة كانت مختلفة وفيهما ما بين قَطْعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بهذا تارة وبهذا تارة، والقرآن يُصَدّق ذلك، فإن الله سبحانه في بعض الآيات عَلّق الأخوة الإيمانية بالصلاة والزكاة فقط، كما في قولـه تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ[التوبة:11]، كما أنه علق ترك القتال على ذلك في قولـه تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ[التوبة:5]، وقد تقدم حديث ابن عمر الذي في الصحيحين مُوافقاً لهذه الآية، وأيضاً فإن في حديث وفد عبد القيس ذكر خُمْس المغنم لأنهم كانوا طائفة ممتنعة يقاتلون، ومثل هذا لا يذكر جواب سؤال سائل بما يجب عليه في حق نفسه، ولكن عن هذا جوابان: أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب بحسب نزول الفرائض، وأول ما فَرَض الله: الشهادتان، ثم الصلاة، فإنه أُمِر بالصلاة في أول أوقات الوحي، بل قد ثبت في الصحيح أن أول ما نزل عليه: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ[العلق:1] ﴿خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ[العلق:2] إلى قولـه: ﴿عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ[العلق:5]، وآخر سورة اقرأ: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ[العلق:19]، فأول السورة: أَمْر بالقراءة، وآخرها: أَمْر بالسجود، والصلاة مؤلفة من أقوال وأعمال، فأفضل أقوالها: القراءة، وأفضل أعمالها: السجود، والقراءة أول أقوالها المقصودة وما بعده تبع له، ثم نزل عليه بعد ذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ[المدثر:1] ﴿قُمْ فَأَنذِرْ[المدثر:2]، فهذا الخطاب إرسال له إلى الناس، والإرسال بعد الإنباء، فإن الخطاب الأول ليس فيه إرسال، وقد رُوِي أن الصلاة أول ما فُرِضَت كانت ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشي، ثم فُرِضت الخمس ليلة المعراج وكانت ركعتين ركعتين، فلمّا هاجر أقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر، وكانت الصلاة تكمل شيئاً فشيئاً: فكانوا أولاً يتكلمون في الصلاة ولم يكن فيها تشهد، ثم أُمِروا بالتشهد وحرم عليهم الكلام، وكذلك لم يكن بمكة لهم أذان، وإنما شُرِع الأذان بالمدينة بعد الهجرة، وكذلك صلاة الجمعة، والعيد، والكسوف، والاستسقاء، وقيام رمضان وغير ذلك؛ إنما شُرِع بالمدينة بعد الهجرة، وأُمِروا بالزكاة، والإحسان في مكة أيضاً، ولكن فرائض الزكاة ونُصَبها إنما شُرِعت بالمدينة، وأمّا صَوْم شهر رمضان فإنما فُرِض في السنة الثانية من الهجرة وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات، وأمّا الحج فقد تنازع الناس في وجوبه: فقالت طائفة: فُرِضَ سنة ست من الهجرة

وهي السنة التي نزل فيها قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ[البقرة:196] عام الحديبية باتفاق الناس

قالوا: وهذه الآية تدل على وجوب الحج ووجوب العُمرة أيضاً؛ لأن الأمر بالإتمام يتضمن الأمر بابتداء الفعل وإتمامه، وقال الأكثرون: (إنما وَجَبَ الحج متأخراً، قيل: سنة تسع، وقيل: سنة عشر) وهذا هو الصحيح، فإن آية الإيجاب إنما هي قولـه تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ[آل عمران:97] وهذه الآية في آل عمران في سياق مخاطبته لأهل الكتاب، وصَدْر آل عمران وما فيها من مخاطبة أهل الكتاب نزل لما قَدِم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد نجران النصارى، وناظروه في أَمْر المسيح، وهُم أول مَنْ أَدّى الجزية من أهل الكتاب، وكان ذلك بعد إنزال سورة براءة التي شُرِع فيها الجزية، وأُمِر فيها بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وغزا النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك التي غزا فيها النصارى لما أَمَر الله بذلك في قولـه: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[التوبة:29]، ولهذا لم يُذْكَر وجوب الحج في عامة الأحاديث، وإنما جاء في الأحاديث المتأخرة، وقد قَدِم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس وكان قدومهم قبل فَتْح مكة على الصحيح كما قد بيناه، وقالوا: يا رسول الله! إن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مُضَر- يعنون بذلك أهل نجد: من تميم وأسد وغطفان لأنهم بين البحرين وبين المدينة، وعبد القيس هم من ربيعة ليسوا من مضر- ولما فُتِحت مكة زال هذا الخوف، ولَمّا قَدِم عليه وفد عبد القيس أَمَرَهم بالصلاة، والزكاة، وصيام رمضان، وخُمس المغنم، ولم يأمرهم بالحج، وحديث ضمام قد تَقدّم أن البخاري لم يذكر فيه الحج، كما لم يذكره في حديث طلحة، وأبي هريرة وغيرهما، مع قولـهم: (إن هذه الأحاديث هي من قصة ضمام) وهذا ممكن، مع أن تاريخ قدوم ضمام هذا ليس مُتَيَقّنا، وأما قولـه: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ[البقرة:196] فليس في هذه الآية إلا الأمر بإتمام ذلك، وذلك يوجب إتمام ذلك على من دخل فيه، فنزل الأمر بذلك لما أحرموا بالعمرة عام الحديبية، ثم أحصروا فأُمِروا بالإتمام، وبين لهم حُكم الإحصار، ولم يكن حينئذ قد وجب عليهم لا عمرة ولا حج، الجواب الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم كان يذكر في كل مقام ما يناسبه: فيذكر تارةً الفرائض الظاهرة التي يُقاتَل على فِعْلها الطائفة الممتنِعة كالصلاة والزكاة، ويذكر تارة ما يجب على السائل: فَمَنْ أجابه بالصلاة والصيام لم يكن عليه زكاة يؤديها، ومَنْ أجابه بالصلاة والزكاة والصيام: فإما أن يكون قبل فرض الحج وهذا هو الواجب في مثل حديث عبد القيس ونحوه، وإما أن يكون السائل ممَّنْ لا حج عليه، وأما الصلاة والزكاة فلهما شأن ليس لسائر الفرائض؛ ولهذا ذكر الله تعالى في كتابه القتال عليهما؛ لأنهما عبادتان، بخلاف الصوم؛ فإنه أَمْر باطن، وهو مما ائْتُمِن عليه الناس، فهو من جنس الوضوء والاغتسال من الجنابة ونحو ذلك مما يُؤتَمَن عليه العبد؛ فإن الإنسان يمكنه ألا ينوي الصوم وأن يأكل سراً، كما يمكنه أن يكتم حَدَثَه وجَنَابته، وأما الصلاة والزكاة فَأَمْرٌ ظاهر لا يمكن الإنسان بين المؤمنين أن يمتنع من ذلك، وهوصلى الله عليه وسلم يذكر في الإسلام الأعمال الظاهرة التي يُقَاتَل عليها الناس، ويصيرون مسلمين بِفِعْلها؛ فلهذا عَلّق ذلك بالصلاة والزكاة دون الصيام، وإن كان الصوم واجباً كما في آيتي براءة، فإن براءة نزلت بعد فرض الصيام باتفاق الناس، وكذلك لما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال له: «إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأَعْلِمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فَأَعْلِمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخَذ من أغنيائهم فَتُرَدّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» أخرجاه في الصحيحين، ومعاذ أرسله إلى اليمن في آخر الأمر بعد فرض الصيام، بل بعد فَتْح مكة، بل بعد تبوك، وبعد فَرْض الحج والجزية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم مات ومعاذ باليمن وإنما قدم المدينة بعد موته، ولم يُذْكَر في هذا الحديث الصيام لأنه تبع وهو باطن، ولا ذكر الحج لأن وجوبه خاص ليس بعام وهو لا يجب في العمر إلا مرة، ولهذا تنازع العلماء في تكفير مَنْ يترك شيئاً من هذه الفرائض الأربع بعد الإقرار بوجوبها: ** فأما الشهادتان: إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر باتفاق المسلمين، وهو كافر باطناً وظاهراً عند سلف الأمة، وأئمتها، وجماهير علمائها، وذهبت طائفة من المرجئة وهم جهمية المرجئة- كجهم والصالحي وأتباعهما- إلى أنه إذا كان مُصَدّقاً بقلبه كان كافراً في الظاهر دون الباطن، وقد تَقَدّم التنبيه على أصل هذا القول- وهو قول مُبْتَدَع في الإسلام، لم يَقُله أحد من الأئمة-، وقد تَقَدّم أن الإيمان الباطن يستلزم الإقرار الظاهر، بل وغيره، وأن وجود الإيمان الباطن تصديقاً وحباً وانقياداً بدون الإقرار الظاهر ممتنع، ** وأما الفرائض الأربع: فإذا جَحَد وجوب شيء منها بعد بلوغ الحجة فهو كافر، وكذلك مَنْ جَحَد تحريم شيء من المحرمات الظاهرة المتواتر تحريمها- كالفواحش، والظلم، والكذب، والخمر، ونحو ذلك، وأمّا مَنْ لم تقم عليه الحجة- مثل: أن يكون حديث عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه فيها شرائع الإسلام، ونحو ذلك- أو غلط فظن أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يستثنون من تحريم الخمر- كما غلط في ذلك الذين استتابهم عمر-، وأمثال ذلك؛ فإنهم يستتابون وتقام الحجة عليهم، فإن أصروا كفروا حينئذ ولا يحكم بكفرهم قبل ذلك، كما لم يحكم الصحابة بكُفر قدامة بن مظعون وأصحابه لما غلطوا فيما غلطوا فيه من التأويل، وأما مع الإقرار بالوجوب إذا ترك شيئاً من هذه الأركان الأربعة ففي التكفير أقوال للعلماء: هي روايات عن أحمد: أحدها: أنه يكفر بِتَرْك واحد من الأربعة حتى الحج وإن كان في جواز تأخيره نزاع بين العلماء، فمتى عزم على تَرْكه بالكلية كَفَر، وهذا قول طائفة من السلف، وهي إحدى الروايات عن أحمد اختارها أبو بكر، والثاني: أنه لا يكفر بِتَرْك شيء من ذلك مع الإقرار بالوجوب- وهذا هو المشهور عند كثير من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي- وهو إحدى الروايات عن أحمد اختارها ابن بطة وغيره، والثالث: لا يكفر إلا بترك الصلاة، وهي الرواية الثالثة عن أحمد، وقول كثير من السلف، وطائفة من أصحاب مالك والشافعي، وطائفة من أصحاب أحمد. والرابع: يكفر بِتَرْكها وتَرْك الزكاة فقط، والخامس: بِتَرْكها وتَرْك الزكاة إذا قاتل الإمام عليها دون تَرْك الصيام والحج، وهذه المسألة لها طرفان: أحدهما: في إثبات الكفر الظاهر، والثاني: في إثبات الكفر الباطن، فأمّا الطرف الثاني: فهو مبني على مسألة كون الإيمان قولاً وعملاً كما تقدم، ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمناً إيماناً ثابتاً في قلبه بأن الله فَرَض عليه الصلوات، والزكاة، والصيام، والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم يوماً من رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته؛ فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزَندقة، لا مع إيمان صحيح، ولهذا إنما يَصِف سبحانه بالامتناع من السجود الكفار كقولـه: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ[القلم:42] ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ[القلم:43]، وقد ثَبَت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وغيرهما في الحديث الطويل حديث التجلي «أنه إذا تَجَلّى تعالى لعباده يوم القيامة سَجَد له المؤمنون، وبَقِي مَنْ كان يسجد في الدنيا رياءً وسُمعة ظهره مثل الطبق لا يستطيع السجود»؛ فإذا كان هذا حال مَنْ سَجَد رياءً فكيف حال مَنْ لم يسجد قط؟! وثَبَت أيضاً في الصحيح: «أن النار تأكل من ابن آدم كل شيء إلا موضع السجود، فإن الله حَرّم على النار أن تأكله» فَعُلِمَ أن مَنْ لم يكن يسجد لله تأكله النار كله، وكذلك ثبت في الصحيح: «أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة غُراً مُحَجّلين من آثار الوضوء»؛ فدل على أنه مَنْ لم يكن غُراً مُحَجَّلاً لم يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم فلا يكون من أُمته، وقولـه تعالى: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ[المرسلات:46] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ[المرسلات:47] ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَالمرسلات:48] ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ[المرسلات:49]، وقولـه تعالى: ﴿فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ[الانشقاق:20] ﴿وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ[الانشقاق:21] ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ[الانشقاق:22] ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ[الانشقاق:23]، وكذلك قولـه تعالى: ﴿فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى[القيامة:31] ﴿وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى[القيامة:32]، وكذلك قولـه تعالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ[المدثر:42] ﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ[المدثر:43] ﴿وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ[المدثر:44] ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ[المدثر:45] ﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ[المدثر:46] ﴿حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ[المدثر:47]، فَوَصَفَه بِتَرْك الصلاة كما وَصَفه بِتَرْك التصديق، ووَصَفَه بالتكذيب والتَّوَلّي- والمتولي هو العاصي، الممتنع من الطاعة-، كما قال تعالى: ﴿سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا[الفتح:16]، وكذلك وَصَف أهل سَقَر بأنهم لم يكونوا من المصلين، وكذلك قَرَن التكذيب بالتولي في قولـه: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى[العلق:9] ﴿عَبْدًا إِذَا صَلَّى[العلق:10] ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى[العلق:11]

| حفظ | Download , استماع | Play |
 
من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية