تفسير الإمام ابن كثير سورة لقمان من آية ٢٠ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ الإستعداد للموت قبل نزوله خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٣ إلى ٣٣٥ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٦ => القواعد النورانية الفقهية ۞ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ ثلاث مهلكات وثلات منجيات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٦ إلى ٣٣٩ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٧ => القواعد النورانية الفقهية ۞ إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم للوزير ابن هبيرة باب المضاربة من المسألة ١٤١٢ إلى ١٤١٨ => اجماع الأئمة الأربعة واختلافهم ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١ إلى ١٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١٨ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي في ساحة مسجد دار الفاروق بمدينة بلومنتون ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ إذا كَنَزَ الناسُ الذهَبَ والفِضَّةَ، فاكْنِزوا هؤلاء الكَلِماتِ خطبة الجمعة للشيخ د وليد المنيسي => خطب الجمعة ۞ من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير سورة البقرة ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ شرح كتاب تفسير للإمام إبن كثير تفسير آية ١٠٠ من سورة الكهف => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١ إلى ٦ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٧ إلى ١٣ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١٤ إلى ٢٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٢٦ إلى ٢٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٠ إلى ٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع تفسير الآيات من ٣٣ إلى ٣٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٣٦ و ٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٨ إلى ٤٠ => تفسير ابن كثير ۞ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

10- من قوله: (وقد قال تعالى: واذكر عبادنا) إلى قوله: (فرقة يسيرة: كجهم والصالحي)

10- من قوله: (وقد قال تعالى: واذكر عبادنا) إلى قوله: (فرقة يسيرة: كجهم والصالحي)
515 زائر
21-11-2015
صفحة جديدة 1

وقد قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ[ص:45]؛ فَوَصَفَهم بالقوة في العمل والبصيرة في العلم..

وأصل القوة: قوة القلب الْمُوجِبة لمحبة الخير وبُغْض الشر؛ فإن المؤمن قوته في قلبه وضَعْفه في جسمه، والمنافق قوته في جسمه وَضْعفه في قلبه..

فالإيمان لا بد فيه من هذين الأصلين: التصديق بالحق والمحبة له؛ فهذا أصل القول وهذا أصل العمل.

ثم الحب التام مع القُدرة يستلزم حركة البدن بالقول الظاهر والعمل الظاهر ضرورة- كما تقدم-..

فَمَنْ جَعَل مجرد العلم والتصديق مُوجِبًا لجميع ما يدخل في مُسَمّى الإيمان وكُل ما يُسَمَّي إيماناً فَقَد غَلِط، بل لا بد من العلم والحب..

والعلم شرط في محبة المحبوب كما أن الحياة شرط في العلم؛ لكن لا يلزم من العلم بالشيء والتصديق بثبوته محبته إن لم يكن بين العلم والمعلوم معنى في الْمُحِب أَحَبّ لأجله ومعنى في المحبوب كان محبوباً لأجله..

ولهذا كان الإنسان يُصَدِّق بثبوت أشياء كثيرة ويعلمها وهو يُبغضها كما يُصَدِّق بوجود الشياطين والكفار ويُبغضهم، فنَفْس التصديق بوجود الشيء لا يقتضي مَحبته..

لكن الله سبحانه يستحق لذاته أن يُحَبَّ ويَعْبَد وأن يُحَبَّ لأجله رسولُه، والقلوب فيها معنى يقتضي حبه وطاعته كما فيها معنى يقتضي العلم والتصديق به؛ فمَنْ صَدَّق به وبرسوله ولم يكن مُحِباً له ولرسوله لم يكن مؤمناً به حتى يكون فيه مع ذلك الحب له ولرسوله..

وإذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له لَزِم ضرورة أن يتحرك البدن بِمُوجَب ذلك من الأقوال الظاهرة والأعمال الظاهرة؛ فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو مُوجَب ما في القلوب ولازِمه ودليله ومعلوله، كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له أيضاً تأثير فيما في القلب، فكل منهما يُؤَثِّر في الآخر، لكن القلب هو الأصل والبدن فرع له، والفرع يَسْتَمِد من أصله، والأصل يَثْبُت ويَقْوَى بِفَرْعه؛ كما في الشجرة التي يُضْرَب الْمَثَلُ لكلمة الإيمان بها.. قال تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ[إبراهيم:24] ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا[إبراهيم:25]؛ وهي كلمة التوحيد، فالشجرة كُلما قَوِي أَصلها وعروقها ورَوِيَ قويت فروعها، والفروع أيضاً إذا اغتذت بالمطر والريح أَثَّر ذلك في أَصْلها، وكذلك الإيمان في القلب والإسلام علانية..

ولَمّا كانت الأقوال والأعمال الظاهرة لازِمة ومُستلْزِمة للأقوال والأعمال الباطنة كان يُسْتَدَلُّ بها عليها: كما في قولـه تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ[المجادلة:22]؛ فأخبر أنّ مَنْ كان مؤمناً بالله واليوم الآخر لا يُوْجَدُون مُوادين لأعداء الله ورسوله، بل نفس الإيمان يُنافي مُوادتهم، فإذا حصلت الْمُوادة دَلّ ذلك على خلل الإيمان.

وكذلك قولـه تعالى: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ[المائدة:80] ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ[المائدة:81].

وكذلك قولـه تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ[الحجرات:15]..

فأخبر تعالى أن هؤلاء هم الصادقون في قولـهم: ﴿آمَنَّا، ودل ذلك على أن الناس في قولـهم: ﴿آمَنَّا صادق وكاذب، والكاذب فيه نفاق بحسب كذبه...

قال تعالى في المنافقين:

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ[البقرة:8]

﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ[البقرة:9]

﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ[البقرة:10]

﴿يَكْذِبُونَ، ﴿يُكَذِّبُونَ هما قراءتان مشهورتان.

وفي الحديث أساس النفاق الذي بُنِيَ عليه الكذب..

وقال تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ[المنافقون:1].

وقال تعالى:

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ[التوبة:75]

﴿فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ[التوبة:76]

﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ[التوبة:77]..

وقال تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ[التوبة:58]..

ومثل هذا كثير.

وبالجملة: فلا يستريب مَنْ تَدَبَّر ما نقول: في أن الرجل لا يكون مؤمناً بمجرد تصديقٍ في القلب مع بُغْضٍ لله ورسوله، واستكبارٍ عن عبادته، ومُعاداةٍ له ولرسله..

ولهذا كان جماهير المرجئة على أن عمل القلب داخلٌ في الإيمان -كما نَقَله أهل المقالات عنهم- منهم: الأشعري؛ فإنه قال في كتابه في «المقالات»: اختلف المرجئة في الإيمان ما هو، وهم اثنتا عشرة فرقة؛

فالفرقة الأولى منهم:

- يزعمون أن الإيمان بالله: هو المعرفة بالله وبرسوله وبجميع ما جاء من عند الله فقط، وأن ما سوى المعرفة- من الإقرار باللسان، والخضوع بالقلب، والمحبة لله ولرسوله، والتعظيم والخوف فيهما، والعمل بالجوارح- فليس بإيمان.

- وزعموا أن الكُفر بالله: هو الجهل به؛ وهذا قَوْل يُحْكَى عن الجهم بن صفوان.

- قال: وزعمت الجهمية أن الإنسان إذا أتى بالمعرفة ثم جَحَد بلسانه أنه لا يكفر بِجَحْدِه، وأن الإيمان لا يَتَبَعّض ولا يتفاضل أهله فيه، وأن الإيمان والكفر لا يكونان إلا في القلب دون الجوارح.

قال: والفرقة الثانية من المرجئة:

- يزعمون أن الإيمان: هو المعرفة بالله فقط، والكفر به: هو الجهل به فقط؛ فلا إيمان إلا المعرفة به، ولا كُفْر بالله إلا الجهل به، وأنّ قول القائل: (إن الله ثالث ثلاثة) ليس بكُفر!! ولكنه لا يظهر إلا من كافر؛ وذلك أن الله كَفّر مَنْ قال ذلك، وأجمع المسلمون أنه لا يقولـه إلا كافر.

- وزعموا أن معرفة الله: هي المحبة له وهي الخضوع لله عز وجل؛ وأصحاب هذا القول لا يزعمون أن الإيمان بالله إيمان بالرسول، ويقولون: (إنه لا يؤمن بالله إذا جاء الرسول إلا مَنْ آمن بالرسول)، ليس ذلك لأن ذلك مستحيل ولكن الرسول قال: «مَنْ لم يؤمن بي فليس بمؤمن بالله».

- وزعموا أيضاً أن الصلاة ليست بعبادة لله، وأنه لا عبادة إلا الإيمان به وهو معرفته، والإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص وهو خصلة واحدة وكذلك الكفر؛ والقائل بهذا القول أبو الحسين الصالحي.

وقد ذَكَر الأشعري في كتابه «الموجز» قول الصالحي هذا وغيره، ثم قال: "والذي أختاره في الأسماء قول الصالحي، وفي الخصوص والعموم؛ أي لا أقطع بظاهر الخبر على العموم ولا على الخصوص إذا كان يحتمل في اللغة أن يكون خاصاً ويحتمل أن يكون عاماً، وأقف في ذلك فلا أقطع على عموم ولا على خصوص إلا بتوقيفٍ أو إجماع.

ثم قال في «المقالات»: والفرقة الثالثة من المرجئة:

- يزعمون أن الإيمان هو: المعرفة بالله والخضوع له، وهو تَرْك الاستكبار عليه، والمحبة لله؛ فمَنْ اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن.

- وزعموا أن إبليس كان عارفاً بالله غير أنه كَفَر باستكباره على الله؛ وهذا قول قوم من أصحاب يونس السَّمري.

والفرقة الرابعة:

- وهم أصحاب أبي شِمْر (شَمِر) ويونس؛ يزعمون أن الإيمان: المعرفة بالله، والمحبة له، والخضوع له بالقلب، والإقرار به أنه واحد ليس كمثله شيء ما لم تقم عليه حُجة الأنبياء، وإن كانت قامت عليه حجة الأنبياء: فالإيمان بهم، والتصديق لهم، والمعرفة لِمَا جاء من عند الله عنهم داخلٌ في الإيمان..

- ولا يُسمون كل خصلة من هذه الخصال إيماناً ولا بعض إيمان حتى تجتمع هذه الخصال، فإذا اجتمعت سموها إيماناً لاجتماعها، وشَبَّهوا ذلك بالبياض إذا كان في دابة لا يُسَمّى (بَلَقاً) إلا مع السواد، وجعلوا تَرْك كل خصلة من هذه الخصال كُفْرَا.

- ولم يجعلوا الإيمان متبعضاً ولا محتملاً للزيادة والنقصان.

وذَكَر عن الخامسة أصحاب أبي ثوبان:

- أن الإيمان هو: الإقرار بالله وبرسله، وما لا يجوز في العقل إلا أن يفعله.

وذكر عن الفرقة السادسة:

- أن الإيمان هو: المعرفة بالله، وبرسله، وفرائضه الْمُجتَمَع عليها، والخضوع له بجميع ذلك، والإقرار باللسان.

- وزعموا أن خصال الإيمان كل منها طاعة، وأن كل واحدة إذا فُعِلَت دون الأخرى لم تكن طاعة كـالمعرفة بلا إقرار، وأن تَرْك كل خَصلة من ذلك معصية، وأن الإنسان لا يكفر بتَرْك خصلة واحدة.

- وأن الناس يتفاضلون في إيمانهم، ويكون بعضهم أعلم وأكثر تصديقاً من بعض.

- وأن الإيمان يزيد ولا ينقص؛ وهذا قول الحسين بن محمد النجار وأصحابه.

والفرقة السابعة الغيلانية أصحاب غيلان:

- يزعمون أن الإيمان: المعرفة بالله التامة (الثانية)، والمحبة، والخضوع، والإقرار بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وبما جاء من عند الله سبحانه؛ وذلك أن المعرفة الأولى عنده اضطرار فلذلك لم يجعلها من الإيمان..

وكل هؤلاء الذين حكينا قولـهم (من الشمرية، والجهمية، والغيلانية، والنجارية) يُنْكِرون أن يكون في الكفار إيمان، وأن يقال: (فيهم بعض إيمان)؛ إذ كان الإيمان لا يتبعض عندهم.

قال: والفرقة الثامنة من المرجئة أصحاب محمد بن شبيب:

- يزعمون أن الإيمان: الإقرار بالله، والمعرفة بأنه واحد ليس كمثله شيء، والإقرار والمعرفة بأنبياء الله وبرسله وبجميع ما جاءت به من عند الله مما نَصّ عليه المسلمون ونَقَلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة والصيام ونحو ذلك، مما لا نزاع بينهم فيه، والخضوع لله وهو تَرْك الاستكبار عليه.

- وزعموا أن إبليس قد عرف الله وأَقَرّ به، وإنما كان كافراً لأنه استكبر، ولولا الاستكبار ما كان كافراً.

- وأن الإيمان يتبعض ويتفاضل أهله، وأن الخصلة من الإيمان قد تكون طاعة وبعض إيمان، ويكون صاحبها كافرًا بِتَرْك بعض إيمان، ولا يكون مؤمناً إلا بإصابة الكل، وكل رجل يعلم أن الله تعالى واحد ليس كمثله شيء ويجحد الأنبياء فهو كافر بجَحْده الأنبياء وفيه خصلة من الإيمان وهي معرفته بالله عز وجل.

الفرقة التاسعة من المرجئة المنتسبين إلى أبي حنيفة وأصحابه:

- يزعمون أن الإيمان: المعرفة بالله والإقرار بالله، والمعرفة بالرسول، والإقرار بما جاء من عند الله في الجملة دون التفسير.

الفرقة العاشرة من المرجئة أصحاب أبي معاذ التومني:

- يزعمون أن الإيمان: تَرْك ما عَظُم من الكبائر، وهو اسم لخصال إذا تَرَكها التارك أو تَرَك خَصلة منها كان كافراً، فتلك الخصلة التي يكفر بِتَرْكها إيمان، وكل طاعة إذا تركها التارك لم يُجْمِع المسلمون على تكفيره فتلك الطاعة شريعة من شرائع الإيمان، تاركها- إن كانت فريضة- يُوَصف بالفِسق؛ فيقال له: (إنه يفسق) ولا يُسَمّى بالفسق، ولا يقال: (فاسق)، وليست تُخْرِج الكبائر من الإيمان إذا لم تكن كُفراً..

وتارك الفرائض مثل الصلاة والصيام والحج على الجحود بها والرد لها والاستخفاف بها كافر بالله، وإنما كَفَر للاستخفاف والرد والجحود، وإنْ تَرَكَها غير مُسْتَحِلٍّ لتَرْكِها مُتَشَاغِلاً مُسَوِّفاً يقول: (الساعة أُصَلّي، وإذا فرغتُ من لهوي وعملي) فليس بكافر، وإن كان يُصَلّي يوماً ووقتاً من الأوقات، ولكن نُفَسِّقُه..

وكان أبو معاذ يقول: مَنْ قَتَل نبيّاً أو لَطَمَه كَفَرَ، وليس من أجل اللطمة كَفَر، ولكن من أجل الاستخفاف والعداوة والبغض له.

والفرقة الحادية عشر من المرجئة أصحاب بشر المريسي يقولون:

- إن الإيمان هو: التصديق؛ لأن الإيمان في اللغة: هو التصديق، وما ليس بتصديق فليس بإيمان.

- ويزعمون أن التصديق يكون بالقلب وباللسان جميعاً؛ وإلى هذا القول كان يذهب ابن الراوندي.

- وكان ابن الراوندي يزعم أن الكفر هو: الجحد، والإنكار، والستر، والتغطية، وليس يجوز أن يكون كُفْراً إلا ما كان في اللغة كُفْراً، ولا يجوز أن يكون إيماناً إلا ما كان في اللغة إيماناً.

- وكان يزعم أن تَرْك السجود ليس بكُفْر، ولا السجود لغير الله كُفْر، ولكنه عَلَمٌ على الكفر لأن الله بَيّن أنه لا يسجد للشمس إلا كافر.

قال: والفرقة الثانية عشر من المرجئة الكَرّامية أصحاب محمد بن كَرّام:

- يزعمون أن الإيمان هو: الإقرار، والتصديق باللسان دون القلب، وأنكروا أن تكون معرفة القلب أو شيء غير التصديق باللسان إيماناً.

فهذه الأقوال التي ذكرها الأشعري عن المرجئة يتضمن أكثرها أنه لا بد في الإيمان من بعض أعمال القلوب عندهم، وإنما نازع في ذلك فرقة يسيرة: كجهم والصالحي.

| حفظ | Download , استماع | Play |
 
من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية