تفسير الإمام ابن كثير سورة لقمان من آية ٢٠ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ الإستعداد للموت قبل نزوله خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٣ إلى ٣٣٥ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٦ => القواعد النورانية الفقهية ۞ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ ثلاث مهلكات وثلات منجيات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٦ إلى ٣٣٩ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٧ => القواعد النورانية الفقهية ۞ إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم للوزير ابن هبيرة باب المضاربة من المسألة ١٤١٢ إلى ١٤١٨ => اجماع الأئمة الأربعة واختلافهم ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١ إلى ١٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١٨ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي في ساحة مسجد دار الفاروق بمدينة بلومنتون ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ إذا كَنَزَ الناسُ الذهَبَ والفِضَّةَ، فاكْنِزوا هؤلاء الكَلِماتِ خطبة الجمعة للشيخ د وليد المنيسي => خطب الجمعة ۞ من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير سورة البقرة ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ شرح كتاب تفسير للإمام إبن كثير تفسير آية ١٠٠ من سورة الكهف => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١ إلى ٦ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٧ إلى ١٣ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١٤ إلى ٢٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٢٦ إلى ٢٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٠ إلى ٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع تفسير الآيات من ٣٣ إلى ٣٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٣٦ و ٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٨ إلى ٤٠ => تفسير ابن كثير ۞ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

6- من قوله: (الكلام في طرفين) إلى قوله: (أوجب بُغض أعداء الله

6- من قوله: (الكلام في طرفين) إلى قوله: (أوجب بُغض أعداء الله
707 زائر
20-11-2015
صفحة جديدة 1

الكلام في طرفين:

أحدهما: أن شُعَب الإيمان هل هي متلازمة في الانتفاء؟

والثاني: هل هي متلازمة في الثبوت؟

أما الأول: فإن الحقيقة الجامعة لأمور- سواء كانت في الأعيان أو الأعراض- إذا زال بعض تلك الأمور فقد يزول سائرها وقد لا يزول، ولا يلزم من زوال بعض الأمور المجتمعة زوال سائرها، وسواء سُمِّيَت مُرَكَّبة أو مُؤلَّفة أو غير ذلك لا يلزم من زوال بعض الأجزاء زوال سائرها.

وما مَثَّلوا به من العشرة والسكنجبين مُطَابق لذلك، فإن الواحد من العشرة إذا زال لم يلزم زوال التسعة بل قد تبقى التسعة، فإذا زال أحد جزأي الْمُركَّب لا يلزم زوال الجزء الآخر.

لكن أكبر ما يقولون: زالت الصورة المجتمعة، وزالت الهيئة الاجتماعية، وزال ذلك الاسم الذي استحقته الهيئة بذلك الاجتماع والتركيب، كما يزول اسم العشرة والسكنجبين.

فيقال لهم: أما كون ذلك المجتمع الْمَرَكَّب ما بقي على تركيبه فهذا لا يُنازع فيه عاقل.

ولا يَدّعي عاقل أن الإيمان أو الصلاة أو الحج أو غير ذلك من العبادات المتناولة لأمور إذا زال بعضها بقي ذلك المجتمع الْمُرَكَّب كما كان قبل زوال بعضه..

ولا يقول أحد: إن الشجرة أو الدار إذا زال بعضها بقيت مجتمعة كما كانت، ولا أن الإنسان أو غيره من الحيوان إذا زال بعض أعضائه بقي مجموعاً..

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدَانه أو يُنَصِّرَانه أو يُمَجِّسانه، كما تُنْتَج البهيمة بهيمةً جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء»، فالْمُجتمعة الخَلْق بعد الجَدْع لا تبقى مجتمعة ولكن لا يلزم زوال بقية الأجزاء.

وأما زوال الاسم:

فيقال لهم: هذا أولاً بحث لفظي، إذا قُدِّرَ أن الإيمان له أبعاد وشُعَب..

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: «الإيمان بضع وسبعون شُعبة أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»..

كما أن الصلاة والحج له أجزاء وشُعَب ولا يلزم من زوال شعبة من شُعبه زوال سائر الأجزاء والشُّعَب، كما لا يلزم من زوال بعض أجزاء الحج والصلاة زوال سائر الأجزاء.

فدعواهم أنه إذا زال بعض الْمُرَكَّب زال البعض الآخر ليس بصواب، ونحن نُسَلِّم لهم أنه ما بقي إلا بعضه لا كله وأن الهيئة الاجتماعية ما بقيت كما كانت.

يبقى النزاع هل يلزم زوال الاسم بزوال بعض الأجزاء؟

فيقال لهم: الْمُرَكَّبات في ذلك على وجهين:

منها: ما يكون التركيب شرطاً في إطلاق الاسم، ومنها: ما لا يكون كذلك؛ فالأول كاسم العشرة وكذلك السكنجبين.

ومنها: ما يبقى الاسم بعد زوال بعض الأجزاء؛ وجميع الْمُرَكَّبات المتشابهة الأجزاء من هذا الباب، وكذلك كثير من المختلفة الأجزاء، فإن المكيلات والموزونات تُسمى حنطة وهي بعد النقص حنطة، وكذلك التراب والماء ونحو ذلك.

وكذلك لفظ العبادة والطاعة والخير والحسنة والإحسان والصدقة والعلم ونحو ذلك مما تدخل فيه أمور كثيرة؛ يُطلق الاسم عليها قليلها وكثيرها، وعند زوال بعض الأجزاء وبقاء بعض.

وكذلك لفظ القرآن؛ فيقال على جميعه وعلى بعضه، ولو نزل قرآن أكثر من هذا لسُمِّي قرآناً، وقد تُسمى الكتب القديمة قرآناً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خُفِّف على داود القرآن».

وكذلك لفظ القول والكلام والنُّطق ونحو ذلك تقع على القليل من ذلك وعلى الكثير.

وكذلك لفظ الذِّكْر والدعاء يقال على كُلٍّ (القليل والكثير).

وكذلك لفظ الجبل يقال على الجبل وإن ذهب منه أجزاء كثيرة.

ولفظ البحر والنهر يقال عليه وإن نقصت أجزاؤه.

وكذلك المدينة والدار والقرية والمسجد ونحو ذلك يقال على الجملة المجتمعة، ثم ينقص كثير من أجزائها والاسم باقٍ.

وكذلك أسماء بعض الحيوان والنبات؛ كلفظ (الشجرة) يقال على جملتها فتدخل فيه الأغصان وغيرها، ثم يُقْطَع منها ما يُقْطَع والاسم باقٍ.

وكذلك لفظ (الإنسان، والفرس، والحمار) يقال على الحيوان الْمُجتَمِع الخَلْق ثم يذهب كثير من أعضائه والاسم باقٍ.

وكذلك أسماء بعض الأعلام: كـ (زيد، وعمرو) يتناول الجملة المجتمِعة ثم يزول بعض أجزائها والاسم باقٍ.

وإذا كانت الْمُرَكَّبات على نوعين- بل غالبها من هذا النوع- لم يصح قولـهم: (إنه إذا زال جزؤه لزم أن يزول الاسم) إذا أمكن أن يبقى الاسم مع بقاء الجزء الباقي.

ومعلوم أن اسم (الإيمان) من هذا الباب؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الإيمان بضع وسبعون شُعبة؛ أعلاها: قول لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعْبة من الإيمان»؛ ثم من المعلوم أنه إذا زال الإماطة ونحوها لم يزل اسم الإيمان.

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه قال: «يخرج من النار مَنْ كان في قلبه مثقال حبة من إيمان»؛ فأخبر أنه يتبعض ويبقى بعضه وأن ذاك من الإيمان؛ فعُلِمَ أن بعض الإيمان يزول ويبقى بعضه..

وهذا ينقض مآخذهم الفاسدة، ويُبَيِّن أن اسم (الإيمان) مثل اسم (القرآن، والصلاة، والحج ونحو ذلك)؛

أما الحج ونحوه ففيه أجزاء ينقص الحج بزوالها عن كماله الواجب ولا يَبْطل كرَمْي الجمار، والمبيت بمنى ونحو ذلك، وفيه أجزاء ينقص بزوالها عن كماله المستحب كرَفْع الصوت بالإهلال، والرَّمَل، والاضطباع في الطواف الأول.

وكذلك الصلاة؛ فيها أجزاء تنقص بزوالها عن كمال الاستحباب، وفيها أجزاء واجبة تنقص بزوالها عن الكمال الواجب مع الصحة في مذهب أبي حنيفة وأحمد ومالك، وفيها ما له أجزاء إذا زالت جُبِرَ نَقْصُها بسجود السهو وأمور ليست كذلك.

فقد رأيتَ أجزاء الشيء تختلف أحكامها شرعاً وطبعاً..

فإذا قال الْمُعترِض: هذا الجزء داخل في الحقيقة، وهذا خارج عن الحقيقة.

قيل له: ماذا تريد بـ (الحقيقة)؟

فإن قال: أُرِيدُ بذلك ما إذا زال صار صاحبه كافراً.

قيل له: ليس للإيمان حقيقة واحدة مثل حقيقة مسمى مسلم في حق جميع الْمُكَلَّفين في جميع الأزمان بهذا الاعتبار مثل حقيقة السواد والبياض؛ بل الإيمان والكفر يختلف باختلاف الْمُكَلَّف وبلوغ التكليف له ونزول (وبزوال) الخطاب الذي به التكليف ونحو ذلك.

وكذلك الإيمان الواجب على غيره مُطْلَقاً ولا مِثْل الإيمان الواجب عليه في كل وقت، فإن الله تعالى لَمّا بَعَث محمدا رسولاً إلى الخَلْق كان الواجب على الخَلْق تصديقه فيما أَخْبَرَ وطاعته فيما أَمَر ولم يأمرهم حينئذ بالصلوات الخمس ولا صيام شهر رمضان ولا حج البيت ولا حَرّم عليهم الخمر والربا ونحو ذلك، ولا كان أكثر القرآن قد نزل، فمَنْ صَدّقه حينئذ فيما نزل من القرآن وأَقَرّ بما أُمِر به من الشهادتين وتوابع ذلك كان ذلك الشخص حينئذٍ مؤمناً تام الإيمان الذي وَجَب عليه، وإن كان مِثْل ذلك الإيمان لو أتى به بعد الهجرة لم يُقْبَل منه، ولو اقتصر عليه كان كافراً.

قال الإمام أحمد: كان بَدْء الإيمان ناقصاً فَجَعَل يزيد حتى كَمُل، ولهذا قال تعالى عام حجة الوداع: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي[المائدة:3].

وأيضاً فبَعْد نزول القرآن وإكمال الدين: إذا بَلَغَ الرجل بعض الدين دون بعض كان عليه أن يُصَدِّق ما جاء به الرسول جملة وما بَلَغَه عنه مُفَصّلاً، وأمّا ما لم يبلغه ولم يمكنه معرفته فذاك إنما عليه أن يعرفه مُفَصَّلاً إذا بَلَغَه..

وأيضاً فالرجل إذا آمن بالرسول إيماناً جازماً ومات قبل دخول وقت الصلاة أو وجوب شيء من الأعمال مات كامل الإيمان الذي وَجَب عليه، فإذا دخل وقت الصلاة فعليه أن يُصَلّي، وصار يجب عليه ما لم يجب عليه قبل ذلك.

وكذلك القادر على الحج والجهاد يجب عليه ما لم يجب على غيره من التصديق الْمُفَصَّل والعمل بذلك..

فصار ما يجب من الإيمان يختلف باختلاف حال نزول الوحي من السماء، وبحال الْمُكَلَّف في البلاغ وعدمه؛ وهذا مما يتنوع به نفس التصديق، ويختلف حاله باختلاف القدرة والعجز وغير ذلك من أسباب الوجوب؛ وهذه يختلف بها العمل أيضاً.

ومعلوم أن الواجب على كل من هؤلاء لا يماثل الواجب على الآخر..

فإذا كان نفس ما وجب من الإيمان في الشريعة الواحدة يختلف ويتفاضل- وإن كان بين جميع هذه الأنواع قَدْر مشترك موجود في الجميع: كالإقرار بالخالق، وإخلاص الدين له، والإقرار برسله واليوم الآخر على وجه الإجمال- فمن المعلوم أن بعض الناس إذا أتى ببعض ما يجب عليه دون بعض كان قد تبعض ما أتى فيه من الإيمان كَتَبَعُّض سائر الواجبات.

يبقى أن يقال: فالبعض الآخر قد يكون شرطاً في ذلك البعض وقد لا يكون شرطاً فيه، فالشرط كمَنْ آمن ببعض الكتاب وكَفَر ببعضه أو آمن ببعض الرسل وكَفَر ببعضهم كما قال تعالى:

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا[النساء:150]

﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا[النساء:151].

وقد يكون البعض المتروك ليس شرطاً في وجود الآخر ولا قبوله؛ وحينئذ فقد يجتمع في الإنسان إيمان ونفاق، وبعض شُعَب الإيمان وشُعبة من شُعَبَ الكُفر؛ كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أربع مَنْ كُنّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومَنْ كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حَدَّثَ كَذَب، وإذا ائْتُمِنَ خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خَاصَم فَجَر».

وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ مات ولم يغز ولم يُحَدِّث نفسه بالغزو مات على شُعبة نِفاق».

وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي ذر: «إنك امرؤ فيك جاهلية».

وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لن يدعوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة، والاستسقاء بالنجوم».

وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سِباب المسلم فسوق وقتاله كُفْر».

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اثنتان في الناس هما بهم كُفْر: الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت».

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ترغبوا عن آبائكم، فإنّ كُفْراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم»، وهذا من القرآن الذي نُسِخَت تلاوته: (لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم).

وفي الصحيحين عن أبي ذر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس من رجل ادّعى إلى غير أبيه- وهو يعلمه- إلا كَفَر، ومَنْ ادّعى ما ليس له فليس منّا وليتبوأ مقعده من النار، ومَنْ رَمَى رجلاً بالكُفر أو قال: (عدو الله) وليس كذلك إلا رجع عليه»، وفي لفظ البخاري: «ليس من رجل ادّعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كَفَرَ بالله، ومَنْ ادّعى قوماً ليس منهم فليتبوأ مقعده من النار».

وفي الصحيحين من حديث جرير وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: «لا ترجعوا بعدي كُفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» ورواه البخاري من حديث ابن عباس.

وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا قال الرجل لأخيه: (يا كافر) فقد باء بها أحدهما».

وفي الصحيحين عن زيد بن خالد قال: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أَثَر سماء كانت من الليل، فلمّا انصرف أقبل على الناس فقال: «أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأمّا مَنْ قال: (مُطِرْنا بفضل الله ورحمته) فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأمّا مَنْ قال: (مُطِرْنا بنوء كذا وكذا) فذاك كافر بي مؤمن بالكوكب»، وفي صحيح مسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألم تروا إلى ما قال ربكم؟ قال: ما أنعمتُ على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين يقولون: بالكوكب بالكوكب».. ونظائر هذا موجودة في الأحاديث.

وقال ابن عباس وغير واحد من السلف في قولـه تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[المائدة:44]، ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[المائدة:45]، ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[المائدة:47]؛ كُفْر دون كُفْر، وظُلْم دون ظُلْم، وفِسْق دون فِسْق؛ وقد ذكر ذلك أحمد والبخاري وغيرهما.

الأصل الثاني:

أن شُعَب الإيمان قد تتلازم عند القوة ولا تتلازم عند الضعف؛ فإذا قَوِيَ ما في القلب من التصديق والمعرفة والمحبة لله ورسوله أَوْجَبَ بُغْض أعداء الله؛

| حفظ | Download , استماع | Play |
 
من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية