إن القراءة التي اختارها كل إمام من الأئمة المتبوعين قد كان لها أثر في فقهه واجتهاده
فأما الإمام أبو حنيفة فقد قرأ على الأعمش وعاصم (1) ، وكان يقول لحمزة : شيئان غلبتنا عليهما لسنا ننازعك فيهما القرآن والفرائض (2).
وقد كان من أثر قراءته على الأعمش – وقراءته معدودة من الشواذ – أن احتج الحنفية بالقراءات الشاذة ، وكان من أثر شهادة أبي حنيفة لحمزة بالإمامة في القراءة أنه لم يوجد في مذهبهم ما وجد في مذاهب أخرى من كراهية القراءة بقراءة حمزة في الصلاة .
وأما الإمام مالك فقد قرأ على نافع، وقال عن قراءته إنها سنة (3).
وقد كان من أثر ذلك اختيار المالكية لقراءة نافع وتقديمها على غيرها
وسئل مالك عن الجهر بالبسملة فقال : سلوا نافعا فكل علم يسأل عنه أهله (4)
وقال مالك عن أبي جعفر : كان رجلا صالحا يقرئ الناس بالمدينة (5)
وأما الإمام الشافعي فقد كان يقرأ بقراءة ابن كثير المكي (6)
وقد كان من أثر ذلك أن استحب الشافعي الجهر بالبسملة في الصلاة ، واستحب التكبير في سور الختم – من الضحى إلى الناس – والجهر به في الصلاة ، وذلك عملا بما ثبت عنده في قراءة ابن كثير.
وأما الإمام أحمد فقد كان يفضل قراءة أبي عمرو وقراءة عاصم وقراءة أهل المدينة ، لأنها القراءات التي قرأ بها ، فقد قرأ على يحيى بن آدم عن شعبة عن عاصم ، وقرأ على إسماعيل بن جعفر الذي يروي عن نافع وعن ابن وردان ، وقرأ على بعض أصحاب أبي عمرو (7).
وأثنى أحمد على السوسي فقال عنه : صاحب سنة ما علمنا عنه إلا خيرا ، وكان لأحمد اختيار في القراءة اختار فيه من بين هذه القراءات ، كان لا يميل فيه حرفا ، وقرأ عليه به ابنه عبد الله (9) ، وكره أحمد قراءة حمزة والكسائي لأنها لم تتواتر عنده (8)، بينما تلقاها الأئمة الذين ثبتت عندهم كأبي حنيفة وسفيان الثوري بالقبول ، وقال سفيان : ماقرأ حمزة حرفا إلا بأثر . (10)
————— (1) غاية النهاية 2/342 (2) سير أعلام النبلاء 7/9 (3) غاية النهاية 2/230 (4) الكامل للهذلي ، لطائف الإشارات 1/94 ، الروض النضير 9 (5) غاية النهاية 2/382 (6) النشر 2/310 (7) غاية النهاية 1/112 (8) المغني 2/165 (9) غاية النهاية 1/112 (10) النشر 1/133
|