تفسير الإمام ابن كثير سورة لقمان من آية ٢٠ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ الإستعداد للموت قبل نزوله خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٣ إلى ٣٣٥ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٦ => القواعد النورانية الفقهية ۞ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ ثلاث مهلكات وثلات منجيات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٦ إلى ٣٣٩ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٧ => القواعد النورانية الفقهية ۞ إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم للوزير ابن هبيرة باب المضاربة من المسألة ١٤١٢ إلى ١٤١٨ => اجماع الأئمة الأربعة واختلافهم ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١ إلى ١٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١٨ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي في ساحة مسجد دار الفاروق بمدينة بلومنتون ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ إذا كَنَزَ الناسُ الذهَبَ والفِضَّةَ، فاكْنِزوا هؤلاء الكَلِماتِ خطبة الجمعة للشيخ د وليد المنيسي => خطب الجمعة ۞ من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير سورة البقرة ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ شرح كتاب تفسير للإمام إبن كثير تفسير آية ١٠٠ من سورة الكهف => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١ إلى ٦ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٧ إلى ١٣ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١٤ إلى ٢٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٢٦ إلى ٢٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٠ إلى ٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع تفسير الآيات من ٣٣ إلى ٣٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٣٦ و ٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٨ إلى ٤٠ => تفسير ابن كثير ۞ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

6- من قوله: وأجود ما قيل ما ذكره الشافعي وغيره من أن هذا منسوخ

6- من قوله: وأجود ما قيل ما ذكره الشافعي وغيره من أن هذا منسوخ
657 زائر
19-05-2016

وأجود ما قيل ما ذكره الشافعي وغيره: من أن هذا منسوخ.

فإن هذا القول كان في ثمانِ عشرة من رمضان، واحتجامه- صلى الله عليه وسلم- وهو صائم مُحْرِم كان بعد ذلك؛ لأن الإحرام بعد رمضان؛ وهذا أيضاً ضعيف.

فإن احتجامه وهو مُحرِمٌ صائم ليس فيه أنه كان بعد شهر رمضان الذي قال فيه: «أفطر الحاجم والمحجوم؛ بل هو صلوات الله عليه أحرم سنة ست عام الحديبية بعُمرةٍ في ذي القعدة، وأحرم من العام القابل بعُمْرة القضية في ذي القعدة، وأحرم من العام الثالث (الثامن) سنة الفَتْح من الجِعِرّانة في ذي القعدة بعُمرة، وأحرم سنة عشر بحجة الوداع في ذي القعدة.

فاحتجامه صلى الله عليه وسلم وهو مُحْرِم صائم لم يُبَيّن في أي الإحرامات كان؟، وإنما يمكن دعوى النسخ بشرطين:

أحدهما: أن يكون ذلك في حَجته، أو في عُمرة الجعرانة؛ فإن قوله: «أفطر الحاجم والمحجوم» فيه أنه كان في غزوة الفتح، فلعل احتجامه كان في عُمْرته قبل هذا، إما عُمْرة القضية، وإما عُمرة الحديبية.

الثاني: أن يُعْلَم أنه لمَّا احتجم لم يُفْطِر.

وليس في هذا الحديث ما يدل على هذا، وذلك الصوم لم يكن شهر رمضان.

فإنه لم يُحْرِم في شهر رمضان، وإنما كان في السفر، والصوم في السفر لم يكن واجباً؛ بل الذي ثبت عنه في الصحيح: أن الفِطْر في السفر كان آخر الأمرين منه (صلى الله عليه وسلم)، وأنه خرج عام الفتح حتى إذا بلغ كُدَيْد أفطر والناس ينظرون إليه، ولم يُعْرَف بعد هذا أنه صام في سفر، ولا علمنا أنه صام في إحرامه بالحج، فهذا مما يُقَوّي أن إحرامه الذي احتجم فيه كان قبل فَتْح مكة: قوله: «أفطر الحاجم والمحجوم»؛ فإنه كان عام الفتح بلا ريب هكذا جرى في أجود الأحاديث، وروى أحمد بإسناده عن ثوبان (رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل يحتجم في رمضان، قال: «أفطر الحاجم والمحجوم».

وقال أحمد: أنبأنا إسماعيل عن خالد الحَذّاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شَدّاد بن أوس (رضي الله عنه) أنه مر مع النبي صلى الله عليه وسلم زمن الفتح على رجل محتجم بالبقيع، لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم».

وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قِلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان (رضي الله عنه)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجلٍ يحتجم في رمضان، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم».

وقال: حدثنا أبو الجواب، عن عَمّار بن زُرَيْق، عن عطاء بن السائب قال: حدثني الحسن، عن معقل بن سنان الأشجعي أنه قال: مرَّ عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أحتجم في ثمان عشرة خلت من رمضان، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم».

وذكر الترمذي عن علي بن المديني أنه قال: أصح شيءٍ في هذا الباب حديث ثوبان، وحديث شداد بن أوس.

وقال الترمذي: سألت البخاري، فقال: ليس في هذا الباب أصح من حديث شَدّاد بن أوس، وحديث ثوبان (رضي الله عنه).

فقلتُ: وما فيه من الاضطراب؟

فقال: كلاهما عندي صحيح؛ لأن يحيى بن سعيد روى عن أبي قِلابة عن أبي أسماء عن ثوبان (رضي الله عنه)، وعن أبي الأشعث عن شداد الحديثين جميعاً.

قلت: وهذا الذي ذكره البخاري من أظهر الأدلة على صحة كلا الحديثين اللذين رواهما أبو قلابة، فإن الذي قال: مضطرب، إنما هو لأنه رُوِيَ عن أبي قلابة بإسنادين، فَبَيّن أن يحيى بن سعيد الإمام رَوَى عن أبي قِلابة بهذا الإسناد وهذا الإسناد، ومثل هذا كان (كأن) يكون عنده الحديث بِطُرُق.

والزهري روى الحديث بإسناده عن سعيد عن أبي هريرة، وتارة عن غيره عن أبي هريرة (رضي الله عنه).

فيكون هذا هو الناسخ، ولو لم يُعْلَم التاريخ.

فإذا تَعَارَض خبران أحدهما ناقلٌ عن الأصل والآخر مُبْقٍ على الأصل كان الناقل هو الذي ينبغي أن يُجْعَل ناسخاً، لئلا يلزم تَغَيُّر الحُكم مرتين، فإذا قُدّرِ احتجامه قبل نَهْيه الصائم عن الحجامة لم يُغَيّر الحُكم الأمر، وإن قُدِّرَ بعد ذلك لزم تغييره مرتين.

وأيضاً فإذا لم يكن الصوم واجباً فقد يكون أفطر بالحِجامة للحاجة، فقد كان يُفطِر في صوم التطوع لِمَا هو دون ذلك؛ فيدخل إلى بيته، فإن قالوا: عندنا طعام، قال: «قَرّبوه؛ فإني أصبحت صائماً».

وابن عباس (رضي الله عنهما) وإن لم يعلم ما في نفسه، غايته أنه رآه أو أخبره مَنْ رآه أنه أصبح صائماً واحتجم، وهذا لا يقتضي أنهم علموا من نفسه أنه استمر صومه، وكأن مَنْ ادّعى عليه النسخ تُقْلَبُ عليه هذه الحجة من وجهين: أحدهما: أنه لا حجة فيه؛ والثاني: أنه منسوخ.

وقد رُوِي ما يدل على أن الفطر هو الناسخ، ومما احْتُجَّ به على النسخ ما رواه الدارقطني: حدثنا البغوي قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا خالد بن مخلد، عن عبد الله بن المثنى، عن ثابت، عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: أولُ ما كرهنا الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) احتجم وهو صائم، فَمَرَّ به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أفطر هذان».

ثم رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم بالحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم.

قال الدارقطني: كلهم ثقات، ولا أعلم له علة.

قال أبو الفرج ابن الجوزي: قال أحمد بن حنبل: خالد بن مخلد له أحاديث مناكير.

قلت: ومما يدل على أن هذا من مناكيره: أنه لم يَرْوِه أَحَدٌ من أهل الكتب المعتمدة، مع أنه في الظاهر على شرط البخاري.

والمشهور عن البصريين أن الحجامة تُفَطِّر، وأيضاً فجعفر بن أبي طالب إنما قَدِم من الحبشة عامَ خيبر في آخر سنة ست، أو أول سنة سبع، فإن خيبر كانت في هذه الْمُدة في سنة سبع.

(وقيل) وقُتِل عام مؤتة قبل الفتح، ولم يشهد فتح مكة فصام مع النبي صلى الله عليه وسلم واحداً سنة سبع.

وإذا كان هذا الحُكم قد شُرِعَ في ذلك العام فإنه يُنْشَر ويظهر، والحديث المتقدم كان سنة ثمانٍ بعد هذا.

فإن كان هذا محفوظاً فيكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قال ذلك في عام بعد عام، ولم ينقل عنه أحد لفظاً ثابتاً أنه رَخّص في الحجامة بعد ذلك، فلعل هذا مُدْرَج عن أنس (رضي الله عنه) لم يَقُله هو، ولعل أنساً (رضي الله عنه) بَلَغَهُ أنه أرخص ولم يسمع ذلك منه، ولعل بعض التابعين حَدّثه بذلك.

ومما يُبَيّن أن هذا ليس بمحفوظٍ عن أنس ولا عن ثابت ما رواه البخاري في «صحيحه» عن ثابت (رحمه الله) قال: سُئِل أنس بن مالك (رضي الله عنه): أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف.

وفي رواية: على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فهذا ثابت يذكر عن أنس أمر الحجامة، وليس فيها إلا أنهم كانوا يكرهونها من أجل الضعف، ليس فيها أنه أفطر الحاجم، ولا أنه رُخِّصَ فيها بعد ذلك، وكلاهما يناقض قوله: لم يكونوا يكرهونها إلا من أجل الضعف، فإنه لو كان علم أنه فَطَّر بها لم يَقُل هذا.

ولو علم أنه رَخّص فيها لم يَكْره ما أرخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم فعُلِمَ أن أنساً (رضي الله عنه) إنما كان عنده علم بما رآه من الصحابة من كراهة الحجامة لأجل الضعف، وهذا معنى صحيح، وهو العلة في إفطار الصائم كما يُفْطِر بالاستقاءة، ولِفِطْر المرأة بدم الحيض.

ومما يُقَوّي أن الناسخ هو الفِطْر بالحجامة: أن ذلك رواه عنه خواص أصحابه الذين كانوا يُباشرونه حَضَراً وسَفَراً، ويَطّلِعون على باطن أمره مثل بلال وعائشة، ومثل أسامة وثوبان مولياه، ورواه عنه الأنصار الذين هم بطانته، مثل: رافع بن خديج وشداد بن أوس.

وفي «مسند أحمد»: قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن قارظ، عن السائب بن يزيد، عن رافع بن خديج (رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفطر الحاجم والمحجوم».

قال أحمد(ابن حنبل رحمه الله): أصح شيء في هذا الباب حديث رافع، وذكر أحاديث «أفطر الحاجم والمحجوم».

وقال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن أشعث الحراني، عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفطر الحاجم والمحجوم».

وقال أحمد: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا أبو العلاء، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن بلال (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم».

وقال أحمد: حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أفطر الحاجم والمحجوم».

وقال أحمد: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا أبو معاوية، عن سفيان، عن ليث، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم» .

والحسن البصري وإن قيل: إنه لم يسمع من أسامة وأبي هريرة، فقد كان عنده من هذا الباب عدة أحاديث عن الصحابة (رضي الله عنهم) يُفتي بها عن معقل بن سنان وأسامة وأبي هريرة (رضي الله عنه)، قال البخاري: وكان الحسن ... وكانت البصرة إذا دخل شهر رمضان يغلقون حوانيت الحجّامين. ذكره أحمد وغيره.

وأنس بن مالك كان آخر مَنْ مات بالبصرة (رضي الله عنه)..

والبصريون كلهم يأخذون عنه، فلو كان عند أنس (رضي الله عنه) سُنّة من النبي صلى الله عليه وسلم أنه رَخّص فيها بعد النهي لكان هذا مما يعرفه البصريون منه، وكانوا يأخذون به الحسن وأصحابه، لاسيما وقد ذكرنا أن ثابتاً سمع هذا من أنس، وثابت من مشايخها المشهورين، من أخص أصحاب أنس.

فكيف يكون أنس (رضي الله عنه) عنده هذه السُّنة وأهل البصرة قد اشتهر بينهم السنة المنسوخة؟! وهذه الناسخة عند أنس، وهم يأخذون ليلاً ونهاراً، ولا يعرفون هذه السُّنة، ولا تُحْفَظ عن علمائهم الذين اشتهر عنهم أمر الفطر؟!

ويؤيد ذلك أن أبا قلابة هو أيضاً من أخص أصحاب أنس، وهو الذي يروي قوله: «أفطر الحاجم والمحجوم» من طريقين.

ثم القائلون (بأن الحجامة تفطر) اختلفوا على أربعة أقوال في مذهب أحمد وغيره:

أحدها: يُفْطِر المحجوم دون الحاجم، فإن الحاجم لم يوجد منه ما يفطر، وهذا الذي ذكره الخِرَقي؛ فإنه ذكر في المفطرات: «إذا احتجم»، ولم يذكر: إذا حَجَم.

والثاني: أنه يُفْطِر المحجوم الذي يحتجم ويخرج منه الدم، ولا يُفْطِر بالافتصاد ونحوه؛ لأنه لا يُسمى احتجاماً، وهذا قول القاضي وأصحابه، وهو الذي ذكره صاحب الْمُحَرّر.

ثم على هذا القول فالتشريط في الآذان هل هو داخل في مُسمى الحجامة؟ تنازع فيه المتأخرون، فبعضهم يقول: التشريط كالحجامة كما يقوله شيخنا أبو محمد المقدسي، وعليه يدل كلام العلماء قاطبة، فإنه ليس منهم من خَصّ التشريط بِذْكِر، ولو كان عندهم لا يدخل في الحجامة لذكروه كما ذكروا الفصاد، فعُلِمَ أن التشريط عندهم من نوع الحجامة، وقال شيخنا أبو محمد: هذا هو الصواب.

ومنهم مَنْ قال: التشريط ليس من الحجامة؛ بل هو أضعف من الفصاد، فإن قيل: الفصاد لا يُفَطّر احتمل التشريط وجهين، وهذا قول أبي عبد الله بن حمدان.

والأول أصح، فإن التشريط نوع من الحِجامة أو مثلها من كل وجه؛ إذ الحجامة لا تختص بالساق؛ بل تكون في الرأس والعنق والقفا وغير ذلك.

ومن فرَّق بينهما قال: الشارط لا يمتص من قارورة الدم كما يمتص الحاجم، فلا يدخل في لفظ «الحاجم»، وكذلك لا يدخل في لفظ «المحجوم».

فيقال: بل هو داخل في لفظ «المحجوم» وإن لم يدخل في لفظ «الحاجم»، أو إن لم يدخل في اللفظ فهو مثله من كل وجه، وليس بينهما فرق أصلاً، وقد يقال: الشارط حاجم، لكن لا يُفْطِر، لأن لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم يتناول الحاجم المعروف المعتاد، ولم يكونوا يشرطون، وأما لفظ «المحجوم» فإنه يتناول ما كان يعرفه وما لا يعرفه؛ لأن المعنى المدلول عليه بلفظ «المحجوم» يتناول ذلك كله.

بخلاف المعنى المقصود بلفظ «الحاجم»، أو يقال: وإن شمله لفظ «الحاجم» لكن الحاجم الممتص أقوى؛ لأنه ذريعة إلى وصول الدم إلى حَلْقِه، هذا على ما نصرناه.

ومنهم مَنْ يقول: بل الشارط يُفْطِر أيضاً، وهو قَوْل مَنْ يجعل اللفظ يتناولهما، ويجعل الحكم تعبداً.

وهؤلاء الذين قالوا: يُفْطِر بالحجم دون الفصاد، قالوا: هذا الحكم تعبد لا يُعْقَل معناه، فلا يُقاس عليه.

وقال لهذا بعض هؤلاء قولاً ثالثاً؛ قاله ابن عقيل وهو: أَنّه يُفْطِر المحجوم بنفس شَرْط الجلد، وإن لم يخرج الدم، قال: لأن هذا يُسَمّى حجامة، وهذا أضعف الأقوال.

والرابع: وهو الصواب، واختاره أبو المظفر ابن هُبَيرة الوزير العالم العادل، وذَكَره المذهب وغيره، أنه يُفْطِر بالحجامة والفَصَاد ونحوهما، وذلك لأن المعنى الموجود في الحجامة موجود في الفصاد شرعاً وعقلاً وطبعاً، وحيث حَضَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الحجامة وأَمَر بها فهو حَضٌّ على ما في معناها من الفصاد وغيره؛ لكن الأرض الحارة تجتذب الحرارة فيها دم البدن فيصعد إلى سطح الجلد فيخرج بالحجامة، والأرض الباردة يغور الدم فيها إلى العروق هرباً من البرد، فإن شَبَهَ الشيء مُنجذب إليه، كما تسخن الأجواف في الشتاء وتبرد في الصيف، فأهل البلاد الباردة لهم الفصاد وقَطْع العروق، كما للبلاد الحارة الحجامة، لا فرق بينهما في شرع ولا عقل.

وقد بَيّنا أن الفطر بالحجامة على وَفْق الأصول والقياس، وأنه من جنس الفطر بدم الحيض والاستقاءة وبالاستمناء.

وإذا كان كذلك فبأي وجه أراد إخراج الدم أفطر كما أنه بأي وجه أخرج القيء أفطر به، كما يُفطِر بأي وجه استقاء، سواء جَذَبَ القيء بإدخال يده، أو بِشَمّ ما يُقِيئه، أو وَضْع يده تحت بطنه واستخرج القيء، فتلك طرق لإخراج القيء، وهذه طرق لإخراج الدم.

ولهذا كان خروج الدم بهذا وهذا سواء في باب الطهارة.

فتبين بذلك كمال الشرع واعتداله وتناسبه، وأن ما ورد من النصوص ومعانيها فإن بعضه يُصَدّق بعضاً ويوافقه، ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا[النساء:82].

وأما الحاجم فإنه يجتذب الهواء الذي في القارورة بامتصاصه، والهواء يجتذب ما فيها من الدم، فربما صعد مع الهواء شيء من الدم ودخل في حَلْقه وهو لا يشعر، والحكمة إذا كانت خفية أو منتشرة عُلِّق الحُكم بالمظنة، كما أن النائم الذي تخرج منه الريح ولا يدري يُؤمَر بالوضوء، فكذلك الحاجم يدخل شيء من الدم مع ريقه إلى بطنه وهو لا يدري.

والدم من أعظم المفطرات، فإنه حرام في نفسه لما فيه من طُغيان الشهوة، والخروج عن العدل، والصائم أُمِرَ بحسم مادته، فالدم يزيد الدم فهو من جنس المحظور فيُفْطِر الحاجم لهذا، كما ينتقض وضوء النائم، وإن لم يستيقن خروج الريح منه؛ لأنه يخرج ولا يدري.

وكذلك الحاجم قد يدخل الدم في حَلْقه وهو لا يدري.

وأما الشارط فليس بحاجم، وهذا المعنى مُنْتَفٍ فيه، فلا يُفْطِر الشارط.

وكذلك لو قُدِّرَ حاجم لا يمص القارورة، بل يمتص غيرها، أو يأخذ الدم بطريق أخرى لم يُفْطِر.

والنبي صلى الله عليه وسلم كلامه خرج على الحاجم المعروف المعتاد، وإذا كان اللفظ عاماً وإن كان قَصْده شخصاً بعينه فيشترك في الحكم سائر النوع؛ للعادة الشرعية من أن ما ثَبَت في حق الواحد من الأمة ثبت في حق الجميع، فهذا أبلغ، فلا يثبت بلفظه ما يظهر لفظاً ومعنى أنه لم يدخل فيه مع بُعْده عن الشرع والعقل.

والله أعلم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً

| حفظ | Download , استماع | Play |
 
من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية