تفسير الإمام ابن كثير سورة لقمان من آية ٢٠ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ الإستعداد للموت قبل نزوله خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٣ إلى ٣٣٥ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٦ => القواعد النورانية الفقهية ۞ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ ثلاث مهلكات وثلات منجيات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٦ إلى ٣٣٩ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٧ => القواعد النورانية الفقهية ۞ إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم للوزير ابن هبيرة باب المضاربة من المسألة ١٤١٢ إلى ١٤١٨ => اجماع الأئمة الأربعة واختلافهم ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١ إلى ١٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١٨ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي في ساحة مسجد دار الفاروق بمدينة بلومنتون ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ إذا كَنَزَ الناسُ الذهَبَ والفِضَّةَ، فاكْنِزوا هؤلاء الكَلِماتِ خطبة الجمعة للشيخ د وليد المنيسي => خطب الجمعة ۞ من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير سورة البقرة ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ شرح كتاب تفسير للإمام إبن كثير تفسير آية ١٠٠ من سورة الكهف => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١ إلى ٦ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٧ إلى ١٣ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١٤ إلى ٢٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٢٦ إلى ٢٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٠ إلى ٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع تفسير الآيات من ٣٣ إلى ٣٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٣٦ و ٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٨ إلى ٤٠ => تفسير ابن كثير ۞ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

2- من قوله: وهذا الصراط المستقيم هو دين الإسلام المحض

2- من قوله: وهذا الصراط المستقيم هو دين الإسلام المحض
388 زائر
18-05-2016
صفحة جديدة 1

وهذا الصراط المستقيم هو دين الإسلام المحض، وهو ما في كتاب الله تعالى، وهو السُّنة والجماعة، فإن السُّنة المحضة هي دين الإسلام المحض.

فإن النبي صلى الله عليه وسلم رُوِي عنه من وجوه متعددة- رواها أهل السُّنن والمسانيد كالإمام أحمد، وأبي داود، والترمذي وغيرهم- أنه قال عليه الصلاة والسلام: «ستفترق هذه الأمة على ثنتين وسبعين فِرْقة كلها في النار إلا واحدة؛ وهي الجماعة»، وفي رواية: «مَنْ كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي».

وهذه الفرقة الناجية- أهل السُّنة- وهم وسط في النِّحَل كما أن مِلّة الإسلام وسط في الملل، فالمسلمون وَسَطٌ في أنبياء الله ورُسله وعباده الصالحين؛ لم يغلوا فيهم كما غلت النصارى فـ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ[التوبة:31] ولا جفوا عنهم كما جَفَت اليهود فكانوا يقتلون الأنبياء بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذّبوا فريقاً، وقتلوا فريقاً.

بل المؤمنون آمنوا بِرُسل الله وعَزّروهم ونَصَروهم ووَقَّرُوهم، وأَحبوهم وأطاعوهم، ولم يعبدوهم، ولم يتخذوهم أرباباً كما قال تعالى:

﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ[آل عمران:79]

﴿وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:80].

ومن ذلك: أن المؤمنين توسطوا في المسيح فلم يقولوا: هو الله، ولا ابن الله، ولا ثالث ثلاثة كما تقوله النصارى، ولا كَفَروا به وقالوا على مريم بهتاناً عظيماً، حتى جعلوه ولد بَغِيّة كما زعمت اليهود؛ بل قالوا: هذا عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، وروح منه.

وكذلك المؤمنون وسط في شرائع دين الله، فلم يُحَرّموا على الله أن يَنسخ ما شاء، ويمحو ما شاء ويُثْبِت كما قالته اليهود، كما حكى الله تعالى ذلك عنهم بقوله: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[البقرة:142].

وبقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ[البقرة:91].

ولا جَوَّزوا لأكابر علمائهم وعُبّادهم أن يُغَيِّروا دين الله فيأمروا بما شاءوا، وينهوا عما شاءوا كما يفعله النصارى، كما ذكر الله ذلك عنهم بقوله: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ[التوبة:31]..

قال عَدِي بن حاتم رضي الله عنه: (قلت: يا رسول الله! ما عبدوهم؟ قال: «ما عبدوهم، ولكن أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم، وحَرّموا عليهم الحلال فأطاعوهم».

والمؤمنون قالوا: لله الخَلْق والأَمْر، فكما لا يخلق غيره لا يأمر غيره، ﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا[البقرة:285]، فأطاعوا كل ما أَمَرَ الله به، وقالوا: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ[المائدة:1]؛ وأما المخلوق: فليس له أن يُبَدِّل أَمْر الخالق تعالى ولو كان عظيماً.

وكذلك في صفات الله تعالى:

فإنّ اليهود وَصَفوا الله تعالى بصفات المخلوق الناقصة؛ فقالوا: هو فقير ونحن أغنياء، وقالوا: يد الله مغلولة، وقالوا: إنه تَعِب من الخلق فاستراح يوم السبت!! إلى غير ذلك.

والنصارى وَصَفوا المخلوق بصفات الخالق المختصة به؛ فقالوا: إنه يخلق ويرزق، ويغفر ويرحم، ويتوب على الخَلْق، ويُثيب ويعاقب.

والمؤمنون آمنوا بالله سبحانه وتعالى، ليس له سَمِيّ ولا نِدّ، ولم يكن له كفواً أحد، وليس كمثله شيء؛ فإنه رب العالمين، وخالق كل شيء، وكل ما سواه عباد له فقراء إليه..

﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا[مريم:93]

﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا[مريم:94]

﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا[مريم:95]

ومن ذلك أَمْر الحلال والحرام، فإن اليهود كما قال الله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ[النساء:160].

فلا يأكلون ذوات الظُّفْر مثل: (الإبل والبط)، ولا شحم الثَّرِبِ والكُليتين، ولا الجَدي في لبن أمه، إلى غير ذلك مما حُرِّمَ عليهم من الطعام واللباس وغيرهما، حتى قيل: إن المحرّمات عليهم ثلاثمائة وستون نوعاً، والواجب عليهم مائتان وثمانية وأربعون أَمْراً، وكذلك شُدِّدَ عليهم في النجاسات حتى لا يؤاكلوا الحائض ولا يجامعوها في البيوت.

وأما النصارى: فاستحلوا الخبائث وجميع المحرمات، وباشروا جميع النجاسات، وإنما قال لهم المسيح: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ[آل عمران:50]، ولهذا قال تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[التوبة:29].

وأما المؤمنون: فكما نَعَتَهم الله به في قوله: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ[الأعراف:156]

﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[الأعراف:157]..

وهذا باب يطول وَصْفه.

وهكذا أهل السُّنة والجماعة في الفِرَق: فَهُم في باب أسماء الله وآياته وصفاته وسط بين أهل التعطيل الذين يُلحدون في أسماء الله وآياته، ويُعَطِّلون حقائق ما نَعَتَ الله به نفسه حتى يُشَبِّهوه بالعدم والموات، وبين أهل التمثيل الذين يضربون له الأمثال ويُشَبِّهونه بالمخلوقات، فيؤمن أهل السُّنة والجماعة بما وَصَف الله به نفسه وما وَصَفَه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف وتمثيل.

وَهُم في باب خَلْقِه وَأَمْره: وسط بين الْمُكَذّبين بقُدرة الله؛ الذين لا يؤمنون بقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة وخَلْقِه لكل شيء، وبين الْمُفسدين لدين الله الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قُدرة ولا عمل، فيُعَطّلون الأمر والنَّهْي والثواب والعقاب، فيصيرون بمنزلة المشركين الذين قالوا: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ[الأنعام:148].

فيؤمن أهل السُّنة بأن الله على كل شيء قدير، فيُقَدّر أن يهدي العباد ويُقَلِّب قلوبهم، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في مُلْكه ما لا يريد، ولا يَعْجِز عن إنفاذ مُراده، وأنه سبحانه وتعالى خالق كل شيء من الأعيان والصفات والحركات.

ويؤمنون أن العبد له قُدرة ومشيئة وعمل، وأنه مختار، ولا يسمونه مجبوراً؛ إذ المجبور: مَنْ أُكْرِه على خلاف اختياره، والله سبحانه جعل العبد مُختاراً لِمَا يفعله فهو مختار مُريد، والله خالقه وخالق اختياره، وهذا ليس له نظير، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله.

وهُم في باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد وَسَطٌ بين الوعيدية الذين يجعلون أهل الكبائر من المسلمين مُخَلَّدين في النار، ويُخْرِجُونهم من الإيمان بالكُلّية، ويُكَذِّبون بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وبين المرجئة الذين يقولون: إيمان الفُسّاق مثل إيمان الأنبياء، والأعمال الصالحة ليست من الدين والإيمان، ويُكَذِّبون بالوعيد والعقاب بالكُلية؛ فيؤمن أهل السُّنة والجماعة بأن فُسّاق المسلمين معهم بعض الإيمان وأصله وليس معهم جميع الإيمان الواجب الذي يستوجبون به الجنة، وأنهم لا يَخْلُدون في النار، بل يخرج منها مَنْ كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، أو مثقال خردلة من إيمان، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ادّخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته.

وَهُم أيضاً في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم وَسَطٌ بين الغالية الذين يغالون في علي رضي الله عنه فيُفَضِّلُونه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ويعتقدون أنه الإمام المعصوم دونهما، وأن الصحابة ظلموا وفَسَقَوا وَكَفّروا الأمة بعدهم كذلك، وربما جعلوه نبياً أو إلهاً، وبين الجافية الذين يعتقدون كُفْرَه وكُفْرَ عثمان رضي الله عنهما، ويَسْتحلّون دماءهما ودماء مَنْ تولاهما، ويَستحبون سَبّ علي وعثمان ونحوهما، ويقدحون في خلافة علي رضي الله عنه وإمامته.

وكذلك في سائر (أبواب السُّنة) هم وسط؛ لأنهم مُتَمسّكون بكتاب الله، وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.

فصلٌ

وأنتم -أصلحكم الله- قد مَنّ الله عليكم بالانتساب إلى الإسلام الذي هو دين الله، وعافاكم الله مما ابتلي به مَنْ خَرَج عن الإسلام من المشركين وأهل الكتاب، والإسلام أعظم النعم وأَجَلّها؛ فإن الله لا يقبل من أحد ديناً سواه: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[آل عمران:85].

وعافاكم بانتسابكم إلى السُّنة من أكثر البِدَع الْمُضِلّة، مثل كثير من بِدَع الروافض والجهمية والخوارج والقَدَرية؛ بحيث جُعِلَ عندكم من البُغْض لِمَنْ يُكَذِّب بأسماء الله وصفاته وقضائه وقَدَره، أو يَسُبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو من طريقة أهل السُّنة والجماعة؛ وهذا من أكبر نِعَم الله على مَنْ أنعم عليه بذلك؛ فإن هذا من تمام الإيمان وكمال الدين، ولهذا كَثُر فيكم من أهل الصلاح والدين وأهل القتال المجاهدين ما لا يوجد مثله في طوائف المبتدعين، وما زال في عساكر المسلمين المنصورة وجنود الله المُؤيَّدَة منكم مَنْ يؤيد الله به الدين، ويُعِزّ به المؤمنين.

وفي أهل الزَّهادة والعبادة منكم مَنْ له الأحوال الزكية والطريقة المرضية وله المكاشفات والتصرفات.

وفيكم من أولياء الله المتقين مَنْ لَه لسان صِدْقٍ في العالمين، فإن قدماء المشايخ الذين كانوا فيكم مثل: الْمُلَقَّب بشيخ الإسلام أبي الحسن علي بن أحمد بن يوسف القُرشي الهَكّاري، وبعده الشيخ العارف القدوة عَدِي بن مسافر الأموي ومَنْ سَلَك سبيلهما فيهم من الفضل والدين والصلاح والاتباع للسُّنة ما عَظّم الله به أقدارهم، ورفع به منارهم.

والشيخ عَدِي قَدّس الله روحه كان من أفاضل عِباد الله الصالحين، وأكابر المشايخ الْمُتَّبِعِين، وله من الأحوال الزكية، والمناقب العَلِية ما يعرفه أهل المعرفة بذلك، وله في الأُمة صِيت مشهور، ولسان صدق مذكور، وعقيدته المحفوظة عنه لم يخرج فيها عن عقيدة مَنْ تَقَدَّمه من المشايخ الذين سلك سبيلهم كالشيخ الإمام الصالح أبي الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي الأنصاري الشيرازي ثم الدمشقي، وكشيخ الإسلام الهكاري ونحوهما.

وهؤلاء المشايخ لم يخرجوا في الأصول الكبار عن أصول أهل السُّنة والجماعة، بل كان لهم من الترغيب في أصول أهل السُّنة والدعاء إليها، والحِرْص على نَشْرها، ومنابذة مَنْ خَالَفَها مع الدين والفضل والصلاح ما رفع الله به أقدارهم، وأعلى مَنارهم، وغالب ما يقولونه في أصولها الكبار جيد، مع أنه لابد وأن يوجد في كلامهم وكلام نظرائهم من المسائل المرجوحة والدلائل الضعيفة كأحاديث لا تثبت، ومقاييس لا تطرد، ما يعرفه أهل البصيرة.

وذلك أن كل أحد يُؤخذ من قوله ويُتْرَك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاسيما المتأخرون من الأمة الذين لم يُحْكِموا معرفة الكتاب والسُّنة والفقه فيهما، ويُميزوا بين صحيح الأحاديث وسقيمها، وناتِج المقاييس وعَقيمها مع ما ينضم إلى ذلك من غَلَبة الأهواء، وكثرة الآراء، وتَغَلّظ الاختلاف والافتراق، وحصول العداوة والشقاق.

فإن هذه الأسباب ونحوها مما يُوجِب قوة الجهل والظلم اللذيْن نَعَتَ الله بهما الإنسان في قوله: ﴿وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا[الأحزاب:72].

فإذا مَنَّ الله على الإنسان بالعلم والعدل أنقذه من هذا الضلال، وقد قال سبحانه:

﴿وَالْعَصْرِ[العصر:1]

﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ[العصر:2]

﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[العصر:3].

وقد قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ[السجدة:24].

وأنتم تعلمون -أصلحكم الله- أن السُّنة التي يجب اتّباعها، ويُحْمَد أهلها ويُذَمّ مَنْ خَالَفها هي: سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أمور الاعتقادات، وأمور العبادات، وسائر أمور الديانات، وذلك إنما يُعْرَف بمعرفة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه في أقواله وأفعاله، وما تَرَكَه من قول وعمل، ثم ما كان عليه السابقون والتابعون لهم بإحسان.

وذلك في دواوين الإسلام المعروفة مثل: صحيحي البخاري ومسلم، وكتب السُّنن: مثل سُنن أبي داود، والنسائي، وجامع الترمذي، وموطأ الإمام مالك، ومثل المسانيد المعروفة كمثل: مسند الإمام أحمد وغيره.
ويوجد في كُتُب التفاسير والمغازي، وسائر كُتب الحديث جملها وأجزائها من الآثار ما يُستدل ببعضها على بعض، وهذا أَمْر قد أقام الله له من أهل المعرفة مَنْ اعتنى به حتى حَفِظ الله الدين على أهله.

وقد جَمَعَ طوائف من العلماء الأحاديث والآثار المروية في أبواب عقائد أهل السُّنة مثل: حَمّاد بن سَلمة، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم في طَبقتهم، ومثلها ما بَوَّب عليه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم في كُتبهم، ومثل مصنفات أبي بكر الأثرم، وعبد الله بن أحمد، وأبي بكر الخَلّال، وأبي القاسم الطبراني وأبي الشيخ الأصبهاني، وأبي بكر الآجري، وأبي الحسن الدارقطني، وأبي عبد الله بن منده، وأبي القاسم اللالكائي، وأبي عبد الله بن بطة، وأبي عمرو الطلمنكي، وأبي نعيم الأصبهاني، وأبي بكر البيهقي وأبي ذر الهروي.

وإن كان يقع في بعض هذه المصنفات من الأحاديث الضعيفة ما يعرفه أهل المعرفة.

وقد يروي كثير من الناس في الصفات وسائر أبواب الاعتقادات وعامة أبواب الدين أحاديث كثيرة تكون مكذوبة موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛

وهي قسمان:

- منها ما يكون كلاماً باطلاً لا يجوز أن يقال فضلاً عن أن يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

- والقسم الثاني من الكلام: ما يكون قد قاله بعض السلف أو بعض العلماء أو بعض الناس؛ ويكون حقاً أو مما يسوغ فيه الاجتهاد، أو مذهباً لقائله، فيُعْزَى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا كثير عند مَنْ لا يعرف الحديث.
مثل المسائل التي وَضَعها الشيخ أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي الأنصاري، وجعلها محنة يُفَرِّق فيها بين السُّني والبِدعي، وهي مسائل معروفة عملها بعض الكذابين وجعل لها إسناداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلها من كلامه، وهذا يعلمه مَنْ له أدنى معرفة أنه مكذوب مُفترى.

وهذه المسائل وإن كان غالبها مُوافقاً لأصول السُّنة ففيها ما إذا خَالفه الإنسان لم يُحْكَم بأنه مبتدع، مثل: أول نعمة أنعم بها على عَبده، فإنّ هذه المسألة فيها نزاع بين أهل السُّنة، والنزاع فيها لفظي؛ لأن مبناها على أن اللذة التي يعقبها ألم هل تُسمى نعمة أم لا؟ وفيها أيضاً أشياء مرجوحة.

فالواجب أن يُفَرَّق بين الحديث الصحيح والحديث الكذب، فإن السُّنة هي الحق دون الباطل، وهي الأحاديث الصحيحة دون الموضوعة، فهذا أصل عظيم لأهل الإسلام عموماً ولِمَنْ يَدّعي السُّنة خصوصاً.

| حفظ | Download , استماع | Play |
 
من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية