تفسير الإمام ابن كثير سورة لقمان من آية ٢٠ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ الإستعداد للموت قبل نزوله خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٣ إلى ٣٣٥ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٦ => القواعد النورانية الفقهية ۞ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ ثلاث مهلكات وثلات منجيات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٦ إلى ٣٣٩ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٧ => القواعد النورانية الفقهية ۞ إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم للوزير ابن هبيرة باب المضاربة من المسألة ١٤١٢ إلى ١٤١٨ => اجماع الأئمة الأربعة واختلافهم ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١ إلى ١٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١٨ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي في ساحة مسجد دار الفاروق بمدينة بلومنتون ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ إذا كَنَزَ الناسُ الذهَبَ والفِضَّةَ، فاكْنِزوا هؤلاء الكَلِماتِ خطبة الجمعة للشيخ د وليد المنيسي => خطب الجمعة ۞ من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير سورة البقرة ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ شرح كتاب تفسير للإمام إبن كثير تفسير آية ١٠٠ من سورة الكهف => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١ إلى ٦ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٧ إلى ١٣ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١٤ إلى ٢٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٢٦ إلى ٢٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٠ إلى ٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع تفسير الآيات من ٣٣ إلى ٣٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٣٦ و ٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٨ إلى ٤٠ => تفسير ابن كثير ۞ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

من قوله: فأمّا الأول فهو الفناء عن إرادة ما سوى الله" إلى نهاية المتن

من قوله: فأمّا الأول فهو الفناء عن إرادة ما سوى الله" إلى نهاية المتن
824 زائر
10-12-2015
HTML Editor - Full Version

فأما الأول فهو الفناء عن إرادة ما سوى الله بحيث لا يجب الا الله ولا يعبد الا اياه ولا يتوكل الا عليه ولا يطلب غيره وهو المعنى الذى يجب ان يقصد بقول الشيخ ابى يزيد حيث قال اريد ان لا اريد الا ما يريد اى المراد المحبوب المرضى وهو المراد بالارادة الدينية وكمال العبد ان لا يريد ولا يجب ولا يرضى الا ما اراده الله ورضيه واحبه وهو ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب ولا يجب الا ما يحبه الله كالملائكة والأنبياء والصالحين وهذا معنى قولهم فى قوله الا من أتى الله بقلب سليم قالوا هو السليم مما سوى الله او مما سوى عبادة الله او مما سوى

ارادة الله او مما سوى محبة الله فالمعنى واحد وهذا المعنى أن سمى فناء او لم يسم هو اول الاسلام وآخره وباطن الدين وظاهره.

واما النوع الثانى فهو الفناء عن شهود السوى وهذا يحصل لكثير من السالكين فانهم لفرط انجذاب قلوبهم الى ذكر الله وعبادته ومحبته وضعف قلوبهم عن ان تشهد غير ما تعبد وترى غير ما تقصد لا يخطر بقلوبهم غير الله بل ولا يشعرون كما قيل فى قوله واصبح فؤاد ام موسى فارغا ان كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها قالوا فارغا من كل شئ الا من ذكر موسى وهذا كثير يعرض لمن فقمه أمر من الأمور إما حب وإما خوف واما رجاء يبقى قلبه منصرفا عن كل شئ الا عما قد احبه او خافه او طلبه بحيث يكون عند استغراقه فى ذلك لا يشعر بغيره فإذا قوى على صاحب الفناء هذا فانه يغيب بموجوده عن وجوده وبمشهوده عن شهوده وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته حتى يفنى من لم يكن وهى المخلوقات المعبدة ممن سواه ويبقى من لم يزل وهو الرب تعالى والمراد فناؤها فى شهود العبد وذكره وفناؤه عن ان يدركها او يشهدها واذا قوى هذا ضعف المحب حتى اضطرب فى تمييزه فقد يظن انه هو محبوبه كما يذكر ان رجلا القى نفسه فى اليم فألقى محبه نفسه خلفه فقال أنا وقعت فما اوقعك خلفى قا غبت بك عنى فظننت انك انى و هذا الموضع زل فيه اقوام وظنوا انه اتحاد وان المحب يتحد بالمحبوب حتى لايكون بينهما فرق في نفس وجودهما وهذا غلط فان الخالق لايتحد به شئ اصلا بل لايتحد شئ بشئ الا استحالا وفسدا وحصل من اتحادهما امر ثالث لا هو وهذا ولا هذا كما اذا اتحد الماء واللبن والماء والخمر ونحو ذلك ولكن يتحد المراد والمحبوب والمكروه ويتفقان فى نوع الارادة والكراهة فيجب هذا ما يجب هذا ويبغض هذا ما يبغض هذا ويرضى ما يرضى ويسخط ما يسخط ويكره ما يكره ويوالى من يوالى ويعادى من يعادى وهذا الفناء كله فيه نقض واكابر الأولياء كأبى بكر وعمر والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار لم يقعوا فى هذا الفناء فضلا عمن هو فوقهم من الأنبياء وانما وقع شئ من هذا بعد الصحابة وكذلك كل ما كان من هذا النمط مما فيه غيبة العقل والتمييز لما يرد على القلب من احوال الإيمان فإن الصحابة رضى الله عنهم كانوا اكمل واقوى واثبت فى الأحوال الايمانية من ان تغيب عقولهم او يحصل لهم غشى او صعق او سكر او فناء او وله او جنون وانما كان مبادئ هذه الأمور فى التابعين من عباد البصرة فانه كان فيهم من يغشى عليه إذا سمع القرآن ومنهم من يموت كأبى جهير الضرير وزرارة بن اوفى قاضى البصرة

وكلك صار فى شيوخ الصوفية من يعرض له من الفناء والسكر ما يضعف معه تمييزه حتى يقول فى تلك الحال من الأقوال ما إذا صحا عرف انه غالط فيه كما يحكى نحو ذلك عن مثل ابى يزيد وابى الحسن النورى وابى بكر الشبلى وامثالهم.

بخلاف ابى سليمان الدارانى ومعروف الكرخى والفضيل بن عياض بل وبخلاف الجنيد وامثالهم ممن كانت عقولهم وتمييزهم يصحبهم فى احوالهم فلا يقعون في مثل هذا الفناء والسكر ونحوه بل الكمل تكون قلوبهم ليس فيها محبة الله وارادته وعبادته وعندهم من سعة العلم والتمييز ما يشهدون الأمور على ما هى عليه بل مشهدون المخلوقات قائمة بأمر الله مدبرة بمشيئته بل مستجيبة له قانتة له فيكون لهم فيها تبصرة وذكرى ويكون ما يشهدونه من ذلك مؤيدا وممدا لما فى قلوبهم من اخلاص الدين وتجريد التوحيد له والعبادة له وحده لاشريك له.

وهذه الحقيقة التى دعا اليها القرآن وقام بها اهل تحقيق الايمان والكمل من اهل العرفان ونبينا صلى الله عليه وسلم امام هؤلاء واكملهم ولهذا لما عرج به الى السموات وعاين ما هنالك من الآيات واوحى اليه ما اوحى من انواع المناجاة اصبح فيهم وهو لم يتغير حاله ولا ظهر عليه ذلك بخلاف ما كان يظهر على موسى من التغشى صلى الله عليهم وسلم أجمعين واما النوع الثالث مما قد يسمى فناء فهو ان يشهد أن لا موجود الا الله وان وجود الخالق هو وجود المخلوق فلا فرق بين الرب والعبد فهذا فناء اهل الضلال والالحاد الواقعين فى الحلول والاتحاد والمشائخ المستقيمون اذا قال احدهم ما أرى غير الله أولا انظر الى غير الله ونحو ذلك فمرادهم بذلك ما ارى ربا غيره ولا خالقا غيره ولا مدبرا غيره ولا الها غيره ولا انظر الى غيره محبة له او خوفا منه او رجاء له فإن العين تنظر الى ما يتعلق به القلب فمن احب شيئا او رجاه او خافه التفت اليه واذا لم يكن في القلب محبة له ولا رجاء له ولا خوف منه ولا بعض له ولا غير ذلك من تعلق القلب له لم يقصد القلب ان يلتفت اليه ولا ان ينظر اليه ولا ا وان رأه اتفاقا رؤية مجردة كان كما لو رأى حائطا ونحوه مما ليس فى قلبه تعلق به والمشائخ الصالحون رضى الله عنهم يذكرون شيئا من تجريد التوحيد وتحقي اخلاص الدين كله بحيث لا يكون العبد ملتفتا الى غير الله ولا ناظرا الى ما سواه لا حبا له ولا خوفا منه ولا رجاء له بل يكون القلب فارغا من المخلوقات خاليا منها لا ينظر اليها الا بنور الله فبالحق يسمع وبالحق يبصر وبالحق يبطش وبالحق يمشى فيجب منها ما يحبه الله ويبغض منها ما يبغضه الله ويوالى منها ما والاه الله ويعادى منها ما عاداه الله ويخاف الله فيها ولا يخافها فى الله ويرجو الله فيها ولا يرجوها فى الله فهذا هو القلب السليم الحنيف الموحد السلم المؤمن العارف المحقق الموحد بمعرفة الانبياء والمرسلين وبحقيقتهم وتوحيدهم.

واما النوع الثالث وهو الفناء فى الموجود فهو تحقيق آل فرعون ومعرفتهم وتوحيدهم كالقرامطة وامثالهم.

وهذا النوع الذى عليه اتباع الانبياء هو الفناء المحمود الذى يكون صاحبه به ممن اثنى الله عليهم من اوليائه المتقين وحزبه المفلحين وجنده الغالبين.

وليس مراد المشائخ والصالحين بهذا القول ان الذى أراه بعينى من المخلوقات هو رب الارض والسموات فإن هذا لا يقوله الا من هو فى غاية الضلال والفساد إما فساد العقل وإمال فساد الاعتقاد فهو متردد بين الجنون والالحاد.

وكل المشائخ الذين يقتدى بهم فى الدين متفقون على ما اتفق عليه سلف الامة وأئمتها من أن الخالق سبحانه مباين للمخلوقات وليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته سئ من مخلوقاته وانه يجب افراد القديم عن الحادث وتمييز الخالق عن المخلوق وهذا فى كلامهم.

اكثر من ان يمكن ذكره هنا وهم قد تكلموا على ما يعرض للقلوب من الامراض والشبهات وان بعض الناس قد يشهد وجود المخلوقات فيظنه خالق الارض والسموات لعدم التمييز الفرقان فى قلبه بمنزلة من رأى شعاع الشمس فظن ان ذلك هو الشمس التى فى السماء وهم قد يتكلمون فى الفرق والجمع ويدخل فى ذلك من العبارات المتلفة نظير ما دخل فى الفناء فان العبد اذا شهد التفرقة والكثرة فى المخلوقات يبقى قلبه بها متشتتا ناظرا اليها متعلقا بها اما محبة واما خوفا واما رجاء فاذا انتقل الى الجمع اجتمع قلبه على توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له فالتفت قلبه الى الله بعد التفافه الى المخلوقين فصارت محبته لربه وخوفه من ربه ورجاؤه لربه واستعانته بربه وهو فى هذا الحال قد لا يسع قلبه النظر الى المخلوق ليفرق بين الخالق والمخلوق فقد يكون محتمعا على الحق معرضا عن الخلق نظرا وقصدا وهو نظير النوع الثاني من الفناء.

ولكن بعد ذلك الفرق الثانى وهو ان يشهد ان المخلوق قائمة بالله مدبرة بامره ويشهد كثرتها معدومة بوحدانية الله سبحانه وتعالى وانه سبحانه رب المصنوعات والهها وخالقها ومالكها فيكون مع اجتماع قلبه على الله اخلاصا له ومحبة وخوفا ورجاء واستعانة وتوكلا على الله وموالاة فيه ومعاداة فيه وامثال ذلك ناظرا الى الفرق بين ال والمخلوق مميزا بين هذا وهذا يشهد تفرق المخلوقات وكثرتها مع شهادته ان الله رب كل شىء ومليكة وخالقه وانه هو الله لا اله الا هو وهذا هو الشهود الصحيح المستقيم وذلك واجب فى علم القلب وشهادته وذكره ومعرفته فى حال القلب وعبادته وقصده وارادته ومحبته وموالاته وطاعته وذلك تحقيق شهادة ان لا اله الا الله فانه ينفى عن قلبه الوهية ما سوى الحق ويثبت فى قلبه الوهية الحق فيكون نافيا لألوهية كل شيء من المخلوقات مثبتا لألوهية رب العالمين رب الأرض والسموات وذلك يتضمن اجتماع القلب على الله وعلى مفارقة ما سواه فيكون مفرقا فى علمه وقصده فى شهادته وارادته فى معرفته ومحبته بين الخالق والمخلوق بحيث يكون عالما بالله تعالى ذاكرا له عارفا به وهو مع ذلك عالم بمباينته لخلقه وانفراده عنهم وتوحده دونهم ويكون محبا لله معظما له عابدا له راجيا له خائفا منه مواليا فيه معاديا فيه مستعينا به متوكلا عليه ممتنعا عن عبادة غيره والتوكل عليه والاستعانة به والخوف منه والرجاء له والموالاة فيه والمعاداة فيه والطاعة لأمره وامث ال ذلك مما هو من خصائص الهية الله سبحانه وتعالى واقراوه بألوهية الله تعالى دون ما سواه يتضمن اقراره بربوبيته وهو انه رب كل شىء وملكية وخالقة ومدبرة فحينئذ يكون موحدا لله.

ويبين ذلك ان افضل الذكر لا اله الا الله كما رواه الترمذى وابن ابي الدنيا وغيرهما مرفوعا الى النبى صلى الله عليه وسلم انه قال افضل الذكر لا اله الا الله وافضل الدعاء الحمد لله وفى الموطأ وغيره عن طلحة بن عبد الله بن كثير ان النبى صلى الله عليه وسلم قال افضل ما قلت انا والنبيون من قبلى لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير.

ومن زعم ان هذا ذكرالعامة وان ذكر الخاصة هو الاسم المفرد وذكر خاصة الخاصة هو الاسم المضمر فهم ضالون غالطون واحتجاج بعضهم على ذلك بقوله قل الله ثم ذرهم فى خوضهم يلعبون من ابين غلط هؤلاء فان الاسم هو مذكور فى الأمر بجواب الاستفهام وهو قوله قل من انزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس الى قوله قل الله اى الله الذى الكتاب الذى جاء به موسى فالاسم مبتدأ وخبره قد دل عليه الاستفهام كما فى نظائر ذلك تقول من جاره فيقول زيد.

واما الاسم المفرد مظهرا او مضمرا فليس بكلام تام ولا جملة مفيدة ولا يتعلق به ايمان ولا كفر ولا امر ولا نهى ولم يذكر ذلك احد من سلف الامه ولا شرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعطى القلب بنفسه معرفة مفيدة ولا حالا نافعا وانما يعطيه تصورا مطلقا لا يحكم عليه بنفى ولا اثبات فان لم يقترن به من معرفة القلب وحالة ما يفيد بنفسه والا لم يكن فيه فائدة والشريعة انما تشرع من الأذكار ما يفيد بنفسه لا ما تكون الفائدة حاصلة بغيره.

وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر فى فنون من الالحاد وانواع من الاتحاد كما قد بسط فى غير هذا الموضع.

وما يذكر عن بعض الشيوخ من انه قال اخاف ان اموت بين النفي والاثبات حال لا يقتدى فيها بصاحبها فان فى ذلك من الغلط ما لا خفاء به اذ لو مات العبد فى هذه الحال لم يمت الا على ما قصده ونواه اذ الأعمال بالنيات وقد ثبت ان النبى صلى الله عليه وسلم امر بتلقين الميت لا اله الا اله الله وقال من كان آخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة ولو كان ماذكره ومحذورا لم يلقن الميت كلمة يخاف ان يموت في اثنائها موتا غير محمود بل كان يلقن ما اختاره من ذكر الاسم المفرد.

والذكر بالاسم المضمر المفرد ابعد عن السنة وادخل فى البدعة واقرب الى اضلال الشيطان فان من قال يا هو ياهو او هو هو ونحو ذلك لم يكن الضمير عائدا الا الى ما يصوره قلبه والقلب قد يهتدى وقد يضل وقد صنف صاحب الفصوص كتابا سماه كتاب الهو وزعم بعضهم ان قوله { وما يعلم تأويله الا الله } معناه وما يعلم تأويل هذا الاسم هو الهو وقيل هذا وان كان مما اتفق المسلمون بل العقلاء على انه من ابين الباطل فقد يظن ذلك من يظنه من هؤلاء حتى قلت مره لبعض من قال شيئا من ذلك لو كان هذا كما قلته لكتبت وما يعلم تأويل هو منفصلة.

ثم كثيرا ما يذكر بعض الشيوخ انه يحتج على قول القائل الله بقوله قل الله ثم ذرهم ويظن ان الله امر نبيه بان يقول الاسم المفرد وهذا غلط باتفاق اهل العلم فان قوله قل الله معناه الله الذى انزل الكتاب الذى جاء به موسى وهو جواب لقوله قل من انزل الكتاب الذى جاء به موسى وهو جواب لقوله قل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم مالم تعلموا انتم ولا آباؤكم قل الله اى الله الذى انزل الكتاب الذى جاء به موسى رد بذلك قول من قال ما انزل الله على بشر من شىء فقال من انزل الكتاب الذى جاء به موسى ثم قال قل الله انزله ثم ذر هؤلاء المكذبين فى خوضهم يلعبون.

ومما يبين ما تقدم ما ذكره سيبويه وغيره من ائمة النحوان العرب يحكون بالقول ما كان كلاما لا يحكون به ما كان قولا فالقول لا يحكي به الا كلام تام او جملة اسمية او فعلية ولهذا يكسرون ان جاءت بعد القول فالقول لا يحكى به اسم والله تعالى لا يأمر احدا بذكر اسم مفرد ولا شرع للمسلمين اسما مفردا مجردا والاسم المجرد لا يفيد الايمان باتفاق اهل الاسلام ولا يؤمر به فى شىء من العبادات ولا فى شىء من المخاطبات.

ونظير من اقتصر على الاسم المفرد ما يذكر ان بعض الأعراب مر بمؤذن يقول اشهد ام محمدا رسول الله بالنصب فقال ماذا يقول هذا هذا الاسم فاين الخبر عنه الذى يتم به الكلام.

وما فى القرآن من قوله {واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا} وقوله {سبح اسم ربك الأعلى} وقوله {قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} وقوله {فسبح باسم ربك العظيم} ونحو ذلك لا يقتضى ذكره مفردا بل فى السنن انه لما نزل قوله {فسبح باسم ربك العظيم} قال اجعلوها فى ركوعكم ولما نزل قوله {سبح اسم ربك الأعلى} قال اجعلوها فى سجودكم فشرع لهم ان يقولوا فى الركوع سبحان ربي العظيم وفى السجود سبحان ربي الأعلى وفى الصحيح انه كان يقول فى ركوعه سبحان ربى العظيم وفى سجوده سبحان ربى الأعلى وهذا هو معنى قوله اجعلوها فى ركوعكم وسجودكم باتفاق المسلمين.

فتسبيح اسم ربه الأعلى وذكر اسم ربه ونحو ذلك هو بالكلام التام المفيد كما فى الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال افضل الكلام بعد القرآن اربع وهن من القرآن سبحان.

الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وفى الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وفى الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم انه قال من قال فى يومه مائة مره لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كتب الله له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت احد بأفضل مما جاء به الا رجل قال مثل ما قال او زاد عليه ومن قال فى يومه مائة مره سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر وفى الموطأ وغيره عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال افضل ما قلته انا والنبيون من قبلى لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير وفى سنن ابن ماجة وغيره عنه صلى الله عليه وسلم انه قال افضل الذكر لا اله الا الله وافضل الدعاء الحمد لله.

ومثل هذه الأحاديث كثيرة فى انواع ما يقال من الذكر والدعاء.

وكذلك ما فى القرآن من قوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وقوله فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه انما هو قوله بسم الله وهذا جملة تامة اما اسمية على اظهر النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح لربيبة عمر بن ابى سلمة سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك فالمراد ان يقول بسم الله ليس المراد ان يذكر الاسم مجردا وكذلك قوله فى الحديث الصحيح لعدى بن حاتم اذا ارسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم اذا دخل الرجل منزله فذكر اسم الله عند دخوله وعند خروجه وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء وامثال ذلك كثير.

وكذلك ما شرع للمسلمين فى صلاتهم واذانهم وحجهم واعيادهم من ذكر الله تعالى انما هو بالحملة التامة كقول المؤذن الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله وقول المصلى الله اكبر سبحان ربى العظيم سبحان ربى الاعلى سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد التحيات لله وقول الملبى لبيك اللهم لبيك وامثال ذلك فجميع ما شرعه الله من الذكر انما هو كلام تام لا اسم مفرد لا مظهر ولا مضمر وهذا هو الذى يسمى فى اللغة كلمة كقوله كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله العظيم وقوله افضل كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد الا كل شىء ما خلا الله باطل ومنه قوله تعالى كبرت كلمة تخرج من افواههم الآية وقوله وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا وامثال ذلك مما استعمل فيه لفظ الكلمة فى الكتاب والسنة بل وسائر كلام العرب فانما يراد به الجملة التامة كما كانوا يستعملون الحرف فى الاسم فيقولون هذا حرف غريب اى لفظ الاسم غريب.

وقسم سيبويه الكلام الى اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم وفعل وكل من هذه الأقسام يسمى حرفا لكن خاصة الثالث انه حرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل وسمى حروف الهجاء باسم الحرف وهى اسماء ولفظ الحرف يتناول هذه الأسماء وغيرها كما قال النبى صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات اما انى لا اقول الم حرف ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف وقد سأل الخليل اصحابه عن النطق بحرف الزاى من زيد فقالوا زاي فقال جئتم بالاسم وانما الحرف ز.

ثم ان النحاة اصطلحوا على ان هذا المسمى فى اللغة بالحرف يسمى كلمة وان لفظ الحرف يخص لما جاء المعنى ليس باسم ولا فعل كحروف الجر ونحوها واما الفاظ حروف الهجاء فيعبر تارة بالحرف عن نفس الحرف من اللفظ وتارة باسم ذلك الحرف ولما غلب هذا الاصطلاح صار يتوهم من اعتاده انه هكذا فى لغة العرب ومنهم من يجعل لفظ الكلمة فى اللغة لفظا مشتركا بين الاسم مثلا وبين الجملة ولا يعرف فى صريح اللغة من لفظ الكلمة الا الجملة التامة.

والمقصود هنا ان المشروع فى ذكر الله سبحانه هو ذكره بجملة تامة وهو المسمى بالكلام والواحد منه بالكلمة وهو الذى ينفع القلوب ويحصل به الثواب والأجر والقرب الى الله ومعرفته ومحبته وخشيته وغير ذلك من المطالب العالية والمقاصد السامية واما الاقتصار على الاسم المفرد مظهرا او مضمرا فلا اصل له فضلا عن ان يكون من ذكر الخاصة والعارفين بل هو وسيلة الى انواع من البدع والضلالات وذريعة الى تصورات احوال فاسدة من احوال اهل الالحاد واهل الاتحاد كما قد بسط الكلام عليه فى غير هذا الموضع.

فـــصـــل

وجماع الدين اصلان :

ان لانعبد الا الله ولا نعبده الا بما شرع لا نعبده بالبدع كما قال تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعباده ربه احدا وذلك تحقيق الشهادتين شهادة ان لا اله الا الله وشهادة ان محمدا رسول الله ففى الأولى ان لا نعبد الا اياه وفى الثانية ان محمدا هو رسوله المبلغ عنه فعلينا ان نصدق خبره ونطيع امره وقد بين لنا ما نعبد الله به ونهانا عن محدثات الأمور واخبر انها ضلالة قال تعالى بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

كما انا مأمورون ان لا نخاف الا الله ولا نتوكل الا على الله ولا نرغب الا الى الله ولا نستعين الا الله وان لا تكون عبادتنا الا لله فكذلك نحن مأمورون ان نتبع الرسول ونطيعه ونتأسى به فالحلال ما حلله الله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه قال تعالى {ولو انهم رضوا ماآتاهم االله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله انا الى الله راغبون} فجعل الايتاء لله والرسول كما قال {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وجعل التوكل على الله وحده بقوله {وقالوا حسبنا الله} ولم يقل ورسوله كما قال فى الآية الأخرى {الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} ومثله قوله {يا ايها النبى حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} اى حسبك وحسب المؤمنين كما قال {اليس الله بكاف عبده} ثم قال سيؤتينا الله من فضله ورسوله فجعل الايتاء لله والرسول وقدم ذكر الفضل لأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وله الفضل على رسوله وعلى المؤمنين وقال انا الى الله راغبون فجعل الرغبة الى الله وحده كما فى قوله فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب وقال النبى صلى الله عليه وسلم لابن عباس اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله والقرآن يدل على مثل هذا فى غير موضع.

فجعل العبادة والخشية والتقوى لله وجعل الطاعة والمحبة لله ورسوله كما فى قول نوح عليه السلام ان اعبدوا الله واتقوه واطيعون وقوله ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون وامثال ذلك.

فالرسل امروا بعبادته وحده والرغبة اليه والتوكل عليه والطاعة لهم فأضل الشيطان النصارى واشباههم فأشركوا بالله وعصوا الرسول فاتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح بن مريم فجعلوا يرغبون اليهم ويتوكلون عليهم ويسألونهم مع معصيتهم لأمرهم ومخالفاتهم لسنتهم وهدى الله المؤمنين المخلصين لله اهل الصراط المستقيم الذين عرفوا الحق واتبعوه.

فلم يكونوا من المغضوب عليهم ولا من الضالين ، فأخلصوا دينهم لله ، واسلموا وجوههم لله ، وأنابوا إلى ربهم وأحبوه ، ورجوه وخافوه ، وسألوه ورغبوا إليه ، وفوضوا أمورهم إليه ، وتوكلوا عليه ، وأطاعوا رسله ، وعزروهم ووقروهم ، وأحبوهم ووالوهم ، واتبعوهم واقتفوا آثارهم واهتدوا بمنارهم ، وذلك هو دين الإسلام الذي بعث الله به الأولين والآخرين من الرسل ، وهو الذين الذي لا يقبل الله من أحد دينا إلا إياه ، وهو حقيقة العبادة لرب العالمين . . .

فنسأل الله العظيم أن يثبتنا عليه ويملكنا به ويميتنا عليه وسائر إخواننا المسلمين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلواته وسلامه على سيدنا محمد خاتم النبين وآله وصحبه وسلم .

| حفظ | Download , استماع | Play |
 
من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية