تفسير الإمام ابن كثير سورة لقمان من آية ٢٠ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ الإستعداد للموت قبل نزوله خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٣ إلى ٣٣٥ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٦ => القواعد النورانية الفقهية ۞ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ ثلاث مهلكات وثلات منجيات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٦ إلى ٣٣٩ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٧ => القواعد النورانية الفقهية ۞ إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم للوزير ابن هبيرة باب المضاربة من المسألة ١٤١٢ إلى ١٤١٨ => اجماع الأئمة الأربعة واختلافهم ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١ إلى ١٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١٨ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي في ساحة مسجد دار الفاروق بمدينة بلومنتون ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ إذا كَنَزَ الناسُ الذهَبَ والفِضَّةَ، فاكْنِزوا هؤلاء الكَلِماتِ خطبة الجمعة للشيخ د وليد المنيسي => خطب الجمعة ۞ من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير سورة البقرة ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ شرح كتاب تفسير للإمام إبن كثير تفسير آية ١٠٠ من سورة الكهف => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١ إلى ٦ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٧ إلى ١٣ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١٤ إلى ٢٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٢٦ إلى ٢٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٠ إلى ٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع تفسير الآيات من ٣٣ إلى ٣٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٣٦ و ٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٨ إلى ٤٠ => تفسير ابن كثير ۞ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

من قوله : " و هذه الأمور نوعان" إلى قوله :"وقال تعالى {وقالوا كونوا هودا او نصارى تهتدوا قل بل ملّة إبراهيم حنيفا... إلى قوله ونحن له مسلمون}" .

من قوله : " و هذه الأمور نوعان" إلى قوله :"وقال تعالى {وقالوا كونوا هودا او نصارى تهتدوا قل بل ملّة إبراهيم حنيفا... إلى قوله ونحن له مسلمون}" .
449 زائر
10-12-2015
HTML Editor - Full Version

وهذه الأمور نوعان.

منها ما يحتاج العبد اليه كما يحتاج اليه من طعامه وشرابه ومسكنه ومنكحه ونحو ذلك هذا يطلبه من الله ويرغب اليه فيه يكون المال عنده يستعمله فى حاجته بمنزلة حماره الذي يركبه وبساطة الذي يجلس عليه بل بمنزة الكنيف الذي يقضى فيه حاجته من غير ان يستعبده فيكون هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا.

و منها ما لا يحتاج العبد اليه فهذه لا ينبغى له أن يعلّق قلبه بها فإذا تعلق قلبه بها صار مستعبدا لها وربما صار معتمدا على غير الله فلا يبقى معه حقيقة العبادة لله ولا حقيقة التوكل عليه بل فيه شعبة من العبادة لغير الله وشعبة من التوكل على غير الله وهذا من أحق الناس بقوله صلى الله عليه وسم {تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة وهذا هو عبد هذه الأمور فلو طلبها من الله فإن الله إذا أعطاه إيّاها رضي وإذا منعه إيّاها سخط وإنّما عبد الله من يرضيه ما يرضى الله ويسخطه ما يسخط الله ويحب ما أحبّه الله ورسوله ويبغض ما أبغضه الله ورسوله ويوالي أولياء الله ويعادي أعداء الله تعالى وهذا هو الذي استكمل الايمان كما فى الحديث {من أحبّ لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان} وقال {أوثق عرى الإيمان الحبّ في الله والبغض في الله}

وفى الصّحيح عنه صلى الله عليه وسلم {ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الايمان من كان الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ومن كان يكره أن يرجع فى الكفر بعد إذ انقذه الله منه كما يكره أن يلقى فى النّار فهذا وافق ربّه فيما يحبه وما يكرهه فكان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما واحب المخلوق لله لا لغرض آخر فكان هذا فكان من تمام حبه لله فان محبة محبوب من تمام محبة المحبوب فاذا احب أنبياء الله واولياء الله لأجل قيامهم بمحبوبات الحق لا لشيء آخر فقد احبهم لله لا لغيره وقد قال تعالى {فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبونه أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين}.

ولهذا قال تعالى {قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله} فإن الرّسول يأمر بما يحب الله وينهى عما يبغضه الله ويفعل ما يحبه الله ويخبر بما يحب الله التصديق به فمن كان محبا لله لزم ان يتّبع الرسول فيصدقه فيما اخبر ويطيعه فيما أمر ويتأسّى به فيما فعل ومن فعل هذا فقد فعل ما يحبه الله فيحبه الله فجعل الله لأهل محبته علامتين اتباع الرسول والجهاد فى سبيله.

وذلك لأن الجهاد حقيقته الاجتهاد فى حصول ما يحب الله من الايمان والعمل الصالح ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان وقد قال تعالى قل ان كان آباؤكم وانباؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم الى قوله حتى يأتى الله بأمره فتوعد من كان اهله وماله احب اليه من الله ورسوله والجهاد فى سبيله بهذا الوعيد بل قد ثبت نه فى الصحيح انه قال {والذى نفسى بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين} وفى الصحيح أنّ عمر بن الخطاب قال له يا رسول الله والله لأنت أحب الي من كل شيء إلا من نفسي فقال لا يا عمر حتى أكون أحبّ إليك من نفسك فقال فوالله لأنت أحب إليّ من نفسي فقال الأن يا عمر.

فحقيقة المحبة لا تتم الا بموالاة المحبوب وهو موافقته فى حب ما يحب وبغض ما يبغض والله يحب الايمان والتقوى ويبغض الكفر والفسوق والعصيان ومعلوم ان الحب يحرك ارادة القلب فكلما قويت المحبة فى القلب طلب القلب فعل المحبوبات فاذا كانت المحبة تامة استلزمت ارادة جازمة فى حصول المحبوبات فاذا كان العبد قادرا عليها حصلها وان كان عاجزا عنها ففعل ما يقدر عليه من ذلك كان له كأجر الفاعل كما قال النبى صلى الله عليه وسلم من دعا الى هدى كان له من الأجر مثل اجور من اتبعه من غير ان ينقص من اجورهم شيئا ومن دعا الى ضلالة كان عليه من الوزر مثل اوزار من اتبعه من غير ان ينقص من اوزارهم شيئا وقال ان بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا الا كانوا معكم قالوا وهم بالمدينة قال هم بالمدينة حبسهم العذر.

و الجهاد هو بذل الوسع وهو القدرة فى حصول محبوب الحق ودفع ما يكرهه الحق فاذا ترك العبد ما يقدر عليه من الجهاد كان دليلا على ضعف محبة الله ورسوله فى قلبه ومعلوم ان المحبوبات لا تنال غالبا الا باحتمال المكروهات سواء كانت محبة صالحة فاسدة فالمحبون للمال والرئاسة والصور لا ينالون مطالبهم الا بضرر يلحقهم فى الدنيا مع ما يصيبهم من الضرر فى الدنيا والآخرة فالمحب لله ورسوله اذا لم يتحمل ما يرى ذو الرأى من المحبين لغير الله مما يحتملون فى حصول محبوبهم دل ذلك على ضعف محبتهم لله اذا كان ما يسلكه اولئك هو الطريق الذي يشير به العقل.

ومن المعلوم ان المؤمن اشد حبا لله كما قال تعالى {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبّونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله} نعم قد يسلك المحب لضعف عقله وفساد تصوره طريقا لا يحصل بها المطلوب فمثل هذه الطريق لا تحمد إذا كانت المحبة صالحة محمودة فكيف إذا كانت المحبة فاسدة والطريق غير موصل كما يفعله المتهورون فى طلب المال والرئاسة والصور في حب امور توجب لهم ضرر ولا تحصل لهم مطلوبا وانما المقصود الطرق التى يسلكها العقل حصول مطلوبه.

واذا تبين هذا فكلما ازداد القلب حبا لله ازداد له عبودية وكلما ازداد له عبودية ازداد له حبا وحرية عما سواه والقلب فقير بالذات الى الله من وجهين من جهة العبادة وهى العلة الغائبة ومن جهة الاستعانة والتوكل وهى العلة الفاعلية فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر لا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن الا بعبادة ربه وحبه والانابة اليه ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن اذ فيه فقر ذاتى الى ربه ومن حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة.

وهذا لا يحصل له إلا باعانة الله له لا يقدر على تحصيل ذلك له الا الله فهو دائما مفتقر الى حقيقة إيّاك نعبد وإيّاك نستعين فإنّه لو أعين على حصول ما يحبه ويطلبه ويشتهيه ويريده ولم يحصل له عبادته لله بحيث يكون هو غاية مراده ونهاية مقصودة وهو المحبوب له بالقصد الأول وكل ما سواه انما يحبه لأجله لا يحب شيئا لذاته الا الله متى لم يحصل له هدا لم يكن قد حقق حقيقة لا اله الا الله ولا حقق التوحيد والعبودية والمحبة وكان فيه من النقص والعيب بل من الألم والحسرة والعذاب بحسب ذلك.

ولو سعى فى هذا المطلوب ولم يكن مستعينا بالله متوكلا عليه مفتقرا اليه فىى حصوله لم يحصل له فانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فهو مفتقر الى الله من حيث هو المطلوب المحبوب المراد المعبود ومن حيث هو المسؤول المستعان به المتوكل عليه فهو الهه لا اله له غيره وهو ربه لا رب سواه.

ولا تتم عبوديته لله الا بهذين فمتى كان يحب غير الله لذاته او يلتفت الى غير الله انه يعينه كان عبدا لما احبه وعبدا لما رجاه بحسب حبه له ورجائه اياه واذا لم يحب لذاته الا الله وكلما احب سواه فانما احبه له ولم يرج قط شيئا الا الله واذا فعل ما فعل من الأسباب او حصل ما حصل منها كان مشاهدا ان الله هو الذي خلقها وقدرها وان كل ما فى السموات والارض فالله ربه ومليكه وخالقه وهو مفتقر اليه كان قد حصل له من تمام عبوديته لله بحسب ما قسم له من ذلك والناس فى هذا على درجات متفاوتة لا يحصى طرفيها الا الله.

فأكمل الخالق وأفضلهم واعلاهم واقربهم الى الله واقواهم واهداهم اتمهم عبودية لله من هذا الوجه.

وهذا هو حقيقة دين الاسلام الذى أسل به رسله وانزل به كتبه وهو ان يستسلم العبد لله لا لغيره فالمستسلم له ولغيره مشرك والممتنع عن الاستسلام له مستكبر وقد ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم ان الجنه لا يدخلها من فى قلبه مثقال ذره من كبر كما النار لا يدخلها من فى قلبه مثقال ذرة من الايمان فجعل الكبر مقابلا للايمان فان الكبر ينافى حقيقة العبودية كما ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال يقول الله العظمة ازارى والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدا منهما عذبته فالعظمة والكبرياء من خصائص الربوبية والكبرياء أعلى من العظمة ولهذا جعلها بمنزلة الرداء كما جعل العظمة بمنزلة الإزار.

ولهذا كان شعار الصلوات والاذان والاعياد هو التكبير وكان مستحبا فى الامكنة العالية كالصفا والمروة واذا علا الانسان شرفا او ركب دابة ونحو ذلك وبه يطفأ الحريق وان عظم وعند الاذان يهرب الشيطان قال تعالى وقال بكم ادعونى استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين.

وكل من استكبر عن عبادة الابد ان يعبد غيره فإن الانسان حساس يتحرك بالارادة وقد ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال اصدق الاسماء حارث وهمام فالحارث الكاسب الفاعل والهمام فعال من الهم والهم اول الارادة فالانسان له ارادة دائما وكل ارادة فلا بد لها من مراد تنتهي اليه فلا بد لكل عبد من مراد محبوب هو منتهى حبه وارادته فمن لم يكن الله معبوده ومنتهى حبه وارادته بل استكبر عن ذلك فلا بد ان يكون له مراد محبوب يستعبده غير الله فيكون عبدا لذلك المراد المحبوب اما المال واما الجاه واما الصور واما ما يتخذه الها من دون الله كالشمس والقمر والكواكب والاوثان وقبور الانبياء والصالحين او من الملائكة والانبياء الذين يتخذهم اربابا او غير ذلك مما عبد من دون الله.

واذا كان عبدا لغير الله يكون مشركا وكل مستكبر فهو مشرك ولهذا كان فرعون من اعظم الخلق استكبارا عن عبادة الله وكان مشركا قال تعالى {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذّاب} إلى قوله {وقال موسى إنّي عذت بربّي وربّكم من كل متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب} الى قوله {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبّر جبّار} وقال تعالى {وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين} وقال تعالى {ان فرعون علا فى الارض وجعل اهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح ابناءهم ويستحى نساءهم} الى قوله {فانظر كيف كان عاقبة المفسدين}.

ومثل هذا فى القرآن كثير.

وقد وصف فرعون بالشّرك فى قوله {وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا فى الارض ويذرك وآلهتك} بل الاستقراء يدل على انه كلما كان الرجل أعظم استكبارا عن عبادة الله كان الرجل أعظم اشراكا بالله لانه كلما استكبر عن عبادة الله ازداد فقره او حاجته إلى المراد المحبوب الذي هو المقصود مقصود القلب بالقصد الاول فيكون مشركا بما استعبده من ذلك.

ولن يستغنى القلب عن جميع المخلوقات إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد إلا اياه ولا يستعين إلا به ولا يتوكّل إلا عليه ولا يفرح إلا بما يحبّه ويرضاه ولا يكره إلا ما يبغضه الربّ ويكرهه ولا يوالي إلا من والاه الله ولا يعادى الا من عاداه الله ولا يحب إلا الله ولا يبغض شيئا الا لله ولا يعطى الا الله ولا يمنع الا الله فكلما قوى اخلاص دينه لله كملت عبوديته واستغناؤه عن المخلوقات وبكمال عبوديته لله يبرئه من الكبر والشرك. والشرك غالب على النصارى والكبر غالب على اليهود قال تعالى فى النصارى {اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون} وقال فى اليهود {أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم استكبرتم ففريق كذبتم وفريق تقتلون} وقال تعالى {سأصرف عن آياتى الذين يتكبرون فى الارض بغير الحق وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها وان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا}. ولما كان الكبر مستلزما للشرك والشرك ضد الاسلام وهو الذنب الذى لا يغفره الله ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما وقال ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا كان الانبياء جميعهم مبعوثين بدين الاسلام فهو الدين الذى لا يقبل الله غيره لا من الاولين ولا من الآخرين قال نوح {فان توليتم فما سألتكم من اجر أن اجرى الا على الله وامرت ان اكون من المسلمين} وقال فى حق ابراهيم {ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وانه فى الاخرة لمن الصالحين اذ قال له ربه اسلم قال اسلمت لرب العالمين} الى قوله {فلا تموتن الا وانتم مسلمون} وقال يوسف {توفنى مسلما والحقنى بالصالحين} وقال موسى {يا قوم ان كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا} وقال تعالى {إنّا أنزلنا التّوراة فيها هدى ونور يحكم بها النّبيّون الذين أسلموا للذين هادوا} وقالت بلقيس {ربّ إنّي ظلمت نفسى وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} وقال {وإذ أوحيت إلى الحواريّين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا ءامنّا واشهد بأنّنا مسلمون} وقال {إنّ الدّين عند الله الإسلام} وقال {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه}.

وقال تعالى {افغير دين الله يبغون وله أسلم من فى السموات والارض طوعا وكرها} فذكر اسلام الكائنات طوعا وكرها لان المخلوقات جميعها متعبدة له التعبد العام سواء اقر المقر بذلك او انكره وهم مدينون مدبرون فهم مسلمون له طوعا وكرها ليس لاحد من المخلوقات خروج عما شاءه وقدره ولا حول ولا قوة الا به وهو رب العالمين ومليكهم يصرفهم كيف يشاء وهو خالقهم كلهم وبارئهم ومصورهم وكل من سواه فهو مربوب مصنوع ومفطور فقير محتاج معبد مقهور وهو الواحد القهار الخالق البارى المصور وهو ان كان قد خلق ما خلقه بأسباب فهو خالق السبب والمقدر له وهو مفتقر اليه كافتقار هذا وليس فى المخلوقات سبب مستقل بفعل ولا دفع ضرر بل كل ما هو سبب فهو محتاج الى سبب اخر يعاونه والى ما يدفع عنه الضد الذي يعارضه ويمانعه.

وهو سبحانه وحده الغنى عن كل ما سواه ليس له شريك يعاونه ولا ضد يناوئه ويعارضه قال تعالى { قل أرايتم ما تدعون من دون الله إن أرادنيَ الله بضرّ هل هنّ كاشفات ضرّه او أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبيَ الله عليه يتوكّل المتوكّلون} وقال تعالى {وإن يمسسك الله بضرّ فلا كاشف له إلاّ هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير} وقال تعالى عن الخليل {يا قوم انّي بريء مما تشركون انى وجهت وجهيَ للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما انا من المشركين وحاجه قومه قال اتحاجوني فى الله وقد هدان ولا اخاف ما تشركون به الا ان يشاء ربي شيئا} إلى قوله تعالى {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهو مهتدون}.

وفى الصحيحين عن ابن مسعود رضى الله عنه ان هذه الاية لما نزلت شقّ ذلك على اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله أيّنا لم يلبس إيمانه بظلم فقال إنّما هو الشرك ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح إنّ الشرك لظلم عظيم.

وابراهيم الخليل إمام الحنفاء المخلصين حيث بعث وقد طبق الارض دين المشركين قال الله تعالى {وإذ ابتلى إبراهيم ربّهُ بكلمات فأتمّهنّ قال إنّي جاعلك للنّاس إماما قال ومن ذريّتي قال لا ينال عهدى الظالمين} فبين ان عهده بالامامة لا يتناول الظالم فلم يأمر الله سبحانه ان يكون الظالم اماما واعظم الظلم الشرك وقال تعالى {إن ربراهيم كان أمّة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين} و الأمّة هو معلّم الخير الذي يؤتم به كما ان القدوة الذي يقتدى به.

والله تعالى جعل فى ذريته النبوة والكتاب وانما بعث الانبياء بعده بملته قال تعالى {ثمّ أوحينا إليك أن اتّبع ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين} وقال تعالى {إنّ أولى النّاس بإبراهيم للّذين اتّبعوه وهذا النّبيّ والذين آمنوا والله وليّ المؤمنين} وقال تعالى {ما كان إبراهيم يهوديّا ولا نصرانيّا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين} وقال تعالى {وقالوا كونوا هودا او نصارى تهتدوا قل بل ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين قولوا ءامنّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط إلى قوله ونحن له مسلمون}.

| حفظ | Download , استماع | Play |
 
من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية