تفسير الإمام ابن كثير سورة لقمان من آية ٢٠ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ الإستعداد للموت قبل نزوله خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٣ إلى ٣٣٥ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٦ => القواعد النورانية الفقهية ۞ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ ثلاث مهلكات وثلات منجيات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٦ إلى ٣٣٩ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٧ => القواعد النورانية الفقهية ۞ إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم للوزير ابن هبيرة باب المضاربة من المسألة ١٤١٢ إلى ١٤١٨ => اجماع الأئمة الأربعة واختلافهم ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١ إلى ١٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١٨ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي في ساحة مسجد دار الفاروق بمدينة بلومنتون ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ إذا كَنَزَ الناسُ الذهَبَ والفِضَّةَ، فاكْنِزوا هؤلاء الكَلِماتِ خطبة الجمعة للشيخ د وليد المنيسي => خطب الجمعة ۞ من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير سورة البقرة ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ شرح كتاب تفسير للإمام إبن كثير تفسير آية ١٠٠ من سورة الكهف => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١ إلى ٦ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٧ إلى ١٣ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١٤ إلى ٢٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٢٦ إلى ٢٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٠ إلى ٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع تفسير الآيات من ٣٣ إلى ٣٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٣٦ و ٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٨ إلى ٤٠ => تفسير ابن كثير ۞ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

25- من قوله: باب في بيان الدعاوى والبينات

25- من قوله: باب في بيان الدعاوى والبينات
888 زائر
09-12-2015
صفحة جديدة 25

باب في بيان الدعاوى والبينات

الدعاوى جمع دعوى، وهي لغة الطلب، قال الله تعالى: ﴿وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ أي: يطلبون ويتمنون.

والدعوى في اصطلاح الفقهاء: إضافة الإنسان إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره أو ذمته.

والبينات جمع بينة، وهى العلامة الواضحة، وهي كل ما يبين الحق من شهيد أو يمين.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: البينة في الشرع اسم لما يبين الحق ويظهر، وقد نصب سبحانه على الحق علامات وأمارات تدل عليه وتبينه، فمن أهدر العلامات والأمارات بالكلية، فقد عطل كثيرا من الأحكام، وضيع كثيرا من الحقوق... انتهى.

والفرق بين المدعي والمدعى عليه أن المدعي هو الذي إذا سكت ترك، فهو المطالب، والمدعى عليه هو الذي إذا سكت، لم يترك؛ فهو المطالب.

ويشترط لصحة الدعوى وصحة الإنكار أن يكون من جائز التصرف، وهو الحر المكلف الرشيد.

وإذا تداعيا عينا بأن ادعى كل منهما أنها له وهي بيد أحدهما؛ فهي لمن هي بيده مع يمينه.

ويسمى من كانت العين بيده منهما الداخل، ويسمى من لم تكن العين بيده بالخارج.

فإن أقام كل منهما بينته أن العين المدعى بها له، قضي بها للخارج لحديث ابن عباس مرفوعا: «لو يعطى الناس بدعواهم. لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه» رواه أحمد ومسلم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» رواه الترمذي، فدل الحديثان على أن البينة على المدعي، فإذا أقامها، قضي بها له، وأن اليمين على من أنكر إذا لم يكن مع المدعي بينة، وذهب أكثر أهل العلم في هذه المسألة أن العين تكون لمن هي بيده، وهو ما يسمى بالداخل، وأن الحديث محمول على ما إذا لم يكن مع من هي بيده بينة، وإلا؛ فاليد مع بينته أقوى، والأخذ بقول الأكثر أولى.

وإن لم تكن العين التي تداعياها بيد أحد، وليس هناك ظاهر يعمل به ولا بينة لأحدهما؛ تحالفا؛ بأن يحلف كل واحد أنه لا حق للآخر فيها، وقسمت بينهما بالسوية؛ لاستوائهما في الدعوى، مع عدم المرجح لأحدهما، وإن دل الظاهر لأحدهما، عمل به.

فلو تنازع الزوجان في قماش البيت ونحوه، فما يصلح للرجل يكون للزوج، وما يصلح للمرأة يكون للزوجة، وما يصلح للاثنين، فلهما.

باب في الشهادات

الشهادة مشتقة من المشاهدة؛ لأن الشاهد يخبر عما شاهده وعلمه.

وهل يشترط في أداء الشهادة أن يكون، ذلك بلفظ: (أشهد) أو (شهدت)؛ هذا هو المشهور في مذهب الحنابلة. والقول الثاني - وهو رواية عن أحد وقول جماعة من الأئمة -: أن ذلك لا يلزم، واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما.

قال الشيخ: ولا يشترط في أداء الشهادة لفظ (أشهد)، وهو مقتضى قول أحمد وغيره، ولا أعلم نصا يخالفه، ولا يعرف عن صحابي ولا تابعي اشتراط لفظ الشهادة.

وقال ابن القيم: الإخبار شهادة محضة في أصح الأقوال، وهو قول الجمهور، فإنه لا يشترط في صحة الشهادة لفظ: (أشهد)، بل متى قال الشاهد: رأيت كيت وكيت، أو: سمعت، أو نحو ذلك، كانت شهادة منه، وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم موضع واحد يدل على اشتراط لفظ الشهادة، ولا عن رجل واحد من الصحابة، ولا قياس ولا استنباط يقتضيه، بل الأدلة المتضافرة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة ولغة العرب تنفي ذلك انتهى.

وتحمل الشهادة في غير حق الله تعالى فرض كفاية إذا قام به من يكفي؛ سقط عن بقية المسلمين، لحصول الغرض، وإن لم يوجد إلا من يكفي؛ تعين عليه؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا أي: إذا دعوا لتحمل الشهادة، فعليهم الإجابة، والآية عامة في الدعوة للتحمل والأداء، وقال ابن عباس وغيره في معنى الآية: المراد به التحمل للشهادة وإثباتها عند الحاكم، ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك لإثبات الحقوق والعقود؛ فكان واجبا كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأما أداء الشهادة؛ فهو فرض عين على من تحملها متى دعي إليها؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ومعنى الآية الكريمة: إذا دعيتم إلى إقامة الشهادة، فلا تخفوها ولا تغلوها، ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ أي: فاجر قلبه، وهذا وعيد شديد بمسخ القلب، وإنما خصه لأنه موضع العلم بالشهادة، فدلت الآية الكريمة على فرضية أداء الشهادة عينا على من تحمل متى دعي إليه:

قال الإمام العلامة ابن القيم: التحمل والأداء حق يأثم بتركه، وقال: قياس المذهب أن الشاهد إذا كتم الشهادة بالحق؛ ضمنه، لأنه أمكنه تخليص حق صاحبه، فلم يفعل، فلزمه الضمان؛ كما لو أمكنه تخليصه من هلكة فلم يفعل... انتهى.

ويعتبر لوجوب التحمل والأداء انتفاء الضرر عن الشاهد، فإن كان يلحقه بذلك ضرر في نفسه أو عوضه أو ماله أو أهله؛ لم يجب عليه، لقوله تعالى: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ولحديث: «لا ضرر ولا ضرار» والله أعلم.

ويجب على الشاهد أن يكون على علم بما يشهد به فلا يحل له أن يشهد إلا بما يعلم؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ وقال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أي: يعلم ما شهد به على بصيرة ويقين، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة؛ فقال: «أترى الشمس؛ قال: نعم. فقال: على مثلها فاشهد أو دع» رواه الخلال في جامعه، وقال البيهقي: لم يرد من طريق يعتمد عليها، وقال ابن حجر: ولكن معنى الحديث صحيح.

والعلم يحصل بأحد أمور: إما بسماع، أو رؤية من مشهود عليه، فيشهد بما سمع أو رأى، وإما بسماع الشاهد عن طريق الاستفاضة فيما يتعذر علمه بدونها غالبا كالنسب والموت، لكن لا يشهد بالاستفاضة إلا إذا بلغته عن عدد يقع بهم العلم.

ويشترط فيمن تقبل شهادته ستة شروط

أحدها: البلوغ: فلا تقبل شهادة الصبيان إلا فيما بينهم.
قال العلامة ابن القيم: عمل الصحابة وفقهاء المدينة بشهادة الصبيان على تجارح بعضهم بعضا؛ فإن الرجال لا يحضرون معهم، ولو لم تقبل شهادتهم؛ لضاعت الحقوق وتعطلت وأهملت، مع غلبة الظن أو القطع بصدقهم، ولا سيما إذا جاءوا مجتمعين قبل تفرقهم إلى بيوتهم، وتواطئوا على خبر واحد، وفرقوا وقت الأداء، واتفقت كلمتهم، فإن الظن الحاصل حينئذ بشهادتهم أقوى بكثير من الظن الحاصل من شهادة رجلين، وهذا مما لا يمكن دفعه وجحده...) انتهى.

الثاني: العقل: فلا تقبل شهادة مجنون ولا معتوه، وتقبل الشهادة ممن يخنق أحيانا إذا تحمل وأدى في حال إفاقته؛ لأنها شهادة من عاقل أشبه من لم يجن.

الثالث: الكلام: فلا تقبل شهادة الأخرس، ولو فهمت إشارته؛ لأن الشهادة يعتبر فيها اليقين، وإنما اكتفي بإشارة الأخرس في الأحكام الخاصة به كنكاحه وطلاقه للضرورة، لكن لو أدى الأخرس الشهادة بخطه؛ قبلت لدلالة الخط على اللفظ.

الرابع: الإسلام: لقوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ فلا تقبل شهادة الكافر إلا على الوصية في حال السفر، فقبل شهادة كافرين عليها عند عدم غيرهما؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ الآية، وهذا لأجل الضرورة.

الخامس: الحفظ: فلا تقبل شهادة المغفل والمعروف بكثرة السهو والغلط؛ لأنه لا تحصل الثقة بقوله، ولا يغلب على الظن صدقه، لاحتمال أن يكون ذلك من غلطه، وتقبل شهادة من يقل منه السهو. والغلط، لأن ذلك لا يسلم منه أحد.

السادس: العدالة: وهي لغة الاستقامة، من العدل، - وهو ضد الجور، والعدالة شرعا: استواء أحواله في دينه، واعتدال أقواله وأفعاله، ودليل اشتراط العدالة في الشاهد قوله تعالى: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ وقوله: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وقد قال جمهور العلماء: إن العدالة صفة زائدة على الإسلام، وهي أن يكون ملتزما بالواجبات والمستحبات، ومجتنبا للمحرمات والمكروهات.

وقال شيح الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ورد شهادة من عرف بالكذب متفق عليها بين الفقهاء، وقال: والعدل في كل زمان ومكان وطائفة بحسبها، فيكون الشهيد في كل قوم من كان ذا عدل منهم، وإن كان لو كان في غيرهم، لكان عدله على وجه آخر، وبهذا يمكن الحكم بين الناس، وإلا، لو اعتبر في شهود كل طائفة أن لا يشهد عليهم إلا من يكون قائما بأداء الواجبات وترك المحرمات، كما كان الصحابة؛ لبطلت الشهادات. كلها أو غالبها وقال: يتوجه أن تقبل شهادة المعروفين بالصدق، وإن لم يكونوا ملتزمين للحدود، عندالضرورة، مثل: الحبس، وحوادث البدو، وأهل القرية الذين لا يوجد فيهم عدل انتهى

قال الفقهاء رحمهم الله: ويعتبر للعدالة شيئان:

أحدهما: أداء الفرائض - أي: الصلوات الخمس والجمعة بسننها الراتبة؛ فلا تقبل شهادة من داوم على ترك السنن الرواتب والوتر.

قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن يواظب على ترك سنة الصلاة: إنه رجل سوء؛ لأنه بالمداومة يكون راغبا عن السنة، وتلحقه التهمة.

وكما يعتبر أداء الفرائض يعتبر اجتناب المحارم؛ بأن لا يأتي كبيرة، ولا يدمن على صغيرة.

وقد نهى الله عن قبول شهادة القاذف، وقيس عليه كل مرتكب لكبيرة، والكبيرة ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة؛ كأكل الربا، وشهادة الزور، والزنا، والسرقة، وشرب المسكر... وغير ذلك؛ فلا تقبل شهادة الفاسق.

والثاني: استعمال المروءة - أي: الإنسانية -، وهو فعل ما يجمله ويزينه، كالسخاء، وحسن الخلق، وحسن المجاورة، واجتناب ما يدنسه ويشينه عادة من الأمور الدنيئة المزرية به؛ كالمغني، والمتمسخر، وهو الذي يأتي بما يضحك الناس من قول أو فعل.

قال الشيخ: وتحرم محاكاة الناس للضحك، ويعزر هو ومن يأمره؛ لأنه أذى.

أقول: وهذا يتناول التمثيليات اليوم، وقد أصبح الغناء في هذا الزمان من الفنون التي يشجع أهلها ويشاد بها؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله.

ومتى زالت هذه الموانع من الشخص، فبلغ الصبي، وعقل المجنون، وأسلم الكافر، وتاب الفاسق؛ قبلت شهاداتهم؛ لعدم المانع من قبولها وتوفر الشروط، والله أعلم..
ولا تقبل شهادة عمودي النسب وهم الآباء وإن علوا، والأولاد وإن سفلوا بعضهم لبعض؛ فلا تقبل شهادة الأب لابنه، ولا شهادة الابن لأبيه، للتهمة في ذلك؛ بسبب قوة القرابة بينهما.

وتقبل شهادة الأخ لأخيه، والصديق لصديقه؛ لعموم الآيات، وانتفاء التهمة.

ولا تقبل شهادة أحد الزوجين لصاحبه؛ لأن كلا منهما ينتفع بمال صاحبه، ولقوة الوصلة بينهما مما يقوي التهمة، وتقبل الشهادة عليهم من هؤلاء؛ لقوله تعالى: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فلو شهد على أبيه أو ابنه أو زوجته أو شهدت عليه؛ قبلت.

ولا تقبل شهادة من يجر إلى نفسه نفعا بتلك الشهادة أو يدفع عنها بها ضررا.

ولا تقبل شهادة عدو على عدوه.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: منعت الشريعة من قبول شهادة العدو على عدوه؛ لئلا تتخذ ذريعة إلى بلوغ غرضه من عدو بالشهادة الباطلة... انتهى.

وضابط العداوة المانعة من قبول الشهادة هنا أن من سره مساءة شخص أو غمه فرحه، فهو عدوه.

والمراد العداوة الدنيوية، أما العداوة في الدين، فليست مانعة من قبول الشهادة، فتقبل شهادة مسلم على كافر، وشهادة سني عل مبتدع، لأن الدين يمنع ارتكاب المحرم.

ولا تقبل شهادة من عرف بعصبية وإفراط في حمية لقبيلته، لحصول التهمة في ذلك.

وأما عدد الشهود؛ فهو يختلف باختلاف المشهود به:
فلا يقبل لثبوت الزنى واللواط إلا أربعة رجال؛ لقوله تعالى:
﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ولأنه مأمور فيه بالستر، ولهذا غلظ فيه النصاب.

ويقبل في إثبات عسرة من عرف بالغنى وادعى أنه فقير ثلاثة رجال؛ لحديث: «حتى تشهد ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلانا فاقة» رواه مسلم.

ويقبل لإثبات بقية الحدود غير حد الزنى كحد القذف وحد المسكر والسرقة وقطع الطريق والقصاص رجلان، ولا تقبل فيها شهادة النساء وما ليس بعقوبة ولا مال ولا يقصد به المال ويطلع عليه الرجال غالبا؛ كنكاح وطلاق ورجعة؛ يقبل فيها رجلان، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله قبول شهادة النساء على الرجعة؛ لأن حضورهن عند الرجعة أيسر من حضورهن عند كتابة الوثائق.

ويقبل في المال وما يقصد به المال، كالبيع، والأجل، والإجارة... ونحو ذلك؛ يقبل فيها رجلان، أو رجل وامرأتان، لقوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وسياق الآية الكريمة يدل على اختصاص ذلك بالأموال

- قال العلامة ابن القيم رحمه الله: اتفق المسلمون على أنه يقبل في الأموال رجل وامرأتان، وكذا توابعها من البيع والأجل فيه والخيار فيه والرهن والوصية للمعين وهبته والوقف عليه وضمان المال وإتلافه ودعوى رق مجهول النسب وتسمية المهر وتسمية عوض الخلع انتهى.

والحكمة والله أعلم في قبول شهادة المرأة في المال، أنه تكثر فيه المعاملة، ويطلع عليه الرجال والنساء غالبا، فوسع الشرع في باب ثبوته.

وقد جعل سبحانه المرأة على النصف من الرجل في عدة أحكام أحدها هذا، والثاني في الميراث، والثالث في الدية، والرابع في العقيقة، والخامس في العتق.

وقد بين سبحانه الحكمة: في ذلك بقوله: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى أي تذكرها إن ضلت، وذلك لضعف العقل؛ فلا تقوم الواحدة مقام الرجل، وفي منع قبولها بالكلية إضاعة لكثير من الحقوق وتعطيل لها، فضم إليها في الشهادة نظيرتها؛ لتذكرها إذا نسيت، فتقوم شهادة المرأتين مقام شهادة الرجل.
ويقبل أيضا في المال وما يقصد به المال أيضا رجل واحد ويمين المدعي، لقول ابن عباس:
«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد» رواه أحمد وغيره.

قال الإمام أحمد رحمه الله: مضت السنة أنه يقضى باليمين مع الشاهد.

قال ابن القيم: ولا يعارض ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «اليمين على المدعى عليه» فإن المراد به إذا لم يكن مع المدعي إلا مجرد الدعوى؛ فإنه لا يقضى له بمجرد الدعوى، فأما إذا ترجح جانبه بشاهد أو لوث أو غيره، لم يقض له بمجرد دعواه، بل بالشاهد المجتمع من ترجيح جانبه ومن اليمين... انتهى.

- وما لا يطلع عليه الرجال غالبا كعيوب النساء تحت الثياب والبكارة والثيوبة والحيض والولادة والرضاع واستهلال المولود ونحو ذلك يقبل فيه شهادة امرأة عدل؛ لحديث حذيفة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة وحدها» رواه الدارقطني وغيره، وفي إسناده مقال، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة المرأة الواحدة في الرضاع كما في الصحيحين.

| حفظ | Download , استماع | Play |
 
من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية