تفسير الإمام ابن كثير سورة لقمان من آية ٢٠ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ الإستعداد للموت قبل نزوله خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٣ إلى ٣٣٥ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٦ => القواعد النورانية الفقهية ۞ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ ثلاث مهلكات وثلات منجيات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٦ إلى ٣٣٩ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٧ => القواعد النورانية الفقهية ۞ إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم للوزير ابن هبيرة باب المضاربة من المسألة ١٤١٢ إلى ١٤١٨ => اجماع الأئمة الأربعة واختلافهم ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١ إلى ١٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١٨ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي في ساحة مسجد دار الفاروق بمدينة بلومنتون ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ إذا كَنَزَ الناسُ الذهَبَ والفِضَّةَ، فاكْنِزوا هؤلاء الكَلِماتِ خطبة الجمعة للشيخ د وليد المنيسي => خطب الجمعة ۞ من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير سورة البقرة ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ شرح كتاب تفسير للإمام إبن كثير تفسير آية ١٠٠ من سورة الكهف => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١ إلى ٦ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٧ إلى ١٣ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١٤ إلى ٢٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٢٦ إلى ٢٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٠ إلى ٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع تفسير الآيات من ٣٣ إلى ٣٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٣٦ و ٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٨ إلى ٤٠ => تفسير ابن كثير ۞ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

20- من قوله: باب في أحكام الأيمان

20- من قوله: باب في أحكام الأيمان
748 زائر
09-12-2015
صفحة جديدة 20

كتاب الأيمان والنذور

باب في أحكام الأيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

الأيمان جمع يمين، واليمين: توكيد الحكم بذكر معظم على وجه مخصوص، سمي بذلك أخذا من اليد اليمنى؛ لأن الحالف يعطي يمينه ويضرب على يمين صاحبه؛ كما في العهد والمعاقدة.

واليمين التي تجب بها الكفارة هي اليمين التي يحلف فيها باسم الله أو بصفة من صفاته، كأن يقول: والله، أو: ووجه الله، أو: وعظمته وكبريائه وجلاله وعزته ورحمته، أو: وعهده، أو: وإرادته، أو: بالقرآن، أو: بالمصحف.

والحلف بغير الله تعالى محرم، وهو شرك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا؛ فليحلف بالله أو ليصمت» متفق عليه، وقال: «ومن حلف بغير الله؛ فقد كفر أو أشرك» وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من حلف بالأمانة» رواه أبو داود.

فدلت هذه الأحاديث على تحريم الحلف بغير الله، وأنه شرك، كأن يقول: والنبي، وحياتك، والأمانة، والكعبة... وما أشبه ذلك.

قال ابن عبد البر: وهذا أمر مجمع عليه.

وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: يحرم الحلف بغير الله، وقال ابن مسعود: «لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا».

وقال الشيخ موجها كلام ابن مسعود هذا: لأن حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق، وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك... انتهى.

ويشترط لوجوب الكفارة إذا حلف بالله ثم نقض اليمين ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن تكون اليمين منعقدة، بأن يقصد الحالف عقدها على أمر مستقبل ممكن قال الله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ فدلت الآية على أن الكفارة لا تجب إلا في الأيمان المنعقدة ولا يكون العقد إلا في المستقبل من الزمان دون الماضي. لعدم إمكان البر والحنث فيه، لكن إذا حلف على أمر ماض كاذبا متعمدا، فهي اليمين الغموس؛ لأنها تغمسه في الإثم، ثم في النار، ولا كفارة فيها، لأنها أعظم من أن تكفر، وهي من الكبائر.

وإذا تلفظ باليمين بدون قصد لها؛ كما لو قال: لا والله، وبلى والله وهو لا يقصد اليمين، وإنما جرى على لسانه هذا اللفظ بدون قصد، فهو لغو، لا كفارة فيه، لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا: «اللغو في اليمين كلام الرجل في بيته: لا والله، وبلى والله» رواه أبو داود..
وكذا لو حلف عن قصد يظن صدق نفسه فبان بخلافه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكذا لو عقدها على زمن مستقبل، ظانا صدقه، فلم يكن كمن حلف على غيره يظن أنه يطيعه فلم يفعل انتهى.

الشرط الثاني: أن يحلف مختارا، فإن حلف مكرها لم تنعقد يمينه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» فدل على أن المكره على الحلف معفو عنه.

الشرط الثالث: أن يحنث فيها؛ بأن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله مختارا ذاكرا ليمينه، فإذا حنث ناسيا ليمينه أو مكرها فلا كفارة عليه؛ لأنه لا إثم عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «عفي لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»

وإن استثنى في يمينه كما لو قال: والله لأفعلن كذا إن شاء الله؛ لم يحنث في يمينه إذا نقضها، بشرط أن يقصد الاستثناء متصلا باليمين لفظا أو حكما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف فقال: إن شاء الله، لم يحنث» رواه أحمد وغيره، فإن لم يقصد الاستثناء، بل قصد بقوله: إن شاء الله: مجرد التبرك بهذا اللفظ، لا التعليق، أو لم يقل: إن شاء الله، إلا بعد مضي وقت انتهاء التلفظ باليمين. من غير عذر، لم ينفعه هذا الاستثناء، وقيل: ينفعه الاستثناء، وإن لم يرده إلا بعد الفراغ من اليمين، حتى لو قال له بعض الحاضرين: قل: إن شاء الله، نفعه. قال شيخ الإسلام: وهو الصواب

ونقض اليمين تارة يكون واجبا، وتارة يكون محرما، وتارة يكون مباحا:

فيجب نقض اليمين إذا حلف على ترك واجب؛ كما لو حلف لا يصل رحمه، أو حلف على فعل محرم؛ كما لو حلف ليشربن خمرا، فهنا يجب عليه أن ينقض يمينه، ويكفر عنها.

وقد يحرم نقض اليمين؛ كما لو حلف على ترك محرم أو فعل واجب؛ فإنه يجب عليه الوفاء باليمين، ولا يجوز له نقضها.
ويباح نقض اليمين فيما إذا حلف على فعل مباح أو على تركه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«ما حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو خير، وكفرت عن يميني» وقال عليه الصلاة والسلام: «من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينها».

ومن حرم على نفسه شيئا مباحا سوى زوجته كالطعام والشراب واللباس؛ كما لو قال: ما أحل الله علي حرام، أو قال: هذا الطعام حرام علي، فإنه لا يحرم عليه؛ فله تناوله، ويكون عليه كفارة يمين؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ إلى قوله تعالى:﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ أي: التكفير عن تحريم الحلال.

أما لو حرم زوجته؛ فإن ذلك يعتبر ظهارا، تجب فيه كفارة الظهار، ولا تكفي فيه كفارة اليمين.

ومما يجب التنبيه عليه في هذا الباب حكم الحلف بملة غير الإسلام؛ كما لو قال: هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا وكذا! أو إن لم يفعله! وهذا من الألفاظ البغيضة؛ فهذا محرم شديد التحريم، لما في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على ملة غير الإسلام كاذبا متعمدا؛ فهو كما قال» وفي رواية الإمام أحمد: «من قال: إنه بريء من الإسلام: فإن كان كاذبا؛ فهو كما قال وإن كان صادقا؛ لم يعد إلى الإسلام سالما»

نسأل الله العافية من مقالة السوء، ونسأله أن يسدد أقوالنا وأفعالنا ونياتنا؛ إنه قريب مجيب.

باب في كفارة اليمين

من رحمة الله بعباده أن شرع لهم الكفارة التي بها تحلة اليمين.
قال الله تعالى:
«قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ»
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
«إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها؛ فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك»

وكفارة اليمين فيها تخيير وفيها ترتيب، فيخير من لزمته بين إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من الطعام، أو كسوة عشرة مساكين لكل واحد منهم ثوب يجزئه في صلاته، أو عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب، فمن لم يجد شيئا من هذه الثلاثة المذكورة؛ صام ثلاثة أيام.

فتبين بهذا التفصيل أن كفارة اليمين تجمع تخييرا وترتيبا؛ تخييرا بين الإطعام والكسوة والعتق، وترتيبها بين ذلك وبين الصيام.

والدليل على هذا قول الله تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

ومعنى الآية الكريمة إجمالا أن كفارة ما عقدتم من الأيمان إذا حنثتم فيها: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم؛ أي: من خير وأمثل قوت عيالكم، أو كسوتهم مما يصح أن يصلى فيه، أو عتق رقبة، واشترط الجمهور كونها مؤمنة، وقد بدأ سبحانه وتعالى بالأسهل فالأسهل؛ فأي هذه الخصال فعل، أجزأ بالإجماع.

واشترط الجمهور في صيام ثلاثة الأيام أن تكون متتابعة، لقراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (فصيام ثلاثة أيام متتابعة).

وهنا يغلط كثير من العوام، فيظنون أنهم مخيرون بين الصيام وبين بقية خصال الكفارة، فيصومون، مع قدرتهم على الإطعام أو الكسوة، والصيام في هذه الحالة لا يجزئهم ولا يبرئ ذمتهم من كفارة اليمين؛ لأنه لا يجزئ إلا عند العجز عن الإطعام أو الكسوة أو العتق؛ فيجب التنبيه والتنبيه لمثل هذا الأمر.

ويجوز تقديم الكفارة على الحنث، ويجوز تأخيرها عنه، فإن قدمها، كانت محللة لليمين، وإن أخرها؛ كانت مكفرة له.

والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها؛ فأت الذي هو خير، وكفر: عن يمينك» فدل هذا الحديث على جواز تأخير الكفارة عن الحنث، ولأبي داود «فكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير» فدل هذا الحديث على جواز تقديم الكفارة على الحنث، فدلت الأحاديث على جواز التقديم والتأخير.

ومن السنة ومن حق الأخ على أخيه المسلم إبرار قسمه إذا أقسمه عليه، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، وإبرار القسم أو المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام».

وإن كرر الأيمان قبل التكفير على فعل واحد موجبها واحد، ثم حنث فيها؛ فعليه كفارة واحدة...

وكذا لو حلف يمينا واحدة على عدة أشياء؛ كما لو قال: والله لا آكل ولا أشرب ولا ألبس، ثم حنث في أحد من هذه الأشياء؛ فعليه كفارة واحدة، وانحلت البقية، لأنها يمين واحدة. أما إذا حلف عدة أيمان على عدة أفعال ثم حنث فيها، فعليه كفارة لكل يمين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من كرر أيمانا قبل التكفير؛ فروايات، ثالثها - وهو الصحيح -: إن كانت على فعل، فكفارة، وإلا؛ فكفارات انتهى.

وإن حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا أو مكرها أو جاهلا أنه المحلوف عليه لم يحنث، ولم تجب عليه كفارة، لقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ولأن فعل المكره غير منسوب إليه، وقد رفع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إذا حلف على إنسان قاصدا إكرامه؛ لا يحنث مطلقا، إلا إذا كان قاصدا إلزامه؛ فإنه يحنث... انتهى.

تنبيه: يقول الله تعالى بعدما ذكر كفارة اليمين: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ فأمر سبحانه بحفظ الأيمان، ومعناه عدم المسارعة إلى اليمين، أو المسارعة إلى الحنث فيها، أو أنها لا تترك بدون كفارة، وعلى كل، ففي الآية الكريمة الأمر باحترام اليمين، وعدم الاستهانة بها

ومما يجب التنبيه عليه أن بعض الناس إذا حلف؛ يحتال على مخالفة اليمين ويظن أنه بهذه الحيلة يسلم من تبعة اليمين.

وقد نبه الإمام ابن القيم رحمه الله على ذلك بقوله: ومن الحيل الباطلة: لو حلف لا يأكل هذا الرغيف، أو لا يسكن في الدار هذه السنة، أو لا يأكل هذا الطعام؛ قالوا: يأكل الرغيف ويدع منه لقمة واحدة، ويسكن السنة كلها إلا يوما واحدا، ويأكل الطعام كله إلا القدر اليسير منه ولو أنه لقمة، وهذه حيلة باطلة باردة، ومتى فعل ذلك؛ فقد أتى بحقيقة الحنث، وفعل نفس ما حلف عليه، ثم يلزم هذا المتحيل أن يجوز للمكلف كل ما نهى الشارع عن جملته، فيفعله إلا القدر اليسير منه؛ فإن البر والحنث في الأيمان نظير الطاعة والمعصية في الأمر والنهي، ولذلك لا يبرأ إلا بفعل المحلوف عليه جميعه لا يفعل بعضه كما لا يكون مطيعا إلا بفعله جميعه، ويحنث بفعل بعضه كما يعصي بفعل بعضه انتهى..

ومن الناس من يحلف على عدم فعل شيء ثم يوكل من يفعله بدلا عنه وهذا من الحيل التي لا تبرئ ذمته من تبعة اليمين؛ إلا إذا كان قاصدا عدم مباشرة فعل الشيء بنفسه؛ فله ما نوي.

وعلى كل حال؛ فشأن الأيمان شأن عظيم، لا يجوز التساهل به، ولا الاحتيال للتخلص من حكمه.

| حفظ | Download , استماع | Play |
 
من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية