تفسير الإمام ابن كثير سورة لقمان من آية ٢٠ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ الإستعداد للموت قبل نزوله خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٣ إلى ٣٣٥ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٦ => القواعد النورانية الفقهية ۞ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ ثلاث مهلكات وثلات منجيات خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام حديث ٣٣٦ إلى ٣٣٩ كتاب القصاص => تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ۞ القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٧ => القواعد النورانية الفقهية ۞ إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم للوزير ابن هبيرة باب المضاربة من المسألة ١٤١٢ إلى ١٤١٨ => اجماع الأئمة الأربعة واختلافهم ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١ إلى ١٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة السجدة من آية ١٨ إلى آخر السورة => تفسير ابن كثير ۞ فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ خطبة عيد الأضحى ١٤٤٤هـ للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي في ساحة مسجد دار الفاروق بمدينة بلومنتون ولاية مينيسوتا => خطب الجمعة ۞ وافعلوا الخير لعلكم تفلحون خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ إذا كَنَزَ الناسُ الذهَبَ والفِضَّةَ، فاكْنِزوا هؤلاء الكَلِماتِ خطبة الجمعة للشيخ د وليد المنيسي => خطب الجمعة ۞ من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير سورة البقرة ۞ من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير سورة البقرة ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير ابن كثير سورة البقرة من الآية ٢٤٠ إلى ٢٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ شرح كتاب تفسير للإمام إبن كثير تفسير آية ١٠٠ من سورة الكهف => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١ إلى ٦ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٧ إلى ١٣ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ١٤ إلى ٢٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٢٦ إلى ٢٩ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٠ إلى ٣٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع تفسير الآيات من ٣٣ إلى ٣٥ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٣٦ و ٣٧ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٣٨ إلى ٤٠ => تفسير ابن كثير ۞ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤١ إلى ٤٤ => تفسير ابن كثير ۞ كل نفس ذائقة الموت خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ المحاضرة الأولى عن الرجاء بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثانية عن قسوة القلب بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ المحاضرة الثالثة عن الصدق بالعربية مع الترجمة للإنجليزية => محاضرات بالعربية مع الترجمة للإنجليزية في مدينة سانتا كلارا في وادي السيليكون في كاليفورنيا ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب من آية ٤٥ إلى ٥٠ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب تابع آية ٥٠ و٥١ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٢ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٣و٥٤ => تفسير ابن كثير ۞ تفسير الإمام ابن كثير سورة الأحزاب آية ٥٥ و٥٦ => تفسير ابن كثير ۞ إنما المؤمنون إخوة خطبة الجمعة للشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => خطب الجمعة ۞ الدرس الأول من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثاني من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الثالث من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الرابع من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس الخامس من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞ الدرس السادس والأخير من شرح نظم فتح العلام لناظمه الشيخ د وليد بن إدريس المنيسي => فتح العلام فى نظم مسائل الأسماء والأحكام ۞

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

القائمة الرئيسية
المرئيات الأكثر زيارة
الكتب الأكثر زيارة

21- من قوله: باب في حكم حضور النساء إلى المساجد

21- من قوله: باب في حكم حضور النساء إلى المساجد
615 زائر
05-12-2015
صفحة جديدة 3

باب في حكم حضور النساء إلى المساجد

إن ديننا كامل وشامل لمصالحنا في الدنيا والآخرة، جاء بالخير للمسلمين رجالا ونساء: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فهو قد اهتم بشأن المرأة، ووضعها موضع الإكرام والاحترام، إن هي تمسكت بهديه، وتحلت بفضائله.

ومن ذلك أنه سمح لها بالحضور إلى المساجد للمشاركة في الخير من صلاة الجماعة وحضور مجالس الذكر مع الاحتشام والتزام الاحتياطات التي تبعدها عن الفتنة وتحفظ لها كرامتها. فإذا استأذنت إلى المسجد؛ كره منعها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن، وليخرجن تفلات» رواه أحمد وأبو داود..

وذلك لأن أداء الصلاة المكتوبة في جماعة فيها فضل كبير للرجال والنساء، وكذلك المشي إلى المسجد، وفي "الصحيحين" وغيرهما: «إذا استأذنت نساؤكم بالليل إلى المسجد؛ فأذنوا لهن»..

ووجه كونها تستأذن الزوج في ذلك، لأن ملازمة البيت حق للزوج، وخروجها للمسجد في تلك الحال مباح؛ فلا تترك الواجب لأجل مباح، فإذا أذن الزوج، فقد أسقط حقه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «وبيوتهن خير لهن» أي: خير لهن من الصلاة في المساجد، وذلك لأمن الفتنة بملازمتهن البيوت.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «وليخرجن تفلات» أي: غير متطيبات، وإنما أمرن بذلك؛ لئلا يفتن الرجال بطيبهن، ويصرفوا أنظارهم إليهن، فيحصل بذلك الافتتان بهن، ويلحق بالطيب ما كان بمعناه كحسن الملبس وإظهار الحلي، فإن تطيبت أو لبست ثياب زينة؛ حرم عليها ذلك، ووجب منعها من الخروج.

وفي "صحيح مسلم" وغيره: «أيما امرأة أصابت بخورا؛ فلا تشهدن معنا العشاء الأخير».

وكذلك إذا خرجت المرأة إلى المسجد؛ فلتبتعد عن مزاحمة الرجال.

-147- قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "يجب على ولي الأمر أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق ومجامع الرجال، وهو مسئول عن ذلك، والفتنة به عظيمة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء...».. إلى أن قال: "يجب عليه منعهن متزينات متجملات، ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات كالثياب الواسعة الرقاق، ومنعهن من حديث الرجال؛ أي: التحدث إليهم في الطرقات، ومنع الرجال من ذلك" انتهى.

فإذا تمسكت المرأة بآداب الإسلام من لزوم الحياء، والتستر، وترك الزينة والطيب، والابتعاد عن مخالطة الرجال، أبيح لها الخروج إلى المسجد لحضور الصلاة والاستماع للتذكير، وبقاؤها في بيتها خير لها من الخروج في تلك الحال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«وبيوتهن خير لهن»..

وأجمع المسلمون على أن صلاة المرأة في بيتها خير لها من الصلاة في المسجد؛ ابتعادا عن الفتنة، وتغليبا لجانب السلامة، وحسما لمادة الشر.

أما إذا لم تلتزم بآداب الإسلام، ولم تجتنب ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من استعمالها الزينة والطيب للخروج، فخروجها للمسجد حينئذ حرام، ويجب على وليها وذوي السلطة منعها منه. وفي "الصحيحين" من حديث «عائشة رضي الله عنها: "لو رأى (تعني: الرسول صلى الله عليه وسلم) ما رأينا، لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل»..

فخروج المرأة إلى المساجد مراعى فيه المصلحة واندفاع المفسدة، فإذا كان جانب المفسدة أعظم؛ منعت.

وإذا كان هذا الشأن في خروجها للمسجد؛ فخروجها لغير المسجد من باب أولى أن تراعى فيه الحيطة والابتعاد عن مواطن الفتنة.

-147- وإذا كان هناك اليوم قوم ينادون بخروج المرأة لمزاولة الأعمال الوظيفية كما هو شأنها في الغرب ومن هم على شاكلة الغرب؛ فإن هؤلاء يدعون إلى الفتنة، ويقودون المرأة إلى شقائها وسلب كرامتها... فالواجب إيقاف هؤلاء عند حدهم، وكف ألسنتهم وأقلامهم عن هذه الدعوى الجاهلية، وكفى ما وقعت فيه المرأة في بلاد الغرب ومن حذا حذوها من ويلات، وتورطت فيه من واقع مؤلم، تئن له مجتمعاتهم، وليكن لنا فيهم عبرة، فالسعيد من وعظ بغيره.

وليس لهؤلاء من حجة يبررون بها دعوتهم؛ إلا قولهم: إن نصف المجتمع معطل عن العمل، وبهذا يريدون أن تشارك المرأة الرجل في عمله وتزاحمه فيه جنبا إلى جنب، ونسوا أو تناسوا أو تجاهلوا ما تقوم به المرأة من عمل جليل داخل بيتها، وما تؤديه للمجتمع من خدمة عظيمة، لا يقوم بها غيرها، تناسب خلقتها، وتتمشى مع فطرتها؛ فهي الزوجة التي يسكن إليها زوجها، وهي الأم والحامل والمرضع، وهي المربية للأولاد، وهي القائمة بعمل البيت، فلو أنها أخرجت من البيت، وشاركت الرجال في أعمالهم، من ذا سيقوم بهذه الأعمال؟! إنها ستتعطل، ويومها سيفقد المجتمع نصفه الثاني؛ فماذا يغنيه النصف الباقي؟! سيختل بنيانه، وتتداعى أركانه.

إننا نقول لهؤلاء الدعاة: ثوبوا إلى رشدكم، ولا تكونوا ممن بدلوا نعمة الله كفرأ وأحلوا قومهم دار البوار، كونوا دعاة بناء ولا تكونوا دعاة هدم.

أيتها المرأة المسلمة!

تمسكي بتعاليم دينك، ولا تغرنك دعايات المضللين الذين يريدون سلب كرامتك التي بوأك منزلتها دين الإسلام، وليس غير الإسلام، ومن يبغ غير الإسلام دينا؛ فلن يقبل منه، وهو في الأخرى من الخاسرين. وفقنا الله جميعا لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة.

باب في بيان أحكام الإمامة

هذه الوظيفة الدينية المهمة التي تولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وتولاها خلفاؤه الراشدون.

وقد جاء في فضل الإمامة أحاديث كثيرة؛ منها: قوله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة» وذكر أن منهم رجلا أم قوما وهم به راضون..

وفي الحديث الآخر: «أن له من الأجر مثل أجر من صلى خلفه» ولهذا؛ كان بعض الصحابة رضي الله عنهم يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعلني إمام قومي؛ لما يعلمون في ذلك من الفضيلة والأجر.

لكن مع الأسف الشديد؛ نرى في وقتنا هذا كثيرا من طلبة العلم يرغبون عن الإمامة، ويزيدون فيها، ويتخلون عن القيام بها، إيثارا للكسل وقلة رغبة في الخير، وما هذا إلا تخذيل من الشيطان.

فالذي ينبغي لهم القيام بها بجد ونشاط واحتساب للأجر عند الله؛ فإن طلبة العلم أولى الناس بالقيام بها وبغيرها من الأعمال الصالحة.

وكلما توافرت مؤهلات الإمامة في شخص؛ كان أولى بالقيام بها ممن هو دونه، بل يتعين عليه القيام بها إذا لم يوجد غيره:

- فالأولى بالإمامة الأجود قراءة لكتاب الله تعالى، وهو الذي يجيد قراءة القرآن، بأن يعرف مخارج الحروف، ولا يلحن فيها، ويطبق قواعد القراءة من غير تكلف ولا تنطع، ويكون مع ذلك يعرف فقه صلاته وما يلزم فيها؛ كشروطها وأركانها وواجباتها ومبطلاتها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» وما ورد بمعناه من الأحاديث الصحيحة، مما يدل على أنه يقدم في الإمامة الأجود قراءة للقرآن الكريم، الذي يعلم فقه الصلاة؛ لأن الأقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يكون أفقه.

- فإذا استووا في القراءة، قدم الأفقه (أي: الأكثر فقها)؛ لجمعه بين ميزتين: القراءة والفقه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإن كانوا في القراءة سواء؛ فأعلمهم بالسنة» أي: أفقههم في دين الله، ولأن احتياج المصلي إلى الفقه أكثر من احتياجه إلى القراءة؛ لأن ما يجب في الصلاة من القراءة محصور، وما يقع فيها من الحوادث غير محصور.

- فإذا استووا في الفقه والقراءة، قدم الأقدم هجرة، والهجرة الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام.

- فإذا استووا في القراءة والفقه والهجرة؛ قدم الأكبر سنا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وليؤمكم أكبركم» متفق عليه، لأن كبر السن في الإسلام فضيلة، ولأنه أقرب إلى الخشوع وإجابة الدعاء.

والدليل على هذا الترتيب الحديث الذي رواه مسلم عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء؛ فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء؛ فأقدمهم سنا».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالفضيلة بالعلم بالكتاب والسنة، فإن استووا في العلم؛ قدم بالسبق إلى العمل الصالح، وقدم السابق باختياره إلى العمل الصالح (وهو المهاجر) على من سبق بخلق الله وهو كبر السن" انتهى.

وهناك اعتبارات يقدم أصحابها في الإمامة على من حضر ولو كان أفضل منه، وهي:

أولا: إمام المسجد الراتب إذا كان أهلا للإمامة؛ لم يجز أن يتقدم عليه غيره، ولو كان أفضل منه؛ إلا بإذنه.

ثانيا: صاحب البيت إذا كان يصلح للإمامة؛ لم يجز أن يتقدم عليه أحد في الإمامة؛ إلا بإذنه.

ثالثا: السلطان، وهو الإمام الأعظم أو نائبه، فلا يتقدم عليه أحد في الإمامة، إلا بإذنه، إذا كان يصلح للإمامة.

والدليل على تقديم أصحاب هذه الاعتبارات على غيرهم ما رواه أبو داود من قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن الرجل الرجل في بيته ولا في سلطانه».

وفي "صحيح مسلم": «ولا يؤمن الرجل الرجل في بيته ولا في سلطانه إلا بإذنه» وسلطانه محل ولايته أو ما يملكه.

قال الخطابي: "معناه: أن صاحب المنزل أولى بالإمامة في بيته إذا كان من القراءة أو العلم بمحل يمكنه أن يقيم الصلاة، وإذا كان إمام المسجد قد ولاه السلطان أو نائبه أو اتفق على تقديمه أهل المسجد؛ فهو أحق؛ لأنها ولاية خاصة، ولأن التقدم عليه يسيء الظن به، وينفر عنه".

مما تقدم يتبين لك شرف الإمامة في الصلاة وفضلها ومكانتها في الإسلام؛ لأن الإمام في الصلاة قدوة، والإمامة مرتبة شريفة؛ فهي سبق إلى الخير، وعون على الطاعة وملازمة الجماعة، وبها تعمر المساجد بالطاعة، وهي داخلة في عموم قوله تعالى فيما حكاه من دعاء عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا..

فالإمامة في الصلاة من الإمامة في الدين، ولا سيما إذا كان الإمام يبذل النصح والوعظ والتذكير لمن يحضره في المسجد، فإنه بذلك من الدعاة إلى -152- الله، الذين يجمعون بين صالح القول والعمل، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ فلا يرغب عن القيام بالإمامة إلا محروم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

باب في من لا تصح إمامته في الصلاة

إن الإمامة في الصلاة مسئولية كبرى، وكما أنها تحتاج إلى مؤهلات يجب توافرها في الإمام أو يستحب تحليه بها؛ كذلك يجب أن يكون الإمام سليما من صفات تمنعه من تسنم هذا المنصب أو تنقص أهليته له:

فلا يجوز أن يولى الفاسق إمامة الصلاة، والفاسق هو من خرج عن حد الاستقامة بارتكاب كبيرة من كبائر الذنوب التي هي دون الشرك.

والفسق نوعان: فسق عملي، وفسق اعتقادي..

فالفسق العملي: كارتكاب فاحشة الزنى، والسرقة، وشرب الخمر... ونحو ذلك.

والفسق الاعتقادي: كالرفض، والاعتزال، والتجهم.
فلا يجوز تولية إمامة الصلاة الفاسق، لأن الفاسق لا يقبل خبره..

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا فلا يؤمن على شرائط الصلاة وأحكامها، ولأنه يكون قدوة سيئة لغيره؛ ففي توليته مفاسد.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تؤمن امرأة رجلا، ولا أعرابيا مهاجرا، ولا فاجر مومنا؛ إلا أن يقهره بسلطان يخاف سوطه» رواه ابن ماجه..

والشاهد منه قوله: "ولا فاجر مؤمنا" والفجور هو العدول عن الحق. فالصلاة خلف الفاسق منهي عنها، ولا يجوز تقديره مع القدرة على ذلك؛ فيحرم على المسئولين تنصيب الفاسق إماما للصلوات؛ لأنهم مأمورون بمراعاة المصالح؛ فلا يجوز لهم أن يوقعوا الناس في صلاة مكروهة، بل قد اختلف العلماء في صحة الصلاة خلف الفاسق، وما كان كذلك؛ وجب تجنيب الناس من الوقوع فيه. ولا تصح إمامة العاجز عن ركوع أو سجود أو قعود؛ إلا بمثله؛ أي: مساويه في العجز عن ركن أو شرط، وكذا لا تصح إمامة العاجز عن القيام لقادر عليه؛ إلا إذا كان العاجز عن القيام إماما راتبا لمسجد، وعرض له عجز عن القيام يرجى زواله؛ فتجوز الصلاة خلفه، ويصلون خلفه في تلك الحال جلوسا؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك، فصلى جالسا، وصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف، قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به...».. الحديث..

وفيه: «وإذا صلى جالسا؛ فصلوا جلوسا أجمعون» وذلك لأن الإمام الراتب يحتاج إلى تقديمه.

ولو صلوا خلفه قياما أو صلى بعضهم قائما في تلك الحالة؛ صحت صلاتهم على الصحيح، وإن استخلف الإمام في تلك الحال من يصلي بهم قائما؛ فهو أحسن؛ خروجا من الخلاف، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف؛ فقد فعل الأمرين؛ بيانا للجواز، والله أعلم.
ولا تصح إمامة من حدثه دائم؛ كمن به سلس أو خروج ريح أو نحوه مستمر؛ إلا بمن هو مثله في هذه الآفة، أما الصحيح؛ فلا تصح صلاته خلفه؛ لأن في صلاته خللا غير مجبور ببدل؛ لأنه يصلي مع خروج النجاسة المنافي للطهارة، وإنما صحت صلاته للضرورة، وبمثله لتساويهما في خروج الخارج المستمر. وإن صلي خلف محدث أو متنجس ببدنه أو ثوبه أو بقعته، ولم يكونا يعلمان بتلك النجاسة أو الحدث حتى فرغ من الصلاة؛ صحت صلاة المأموم دون الإمام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
«إذا صلى الجنب بالقوم؛ أعاد صلاته، وتمت للقوم صلاتهم»
..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وبذلك مضت سنة الخلفاء الراشدين؛ فإنهم صلوا بالناس، ثم رأوا الجنابة بعد الصلاة، فأعادوا، ولم يأمروا الناس -155- بالإعادة، وإن علم الإمام أو المأموم بالحدث أو النجاسة في أثناء الصلاة؛ بطلت صلاتهم".

ولا تصح إمامة الأمي، والمراد به هنا من لا يحفظ سورة الفاتحة أو يحفظها ولكن لا يحسن قراءتها؛ كأن يلحن فيها لحنا يحيل المعنى؛ ككسر كاف (إياك)، وضم تاء (أنعمت)، وفتح همزة (اهدنا)، أو يبدل حرفا بغيره، وهو الألثغ، كمن يبدل الراء غينا أو لاما، أو السين تاء... ونحو ذلك؛ فلا تصح إمامة الأمي إلا بأمي مثله؛ لتساويهما، إذا كانوا عاجزين عن إصلاحه، فإن قدر الأمي على الإصلاح لقراءته، لم تصح صلاته ولا صلاة من صلى خلفه؛ لأنه ترك ركنا مع القدرة عليه. ويكره أن يؤم الرجل قوما أكثرهم يكرهه بحق؛ بأن تكون كراهتهم لها مبرر من نقص في دينه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الأبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون» رواه الترمذي وحسنه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا كانوا يكرهونه لأمر في دينه، مثل كذبه أو ظلمه أو جهله أو بدعته ونحو ذلك، ويحبون آخر أصلح منه في دينه؛ مثل أن يكون أصدق أو أعلم أو أدين؛ فإنه يجب أن يولى عليهم هذا الذي يحبونه، وليس لذلك الرجل الذي يكرهونه أن يؤمهم؛ كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: رجل أم قوما وهم له كارهون، ورجل لا يأتي الصلاة إلا دبارا، ورجل اعتبد محررا».

وقال أيضا: "إذا كان بينهم معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء -156- والمذاهب؛ لم ينبغ أن يؤمهم، لأن المقصود بالصلاة جماعة أن يتم الائتلاف، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تختلفوا، فتختلف قلوبكم» ا هـ.

أما إذا كان الإمام ذا دين وسنة، وكرهوه لذلك؛ لم تكره الإمامة في حقه، وإنما العتب على من كرهه. وعلى كل؛ فينبغي الائتلاف بين الإمام والمأمومين، والتعاون على البر والتقوى، وترك التشاحن والتباغض تبعا للأهواء والأغراض الشيطانية؛ فيجب على الإمام أن يراعي حق المأمومين، ولا يشق عليهم، ويحترم شعورهم، ويجب على المأمومين أن يراعوا حق الإمام، ويحترموه، وبالجملة؛ فينبغي لكل منهما أن يتحمل ما يواجهه من الآخر من بعض الانتقادات التي لا تخل بالدين والمروءة، والإنسان معرض للنقص:

ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه

هذا؛ ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

| حفظ | Download , استماع | Play |
 
من الآية ٣٤٠ إلى ٢٤٤ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٨ إلى ٢٣٩ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٥ إلى ٢٣٧ - تفسير سورة البقرة
من الآية ٢٣٣ إلى ٢٣٤ - تفسير سورة البقرة
المجلس 17 - أثر الاختلاف في القواعد الأصولية